أخذت تراقب شقيقة زوجها. وتتعجب من أمرها وتحاول ان تجد تفسيرا منطقياً لما يجري أمام عينيها. جاءت الزوجة الأمريكية الشابة الي مصر للمرة الأولي لزيارة أهل زوجها. في نيل الروضة بالقاهرة وأيضاً لزيارة آثار مصر الخالدة التي قرأت عنها وتمنت ان تشاهدها.. شاهدت شقيقة زوجها الصغري تذهب الي مدرستها في الصباح وتعود منها بعد الظهر وبعد قليل تحمل حقيبتها مرة أخري وتخرج من المنزل ثم تعود ثم تخرج وفي بعض الأحيان تتأخر الي قرب منتصف الليل. سألت الزوجة عما تفعله الفتاة وعن المهام الخطيرة التي تؤديها في هذه السن الصغيرة.. قالوا لها: هي طالبة في الثانوية العامة.. قالت: وما المشكلة في ذلك. - تحصل علي دروس خصوصية - ولماذا؟ هل تعاني من مشاكل في الفهم أو الاستيعاب. - هي طالبة متفوقة وحصلت في العام الماضي علي أكثر من 95%. - في أي مادة تحصل علي هذه الدروس؟ - في كل المواد. - في كل المواد؟ وماذا تفعل في المدرسة - هي تسعي للحصول علي مجموع مناسب يساعدها علي دخول الكلية التي تريدها وحدثوها عن المدارس التي تخلت عن دورها وكيف أصبحت مكانا لعقد الصفقات للدروس الخصوصية ومجموعات التقوية. - اذا لماذا تذهب الي المدرسة وتضيع وقتها؟ - حتي لا تتجاوز نسبة الغياب المقررة وتتعرض للعقوبات - وما معني مجموعات التقوية؟ - فصول دراسية مدفوعة الأجر يقولون انها اختيارية.. وهي في واقع الحال إجبارية يتم الضغط علي التلاميذ بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لدخولها. وقالت الزوجة الأمريكية: - الآن فهمت كانت الدروس الخصوصية في أول الأمر لعدد قليل من المتعثرين في دراستهم غالباً في مادة واحدة أو مادتين وأصبحت الان للجميع.. وكان المدرسون فيما مضي لا يتركون الفصل الا بعد ان يتأكدوا ان رسالتهم التعليمية وصلت الي الجميع ويكتب أولياء الأمر الي بريد القراء في الصحف يشتكون من أعباء الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية في المدارس.. ذهب أحدهم الي مدرسة ابن التلميذ بالمرحلة الاعدادية وقرر الأب سحب ملف هذا الابن المتعثر بعد ان حصل في امتحان الشهر علي درجتين من أربعين درجة في مادة العلوم وقال لمديرة المدرسة انه لا يصلح للتعليم وعليه ان يبحث عن حرفة تساعده علي كسب عيشه وقالت لماذا تضيع مستقبل الولد. - أو مثل هذا له مستقبل. قالت: أدخله مجموعة التقوية وسوف تتحسن أحواله وأخذ ولي الأمر بنصيحتها وفي الشهر الجديد كانت المفاجأة المذهلة حصل الطالب المتعثر علي 38 درجة من 40 وفي الشهور التالية حصل علي الدرجة النهائية ومجموعات التقوية اعتراف ضمني من المدارس انها لا تؤدي دورها التعليمي. قالوا عنها انها البديل الشرعي للدروس الخصوصية والحقيقة انها أحد أسباب انتشارهذه الظاهرة السلبية لأن المدرس يتفنن في تبديد وقت الحصة ويعلن عن نفسه في المجموعة ويبين مواهبه في الدروس الخصوصية ويكشف عن عبقريته في المراجعة النهائية هذا لا ينفي وجود بعض المدرسين من أصحاب الضمائر الحية ممن يقومون بواجبهم في المدارس بل ينظمون مجموعات دراسية مجانية لمساعدة غير القادرين وخسر أحد هؤلاء عمله في احدي المدارس الخاصة بسبب اخلاصه في العمل واقدامه علي أداء واجبه تجاه التلاميذ.. انتقلت عدوي الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية الي الجامعات وفتحوا لها مراكز يتلقون فيها المحاضرات نظير مبالغ خيالية يئن من هولها أولياء الأمور في طول البلاد وعرضها.. أرسلت طالبة بكلية الطب رسالة الي صفحة مع الناس تطلب مساعدتها في الحصول علي جهاز كمبيوتر يساعدها علي استكمال دراستها قالت انها تنتمي الي أسرة من ذوي الدخل المحدود وانها سوف تقترض من هذه المحاضرات من زميلاتها لمذاكرتها علي الجهاز وتحقق حلم طالبة الطب وبقي ان يتحقق حلمنا جميعا بان تعود مدارسنا وجامعاتنا الي أداء دورها وان ترحل عنها الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية.