الصلاة علي الكراسي من صور صلاة القاعد. وصلاة القاعد تجوز بالإجماع في حالين: الحال الأولي: العاجز عن القيام في صلاة الفريضة. أو من يجد في هذا القيام مشقة. لأن القيام ركن من أركان صلاة الفريضة. لعموم قوله تعالي: "وقوموا لله قانتين" "البقرة: 238". فإن عجز عن القيام لمرض أو غيره. وتمكن من القعود وجب عليه أن يصلي قاعداً. لما أخرجه البخاري عن عمران بن حصين. قال: كانت بي بواسير. فسألت النبي. صلي الله عليه وسلم. عن الصلاة؟ فقال: "صل قائما. فإن لم تستطع فقاعدا. فإن لم تستطع فعلي جنب" ولم يبين النبي صلي الله عليه وسلم كيفية القعود في الصلاة. فكان الأمر علي السعة سواء كان القعود علي الأرض أو كان علي الكراسي. والصلاة قعودا لا تمنع وجوب الركوع ووجوب السجود علي وجههما للقادر عليهما فإن عجز عن الركوع أو السجود إلا بمشقة أومأ إلي الأرض. وقرب وجهه إلي الأرض علي قدر طاقته. ويجعل الإيماء للسجود أخفض من ايماء الركوع. فإن رفع شيئا كالوسادة أو الخشبة أو الحجر ليسجد عليه. كما يسجد علي الأرض أجزأه عند جمهور الفقهاء. لما روي أن أم سلمة رضي الله عنها سجدت علي مخدة لرمد بها. وذهب الحنفية إلي وجوب السجود علي الأرض فان عجز فالإيماء. لما أخرجه الطبراني بسند فيه ضعيف. عن ابن عمر. أن النبي. صلي الله عليه وسلم. قال: "إن استطعت أن تسجد علي الأرض وإلا فأوميء ايماء. واجعل سجودك أخفض من ركوعك برأسك". الحال الثانية: التي يصح فيها الصلاة قعوداً: صلاة التطوع من السنن والنوافل. حتي ولو كان قادرا علي القيام بالاجماع كما ذكره ابن قدامة. لما أخرجه البخاري من حديث عمران بن حصين. قال: سألت النبي. صلي الله عليه وسلم عن صلاة الرجل وهو قاعد؟ فقال: "من صلي قائما فهو أفضل. ومن صلي قاعداًً فله نصف أجر القائم. ومن صلي نائما أي مضطجعا فله نصف أجر القاعد". وذلك من باب الترغيب في صلاة التطوع. وإذا كانت صلاة التطوع تصح قعوداًً للقادر علي القيام بنصف أجر القائم فإنه يصح له ايضا أن يأتي بالركوع وبالسجود بصفة الإيماء وليس علي وجهها المعروف مع قدرته بنصف الأجر. لأن صلاة التطوع مبناها السعة للترغيب فيها. ولأن النبي. صلي الله عليه وسلم. كان يصليها علي الراحلة. فكان يأتي بالركوع وبالسجود ايماء ضرورة. فقد أخرج البخاري عن جابر. أن النبي صلي الله عليه وسلم. كان يصلي علي راحلته حيث توجهت. فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة.