تمثل المؤسسات النيابية المصرية ركناً مهماً من أركان "مكانة مصر" والبرلمان المصري يعد أقدم مؤسسة تشريعية في الوطن العربي والتي بدأت مع النظم التمثيلية الشورية منذ تولي محمد علي باشا للحكم ووضعه للائحة الأساسية للمجلس العالي فكانت تجربة من ضمن المحاولات الأولية التي ظهرت فيها أولي التجارب النيابية لتنظيم العلاقة بين الحاكم والشعب إلي أن جاء الخديو إسماعيل في 22 أكتوبر 1866 ليقوم بإنشاء أول برلمان نيابي تمثيلي بالمعني الحقيقي وهو "مجلس شوري النواب" وفق النمط الغربي الحديث في إقامة المؤسسات التشريعية المنتخبة والتي تقوم بتمثيل جمهور الناخبين والتعبير عن مصالحهم في مواجهة السلطة التنفيذية. وذلك تنفيذاً للفكر التحديثي الذي كان يحلم به الخديو إسماعيل من أجل إقامة الحياة النيابية السليمة التي تعبر تعبيراً حقيقياً عن مصالح وتطلعات الشعب المصري بمختلف فئاته وطوائفه. منذ ذلك الوقت وتعدل وتستبدل الدساتير سواء مع المحتل أو في ظل الملكية ثم الثورة والجمهورية وأصبح لمجلس النواب أو الشعب كما أطلق عليه الزعيم الراحل أنور السادات الذي كان يحكم باسم الشعب وللشعب. ولكن أخذ هذا المجلس منحني آخر في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك حيث تحول من مؤسسة تشريعية من أجل الشعب إلي مغارة علي بابا والأربعين حرامي الذين تخصصوا في نهب ثروات وموارد مصر من داخل هذه المغارة التي تحولت علي أيديهم إلي محل ترزي يفصل القوانين لصالحهم ولصالح طغمة حاكمة تريد ألا ترحل مطلقاً وتخطط لتوريث الحكم وتحويل الجمهورية إلي مملكة ولكن قدرة الله كانت فوق كل شيء بقيام ثورة شعبية غاضبة ضد التزوير والتوريث تطالب بالعدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة في بلد غني بالموارد الطبيعية والثروات التي إن وجدت في أي دولة في العالم لصارت دولة عظمي تتحكم في اقتصاد العالم وليس دولة فقيرة تتسول من كل دول العالم كما هو حالنا الآن في مصر. فالشعب يريد برلماناً بأقصي سرعة ممكنة يسترد مهامه وينفذ كل الصلاحيات المخولة له ليكون مدافعاً عن حقوق الشعب ومنفذاً لكل مطالب الثورة التي لم تتحقق.. لذا دعونا نلتمس العذر بعض الشيء بسبب المأزق التشريعي والدستوري الذي تسلم فيه الرئيس البلاد بعدم وجود مجلس يقر القوانين ويناقش الاتفاقيات الدولية ويعيد حق المواطن المسلوب علي مر العصور فالمجلس تنتظره مئات القوانين التي لا يصلح مجلس الشوري في إقرارها لأنه مجلس قوانين الطوارئ فقط فما قامت الثورة وما سال الدم وراح مئات الشهداء بل آلاف الشهداء والمصابين حتي الآن إلا من أجل انتخاب مجلس حقيقي يمثل الشعب بكل فئاته وأطيافه ويرد له حقوقه في عيشة كريمة مثل باقي شعوب الأرض. وهذا ليس مبرراً لأن نظل كل هذه الفترة السابقة دون مجلس يراقب ويشرع ويحارب الفساد ومجلس الشوري يعد قانون ممارسة الحقوق السياسية وقانون انتخاب مجلس النواب وترده المحكمة الدستورية العليا مرتين له مما جعلنا في ورطة دستورية فإلي متي سنظل في هذه الدوامة؟ ألا من مخرج سريع وحاسم وقاطع بتشكيل لجنة قضائية من القضاة المشهود لهم بالحيدة والنزاهة لتعديل المواد الخلافية في الدستور ووضع قانون انتخاب مجلس النواب وأيضاً حل معضلة قانون السطة القضائية فالقاضي جاء ليكون ميزان عدل الله علي الأرض وليس إلهاً منزهاً يحكم بما يري هو فقط أو يريد ألا يطبق سائر القوانين علي نفسه كما يفرضها علي الشعب فالقضاة لابد أن يخرجوا أنفسهم من الخلافات السياسية والصراعات التي لا طائل من ورائها إلا مزيد من التشتت والضعف. فيا قضاة مصر ضعوا مصلحة بلدكم فوق كل اعتبار وتنحية المصالح الشخصية جانباً واعملوا وتعاونوا مع السلطة التنفيذية للخروج من هذه المرحلة سريعاً قبل فوات الآوان ونخسر بلدنا فالحل في أيديكم اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.