مر في منتصف الشهر. يوم ذكرنا باحتلال إسرائيل لفلسطين.. .. تتوافق النكبة مع ذكري الإسراء والمعراج للمسجد الأقصي. القبلة الأولي.. فهو عام من الأحزان مضي برسولنا.. وكان الخروج هو المخرج لنفسي.. ليصلي الرسول بالمسجد الأقصي.. ليصبح حلم كل مسلم التوجه نحوه والصلاة به.. وأنا منهم.. وكنت في زيارة للأردن ضمن وفد صحفي وسرنا علي حدود فلسطين لأري السهول الخضراء وامتداد الأرض.. علي مدد البصر.. لأحلم برؤية المسجد وأزيد بل والصلاة به.. .. السيارة التي صحبتنا ضمت صحفيين زملاء من العراق.. ولبنان.. وفلسطين.. وقتها لم أفلح في مواراة دموعي وأنا أسأل زميلي العراقي عن أحوالهم.. ليرد بثبات.. الحياة تسير.. والصغار يذهبون لمدارسهم.. ورغم الدمار الذي يحوطنا.. والمنازل التي انهارت.. بقي العراقي لديه قوة وصلابة صدام.. الذي ارتدي معطفه قبل إعدامه بلحظات لأن الجو بارد فجراً.. ويخشي أن يظن الناس أنه يرتجف خوفاً!! .. أما زميل لبنان رفض مصافحة زميلتي.. قائلاً: إنه من الشيعة.. وشرح كيف انقسمت لبنان بين الشيعة والسُنَّة.. وكان العراقي من السنة.. وأنا كنت أظن العكس! .. فلا غرابة.. نحن العرب نتفرق فيما بيننا وتجمعنا الصلاة.. وتوجه القبلة الواحدة.. تحوطنا الهموم وتلملمنا الأحزان العربية.. .. حكي الفلسطيني عن الممارسات اليهودية اليومية وكيف أنهم يمارسون القمع والتفتيش.. بل يتفننون في أساليب التعذيب.. فاليوم سنركل الصغار.. وغداً النساء.. وبعدها الرجال.. ويوم للعجائز والمسنين! لكن وحدها أشجار الزيتون ما زالت علي البعد.. تثمر.. وتوحي بوجود.. ومع تدمير الغارات الإسرائيلية للمنازل.. وسقوط شهداء كل يوم.. يظل الأطفال يخرجون ألسنتهم للصهاينة.. ويقذفونهم بالحجارة.. وتربيهم الأمهات.. وكتائب عز الدين القسام.. ان القدس لهم.. وعربية يا أرض فلسطين!! إليكم.. .. وردة واحدة لإنسان علي قيد الحياة أفضل من باقة كاملة علي قبره!!