** رغم حالة القلق غير المسبوقة انتظارا ليوم 30 يونيو وتبعاته.. وأيضا لأنه لم يعد هناك ما يقال بعد استنفاد كل ما يمكن أن يقال.. فيما يتعلق بالمخرج الوحيد من الأزمة الراهنة.. حيث لا مخرج آخر سوي الوفاق والاتفاق الفوري علي انقاذ سفينة الوطن وبأي ثمن.. وعلي أساس قاعدة "لا غالب ولا مغلوب" إلا المصلحة العليا لمصر وشعبها.. وانه لابد من قبول واحترام الآخر كما هو علي حاله.. وبكل قناعاته وأنماط حياته المتوافقة مع خصوصياتنا المجتمعية.. لا بديل عن التعايش الحتمي بين جميع طوائف وأطياف المجتمع.. علي أساس المواطنة والمشاركة العادلة الفعلية في إدارة شئون البلاد في هذه الحقبة المصيرية.. ولكن من الواضح اننا نصرخ في صحراء جرداء.. لا إنس فيها ولا جان.. رغم ذلك وأيا كان ما سيحدث في 30 يونيو وما بعده.. فإن الحياة مستمرة ولن تتوقف.. وهناك علي سبيل المثال لا الحصر عشرات الآلاف من زهرة شباب مصر وأسرهم.. استغرقتهم امتحانات الثانوية العامة التي أوشكت علي الانتهاء.. ليعقب ذلك مباشرة.. مرحلة ترقب النتيجة فتوابعها من تنسيق أو تحديد مسار ذخيرة المستقبل وفي هذا السياق نركز علي الكابوس الخانق الذي ¢يعشش¢ في عقول كم هائل من شبابنا وأسرهم ويتلاعب بها كيفما يشاء.. والنتيجة انه ينخر طموحات وطاقات وقدرات شرائح هائلة في المجتمع.. ويعوق بالتالي تقدم الأفراد والمجتمع بالتبعية. ** ويتمثل هذا ¢الكابوس¢ في معاييرنا الضيقة للنجاح والتفوق الفردي "أساس نجاح وتفوق المجتمع".. ولا جدال.. ان هذه المعايير المجحفة القاتلة للآمال والقدرات الفردية.. هي ميراث أجيال وأوضاع تاريخية واجتماعية واقتصادية ونفسية متعاقبة ممتدة عبر سنوات طويلة.. لكننا وللأسف.. نتحمل جانبا كبيرا من المسئولية عن بناء هذه الزنزانة الخانقة.. وساهمنا في تشييدها لأنفسنا بأنفسنا لنسجن فيها أحلامنا وإمكانياتنا وقدراتنا الفردية.. ما علينا.. بداخل كل منا طاقة ذاتية أو قاطرة هائلة.. تتمثل في حرص الإنسان ¢الغريزي¢ علي تحقيق الذات وتأكيد تفوقها علي الآخرين.. سواء كان ذلك عن قصد وبشكل إرادي.. أو عن غير قصد وبشكل لا إرادي.. وذلك من جانب الأفراد في كل ما يصدر عنهم ومنهم من أقوال وأفعال حقيقية.. أو من قبيل ¢الفشر¢ والمبالغة.. ومن فضل الخالق ونعمه.. انه خص كل إنسان بقدرات ومهارات يتفوق فيها علي غيره "مهارات وقدرات متنوعة.. ذهنية أو بدنية ونفسية إلخ".. لكننا في مصر والدول المماثلة.. نختزل النجاح والتفوق في التميز الدراسي فقط.. لدرجة إرساء فوارق طبقية بين الكليات الجامعية.. وتقسيمها إلي كليات القمة من طب وهندسة وصيدلة إلخ. أما فيما عدا ذلك.. وبالنسبة للطبقات المتوسطة والفقيرة بصفة خاصة.. فإن طلبة وخريجي الكليات الأخري.. لا يحظون بنفس التقدير والاحترام مثل أهل القمة.. ناهيك عن النظرة السلبية لحملة المؤهلات المتوسطة والحرفيين.. وهو ما يلقي بظلاله ¢الهدامة¢ علي نظرة هذه الشرائح لأنفسهم وتقديرهم لذاتهم.. وبالتالي انتاجهم وانتاجيتهم كأفراد ومجتمع ككل.. لابد أن يقتنع الجميع ان المتفوق أو المتميز في عمله وتخصصه.. أفضل بمراحل من آلاف الأطباء والمهندسين العاديين أو المتعثرين في عملهم.. والنماذج عديدة ومتنوعة حولنا.