أشعلت إسرائيل منطقة الشرق الأوسط الأسبوع الماضي بعد أن شنت يومي الجمعة والأحد غارتين جويتين علي ثلاثة مواقع عسكرية في سوريا.. مدعية أنها استهدفت أسلحة كانت موجهة لحزب الله اللبناني. وقيام إسرائيل بضرب أهداف في سوريا. يعني أنها تريد تعكير صفو الربيع العربي في المنطقة.. وإشعال حرب إقليمية في أنحائها المختلفة.. الأمر الذي أثار الشكوك الدولية وتم اعتباره تطوراً مقلقاً وبمثابة تصعيد خطير في الأزمة السورية. استهدفت إحدي هذه الهجمات مركزاً للبحوث العلمية ببلدة "جمرايا" في قلب العاصمة السورية بريف دمشق. وجاء ذلك غداة هجوم جوي آخر علي شحنة أسلحة داخل الأراضي السورية قيل إنها كانت في طريقها إلي حزب الله اللبناني.. مما أسفر عن مقتل 300 جندي علي الأقل وسقوط العديد من الشهداء والجرحي في صفوف المواطنين السوريين. وتسبب ذلك أيضا في إلحاق دمار كبير في هذه المواقع والمناطق المدنية القريبة منها وذلك وفقاً لأحدث تقرير صادر عن المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتشير الهجمتان الإسرائيليتان علي الأراضي السورية إلي تغير في الموقفين الإسرائيلي والأمريكي تجاه الصراع الداخلي الدائر في سوريا وفقاً لما يقوله المراقبون الدوليون. ويوضح هؤلاء المراقبون أن إسرائيل تريد التأكيد علي استعدادها للتدخل لمنع وصول أي أسلحة إيرانية إلي حزب الله في لبنان والذي تعتبره إسرائيل من أعدائها الرئيسيين في المنطقة. ويبدو ذلك متوافقاً مع ما قاله أحد المسئولين الإسرائيليين من أن الهجمات الإسرائيلية علي ريف دمشق استهدفت مخازن لصواريخ "الفاتح 110" الإيرانية التي كانت في طريقها لحزب الله. لكن التليفزيون السوري الرسمي قال في معرض رده علي الهجوم الإسرائيلي إن "الاعتداء الإسرائيلي علي مركز البحوث في جمرايا يأتي لتخفيف الطوق عن الإرهابيين في الغوطة الشرقية بريف دمشق الذي أحكمه جيشنا الباسل تماما". وبرأي المراقبين الدوليين فإن تلك الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت سورية تزيد من مخاطر اتساع نطاق الصراع السوري إلي حرب إقليمية فكل من إيران وحزب الله الحليفين القويين لسوريا لن يقبلا بتكرار مثل تلك الهجمات في ظل الصراع الداخلي المتزايد علي الأراضي السورية. وتعليقاً علي تلك الهجمات أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن "سوريا قادرة علي مواجهة إسرائيل". وأضاف إن "الاعتداء الإسرائيلي الأخير يكشف حجم تورط الاحتلال الإسرائيلي والدول الإقليمية والغربية الداعمة له في الأحداث الجارية بسوريا". ورداً علي هذه الغارات أكد وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي أن تداعيات الأزمة السورية سوف تنعكس سلباً علي كل دول المنطقة.. قائلاً: "لا يدري أحد ماذا سيجري وما هي النتائج إذا ما رأينا الفراغ في سوريا". وأوضح صالحي أن الأزمة السورية يجب أن تحل سلمياً وبواسطة السوريين أنفسهم" علي حد قوله مؤكداً أن طهران تؤمن بوحدة الأراضي السورية وبوحدة الشعب السوري. أما وزير الدفاع الإيراني العميد أحمد وحيدي فقد أكد أن "من حق سوريا الرد علي الهجمات الإسرائيلية التي تعرضت لها". وقد هيمنت أنباء وتداعيات الغارات الإسرائيلية الأخيرة علي معظم الصحف الغربية وتناولتها بالنقد والتحليل.. فقالت إحداها إنها قد توسع نطاق الحرب التي تعصف بسوريا.. وأضافت أخري أنها تدق أجراس الإنذار في المنطقة برمتها.. وفي حين وصفتها إحدي الصحف بأنها تدل علي جرأة إسرائيل وصلابتها قالت أخري إنها تكشف عن هشاشة الدفاعات السورية وتضغط علي البيت الأبيض للتدخل وتغيير قواعد اللعبة. وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية. أن إسرائيل نقلت عبر قنوات دبلوماسية رسالة سرية إلي الرئيس السوري بشار الأسد أوضحت فيها أنها لا تنوي التدخل في الحرب الدائرة في بلاده.. وقالت إن الرسالة أكدت أن هدف الغارات الأخيرة ليس النظام السوري وإنما قواعد لحزب الله داخل سوريا كانت تحتوي علي صواريخ إيرانية. وأخيراً.. تترك الهجمات الإسرائيلية كلاً من الرئيس السوري وحليفه حزب الله في وضع صعب.. هل ينبغي أن يردوا بشكل أو بآخر؟ الجانبان يعتبران نفسيهما في طليعة زعماء المقاومة ضد إسرائيل.. لكن تكرار الهجمات الإسرائيلية علي الأراضي السورية خلال الفترة الأخيرة. يطرح تساؤلات كثيرة حول مدي استعداد القوات السورية وقدرة وسائلها الدفاعية علي صد هجمات إسرائيلية من الخارج في وقت يري البعض أن إسرائيل ربما تستغل فرصة انشغال الجيش السوري بمواجهة الأحداث الداخلية المتلاحقة لتنفيذ ما تريده من هجمات..! غير أنه من الصعب تصور أن شحنات الأسلحة الإيرانية سوف تتوقف. فالمخاطر كثيرة.. وربما قد تصل بعض شحنات الأسلحة إلي وجهتها اعتماداً علي مدي قدرات إسرائيل الاستخباراتية. لكن في هذه الحالة ستشهد الأزمة السورية تطوراً جديداً.. ولا عجب أن المحللين العسكريين الإسرائيليين المخضرمين يحذرون من خطر جر المنطقة العربية إلي حرب إقليمية لأن الصيف الساخن الطويل الموعود آخذ في الاقتراب.