* المعيار الحقيقي والسبب الرئيسي لتقدم أي دولة في العالم هو العلم والثقافة.. فهما العمود الفقري لأي نجاح.. والسبب المباشر لأي تخلف وتراجع هو الجهل.. والجهل ليس قاصراً فقط علي الأميين.. بل يطال بعض أصحاب الشهادات العليا أيضاً. والتي تعتبر بالنسبة لهم مجرد ورقة خالية من المضمون الحقيقي.. في خطبة الجمعة الماضية.. انبري خطيب أحد المساجد بالجيزة للهجوم علي الصحافة والصحفيين بشكل عام ومطلق.. فقد قال لا فُضَّ فوه. ومات حاسدوه: "لا أصدق أي خبر أقرأه مطلقاً في الصحف".. ثم تمادي هذا الرجل في كيل الاتهامات للصحافة بشكل فج. لدرجة أنه استشهد بالآية الكريمة: "وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون" في غير سياقها. زاعماً أن رزق الصحفيين من خلال نشر الأكاذيب.. وإذا ناقشت أحداً منهم يرد عليك قائلاً: "يا عم شغلتي كده"!! تخيلوا مدي الجهل الذي أصاب مثل هذا الرجل. للدرجة التي جعلته يستدل بآية قرآنية في غير سياقها.. لأن مناسبة نزولها وتفسيرها مختلف عما ذكره. أو يريده.. ففي صحيح مسلم عن ابن عباس قال: "مطر الناس علي عهد النبي "صلي الله عليه وسلم".. فقال النبي: أصبح من الناس شاكر. ومنهم كافر. قالوا: هذه رحمة الله. وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا.. قال: فنزلت هذه الآية". وعنه أيضاً.. أن النبي "صلي الله عليه وسلم" خرج في سفر فعطشوا.. فقال النبي "صلي الله عليه وسلم": "أرأيتم إن دعوت الله لكم فسقيتم لعلكم تقولون: هذا المطر بنوء كذا؟!.. فقالوا: يا رسول الله ما هذا بحين الأنواء. فصلي ركعتين. ودعا ربه. فهاجت ريح. ثم هاجت سحابة. فمطروا.. فمر النبي "صلي الله عليه وسلم" ومعه أصحابه برجل يغترف بقدح له وهو يقول: سُقينا بنوء كذا. ولم يقل هذا رزق من الله.. فنزلت الآية الكريمة: "وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون". أعلم جيداً أن القرآن الكريم يصلح لكل زمان ووقت لأنه شامل وجامع.. لكن هذه الآية التي ذكرها الشيخ لا تصلح للمقام الذي يريدها فيه.. كما أن إطلاق الكلام علي عواهنه. وإلقاء التهم جزافاً لا يصح.. والشيء المحزن أن نسمع مثل هذا الكلام العبثي من رجل دين.. المفترض أن يكون أكثر حكمة وعلماً حتي لا يزيد الأمور سوءاً واحتقاناً بجهله.. وصدق من قال إن العلم نور. يجب علي وزارة الأوقاف أن تفرض عقوبات صارمة علي مثل هذا الشيخ الذي يسيء للإسلام ولرجل الدين بشكل عام. ** كلمة لابد منها: عجباً لمن يظن أن بإمكانه التحليق بلا أجنحة.. أو خوض الحروب والانتصار فيها بلا أسلحة..