شهدت الفترة الأخيرة في كثير من دول الربيع العربي. أعمال العنف والبلطجة والسطو المسلح والسرقة والاختطاف حيث زادت أشكال العنف عامة والعنف اللفظي بشكل خاص والذي لوحظ استخدامه بصورة مكثفة.. لدرجة جعلته يجتاح كافة المجالات الحياتية بداية من الأسرة ومروراً بالشارع والمؤسسات التربوية كالمدارس والجامعات ليرمي بظلاله علي أماكن العمل والمنشآت الثقافية والرياضية فضلاً عن النقاشات والحوارات التي يتم بثها علي الفضائيات. والغريب أن كل أشكال العنف سواء اللفظي أو الجسدي خيم بظلاله علي جميع فئات المجتمع من مثقفين وأميين. مما حول الفرحة بالثورات والحريات إلي الخوف من الفوضي العارمة.. صدرت دراسات عديدة بعد الثورات العربية ربطت ما بينها وبين ازدياد العنف اللفظي. الذي يتزايد بكل أشكاله يوماً بعد يوم في مصر وتونس علي الأخص. مما يضع هذين البلدين في مربع الخطر السياسي والاجتماعي. حيث تسير الثورة المصرية والتونسية في خط متلازم بمشهد متقارب يجمع العنف بكافة أشكاله السياسية واللفظية والأخلاقية. ففي مصر.. انتشرت مؤخراً ثقافة السب واللعن. فأصبح السب اللفظي الطريقة الوحيدة التي يجدها البعض عند الاختلاف في الرأي. فيسب ويلعن ويعبر عن سخطه وإحباطه في كل مناسبة. ويتساوي في إتقان هذه المهارة المتعلمون وغير المتعلمين والمثقفون وغير المثقفين والمشتغلون بالسياسة وغير المشتغلين بها. وفي تونس.. أبرزت دراسة حول ظاهرة العنف اللفظي لدي بعض التونسيين. قام بها "المرصد الوطني للشباب" أن استعمال قاموس العنف اللفظي سواء كان ذلك نطقاً أو كتابة أو إشارة أصبح من مقومات السلوك اليومي لدي البعض يستنجد بها المتكلمون للتعبير عن مشاعرهم وأحاسيسهم عندما يعجزون "لغوياً" عن التعبير عن ذلك وبخصوص انتشار الظاهرة. بينت الدراسة أنها أكثر انتشاراً في الشارع التونسي وفي المؤسسات التربوية ووسائل النقل. من ناحية أخري. فإن استخدام الألفاظ النابية علي مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر يعد سمة جديدة من سمات العنف اللفظي في مجتمعاتنا العربية. وقد بات متداولاً علي تلك المواقع الإلكترونية. استخدام أبشع الألفاظ والأساليب القولية البذيئة للتعبير عن الآراء أو انتقاد شخص أو حدث معين. أشار أساتذة علم الاجتماع وعلم النفس السياسي. إلي أن العنف اللفظي أصبح من أخطر سلبيات الثورات والتي عاني منها الجميع وترجع أسباب هذا العنف إلي الأنظمة السابقة وعدم الاستقرار السياسي الذي أدي إلي زعزعة الوضع الاقتصادي ومن ثم انفلات الوضع الأمني والانحرافات السلوكية في بعض فئات المجتمع نتيجة توقف عجلة الإنتاج وسوء الاحوال المعيشية. أكد العلماء أن علاج هذه الظاهرة السلبية يتلخص في نشر ثقافة الحوار والتوافق الفكري والفلسفي والنظري وبث الوعي لدي المواطن وتثقيفه بمعني الديمقراطية السامي وكيفية احترام الحرية بضوابط. وقبول الاختلاف في الرأي وترسيخ مفهوم أن الاختلاف لا يؤدي إلي الخلاف أبداً.