أكتب اليوم في موضوع إنساني بالدرجة الأولي.. وإن كان يتصل بالتعامل مع الحيوان بالرحمة التي يفرضها ديننا الإسلامي. وتفرضها أيضا قواعد السلوك الإنساني الواجب اتباعها سواء مع بني الإنسان أو كل كائن حي. حيوانا أوطيرا أو نباتا.. أو حتي جمادا. فالموضوع الذي كشفته الحكومة الاسترالية أخيراً بقرارها بالتوقف عن تصدير الماشية إلي مصر لعدم احترام حقوق الحيوان. هو موضوع يجب أن يقلقنا جميعاً. ولا نريد أن ندخل في دوامة النفي أو الاعتراض. بل يجب أن نقبل بما عرضته شاشات التليفزيون والتي تؤكد أن الحكومة الاسترالية علي حق.. وأن لدينا بالفعل من البشر من لا يعرفون شيئاً عن حقوق الحيوان.. ولا نريد أن نتكلم عن حقوق الإنسان.. فتلك قضية أخري.. ولا يجب أن نتمادي في المزيد من الإنكار لما يحدث في المذابح الرسمية. أو تلك التي تجري بعيداً عن رقابة الدولة.. فمن الواضح. بل ومن المؤكد أن الإساءة إلي حقوق الحيوان هي المبدأ السائد فيها. وأنا أرجع هذا في المقام الأول إلي الجهل.. وعدم التربية.. وعدم التدريب.. لنسأل أنفسنا: من القائم بعملية الذبح؟ وكيف تم إعداده لهذه المهنة.. وكيف يمارسها..؟ وكيف يمارسها..؟ وهل يعرف ما فرضه ديننا الحنيف بهذا الشأن؟ إن الرسول عليه الصلاة والسلام حدد أدبيات عديدة لابد من اتباعها عند الذبح.. أولها ألا يروّع الذابح الذبيحة.. أي لا يخيفها.. ولا يظهر السكين أمامها.. ولا يذبحها أمام ذبيحة أخري.. أين هذا مما يحدث في مذابحنا.. التي يصل فيها التعدي علي الحيوان إلي حد طعنه أو كسر ساقه أو.. ولا أريد أن أسترسل في مشاهد العنف التي يتعرض لها الحيوان.. بدعوي السيطرة عليه لكي يتم ذبحه. والرسول عليه الصلاة والسلام يأمرنا أن نحد الشفرة.. حتي لا نزيد في ألم الذبيحة إذا ذبحت بسكين غير حادة.. ولا أريد أن أستطرد كذلك فيما أمرنا به الرسول.. ونحن نسعي إلي ذبح أي ذبيحة.. فما بالك بما حثنا عليه من رأفة ورحمة بالحيوان.. وتراثنا الديني مليء بالروايات الشائعة كتلك المرأة التي دخلت النار لحبسها قطة.. أو د خلت الجنة لرعايتها.. أو ذلك الرجل الذي رأي كلباً يلهث من العطش فخلع نعله ليأتي إليه بالماء من بئر.. فدخل الجنة.. كل هذا تراث ديني رائع من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام يأمرنا فيه بالرحمة بالحيوان والرأفة به.. و العناية والاهتمام به.. فأين هذا مما نراه الآن من غلظة في التعامل مع الحيوان في الشارع والبيت والمزرعة.. من الصغير.. والكبير.. وأين هذا مما نراه من قسوة لا حد لها.. في المذابح الرسمية وغير الرسمية .. من همجية وعنف وإيذاء لا حد لقسوته علي الحيوان قبل ذبحه.. وأثناء ذبحه؟! إنني أدعو الحكومة إلي الاعتراف بالخطأ وعدم المكابرة فيه.. وأدعوها علي الفور للقيام بدورات تدريبية وتوعية دينية يشارك فيها الأطباء مع علماء الأزهر لكي يعرّفوا القائمين علي الذبح بما يجب أن يقوموا به وهم يؤدون مهمتهم.. وأدعو أيضا إلي رقابة كاملة علي عملية الذبح.. فهذا هو ما ينص عليه ديننا الإسلامي.. فلماذا لا نطبق شرع الله هنا..؟ وهل شرع الله فقط هو الحدود؟