المسئولون عن تربيتنا وتعليمنا قرروا تحويلنا إلي حيوانات تجارب.. يمارسون علينا سادية العلماء في المختبرات والتي تحرق أرجل الفأر لتختبر عقارا مسكنا للالم وتصيب أرنبا بالسرطان لتقيس سرعة انتشار المرض. من قبل جعلوا الثانوية العامة سنتين ليطيلوا أمد قهرنا وتعذيبنا واستنزاف القروش القليلة التي لا تكفي بالكاد للقوت الضروري في الدروس الخصوصية والكتب الخارجية.. ثم تراجعوا.. الغوا الشهادة الابتدائية ثم اعادوها .. قرروا جعل مواد الأنشطة كالرسم والموسيقي والألعاب الرياضية مواد اساسية ضمن مواد الرسوب والنجاح متناسين أن معظم مدارسنا الحكومية إن لم تكن كلها لا تملك الحد الأدني من متطلبات التعليم ولا علاقة لها بالتربية .. وأن الحديث عن الأنشطة ترف لا تملكه مدارس يجلس تلاميذها علي الأرض ويحشر المئات منهم في فصول أشبه بعلب السردين. آخر تخريجات من قرروا تربيتنا وتعليمنا الاتجاه إلي إطالة العام الدراسي ليصبح مساويا لطول العام الدراسي في أوروبا والدول المتقدمة.. وأنا مع هذا الاقتراح الايجابي البناء.. أنا مع جعل العام الدراسي يستمر 11 شهرا في العام بل واؤيد بشدة إلغاء الاجازات السنوية ونصف السنوية.. بشرط الوصول بنظامنا التعليمي إلي واحد بالمائة من نظم التعليم في الدول التي نستشهد بها.. فهل يعلم اصحاب الاقتراح شيئا عن التعليم في الدول التي تقدمت بفضل تعليمها واصبحت تقود العالم وبعضها كان قبل سنوات في مؤخرة قائمة التخلف. في أوروبا والدول المتقدمة لا توجد دروس خصوصية .. لا توجد مذاكرة في البيت باستثناء الأيام الأخيرة من العام الدراسي أو نهاية الفصل الدراسي للمراجعة.. في النظم التعليمية المتقدمة يتحول العام الدراسي إلي متعة يتمني الطالب ألا تنتهي.. ترفيه وهوايات وأنشطة ثقافية ورحلات حقيقية وليست إلي مدينة ملاهي لركوب المراجيح.. خلال العام الدراسي يتعلم الطالب السباحة والموسيقي والتذوق الفني ويشاهد أفلاما تثقيفية ويراجع دروسه ويؤدي واجباته بمعاونة مدرسيه.. يعيش الطفل طفولته بكل المقاييس.. فالمناهج تناسب عمره والدراسة الأكاديمية لا تحتل أكثر من ثلث أو حتي نصف اليوم الدراسي.. يتعلم مهارات الحياة ويدرب علي اتخاذ القرار ويدرس عمليا كيف يعتمد علي نفسه .. اذكر هنا التجربة الألمانية كمثال اتيحت لي فرصة الإطلاع علي تفاصيله من ابناء شقيقي الذي يحمل الجنسية الألمانية والذي يدرس ابناؤه مجانا في مدارسها.. في ألمانيا لا يعرفون شيئا اسمه طوارئ الامتحانات التي نعرفها في مصر والتي تنهار خلال مواسمها حياتنا تماما.. في ألمانيا يحاسب ولي الأمر إذا أجبر ابنه علي الاستذكار في البيت فالبيت للراحة والترفيه وممارسة الحياة الاجتماعية وليس للمذاكرة التي مكانها المدرسة. هل يعلم المسئولون عن تعليمنا وتربيتنا أنه في الدول المتقدمة عندما يصل الطالب إلي العام الأخير من المرحلة التي تعادل المرحلة الثانوية عندنا وفي الأيام الأولي من العام الدراسي يتم اخطاره بالكلية التي سوف يلتحق بها والتخصص العلمي المرشح له في ضوء ملف تقييم يشمل كل شيء عن حياته الدراسية من مرحلة الروضة إلي نهاية الثانوية... هم يختارون له ما يناسب امكانياته وملكاته ورغباته وهواياته وجوانب تفوقه. هل يعلم صاحب اقتراح الاطالة أن تلاميذ الصف الرابع الابتدائي في مدارسنا الموقرة يدرسون في مناهج التربية الدينية ودروس القرآن الكريم اللعان والظهار.. وأن منهج الدراسات الاجتماعية يتضمن معلومات اتحدي أن ينجح في تذكرها حاصلون علي درجة الدكتوراه.. هل يعلم أن ما يدرسه طفل في الصف الخامس الابتدائي من مناهج هي نفس ما كنا ندرسه في المرحلتين الاعدادية والثانوية وأن المطلوب من طفل يعيش زمن البراءة أن يحفظ آلاف التواريخ ويستوعب معلومات لا تناسب عمره ولا تقدم له أي خبرة حياتية.. هل يعلم أن التعليم في مصر نوع من التعذيب والتهذيب الذي تفوق قسوته تهذيب نزلاء السجون.. هل يعلم معاليه حجم الكآبة والقهر التي يعاني منها أولياء الأمور طوال العام الدراسي وهي ظاهرة نكاد ننفرد بها عن معظم دول العالم التي تحترم ادمية ابنائها .. فهل يحتمل هؤلاء اطالة العام الدراسي. هل يعلم صاحب الاقتراح كيف ستكون معاناة أكثر من مائة وعشرين تلميذا محشورين في فصل لا يتسع لنصفهم في عز حر الصيف الذي لا يتحمل عندما تمتد الدراسة مثلا إلي شهر يوليو وربما أغسطس..هل يعلم ماذا يعني استمرار نزيف الدخول المحدودة علي الدروس الخصوصية التي اصبحت الحقيقة التعليمية الوحيدة في حياتنا لشهر أو شهرين آخرين دون فرصة لالتقاط الانفاس.. كان الأجدي من كل هذا العبث مراجعة المناهج المليئة بالحشو والتي تعلم الجهل وتكرس الغباء بدلا من اضاعة الوقت في اقتراحات عبثية وعندما نصل إلي أبنية تعليمية محترمة ومدارس مؤهلة وكافية ومناهج تناسب أعمار الطلاب وتزيد من شغفهم بالعلم وحبهم له وتكسبهم مهارات حقيقية مفيدة .. وقتها فقط فكروا في اطالة العام الدراسي إلي عشرين شهرا في العام.