أحداث المشيخة والكاتدرائية خلال أسبوع هل هي صدفة أم أن هناك نوايا خبيثة مبيتة لضرب كل ما هو معتدل ووسطي ويشع سماحة ومحبة؟! لن نقول أصابع تلعب وإنما أذرع طويلة تنفذ خططاً جهنمية رسمها شياطين الإنس "لفرمطة" الرءوس المعتدلة وتغيير "سوفت وير" المنظومة الطيبة المنيرة والمستنيرة. بأخري تبث ظلاماً في العقول وسواداً وغلظة في القلوب. مشيخة الأزهر كانت البداية. فاكتشف الطامعون والطامحون أن جحافل غزاتهم قد انكسرت علي بواباتها. وكانت المفاجأة أن المسيحيين وقفوا مع إخوانهم المسلمين لصد الهجمة التتارية عن الحصن الحصين الذي حمي مصر وكان "الفنارة" والمنارة للكون كله لأكثر من ألف عام.. المهمة بالتالي غاية في الصعوبة فالمسلمون والمسيحيون وقفوا صفاً واحداً كالبنيان المرصوص يفدون الأزهر بالروح والدم.. لكن لا يأس مع صاحب النفس الطويل المصر علي تنفيذ الخطة.. كان الحل في فك اللحمة والرباط المقدس بين مسلمي ومسيحيي مصر.. أشعلوا نيران الفتنة في النسيج الواحد.. ألقوا كرة اللهب في الخصوص.. كانت المفاجأة الصادمة أن المسلمين من سكان القرية وقفوا مع إخوانهم المسيحيين وشدوا من أزرهم ونادوا من قلوبهم أن انتبهوا إنه من عمل الشيطان. إنه لنا ولكم عدو مضل مبين. ولأن الشياطين لم تحقق كامل حلمها في الخصوص راحت تنفث سمها وتنفخ نيرانها في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية واختاروا التوقيت المناسب.. وقت الصلاة علي ضحايا الفتنة وخروج جنازتهم.. فكانت الصدمة أن المسلمين كانوا مع إخوانهم المسيحيين داخل الكاتدرائية وأن النيران التي أرادوها أن تحرق قد صهرتهم في بوتقة المصير الواحد والوطن الواحد والعيش الواحد "2*1"! المراقبون الواعون يحذرون: غارات التتار والمجوس والمهلهلة قلوبهم ستتكرر. وإذا كانوا قد فشلوا هذه المرة فالإصرار قائم والترصد مبيت والشعار غاية في البساطة "لازم ندوش الدوشة بدوشة أدوش منها علشان ما تدوشناش".. فالاعتدال دوشة. ووحدة الصف كارثة حيث تأبي الرماح إذا اجتمعن تكسرا. وإذا افترقن تكسرت آحادا. ويبقي السؤال من هم هؤلاء الذين ينفخون في الحبة لكي تصبح قبة.. ومن الذين يفتعلون الأزمات لكي يحتكروا المتاجرة فيها؟ أم الكوارث أن الكل يتبادل الاتهامات ويقسم بأغلظ الايمان أن الفريق الآخر هو صاحب المصلحة في ذلك لكننا حتي الآن لم نر بأعيننا من هو اللهو الخفي الذي يمسك "بريموت كنترول الخراب". ويحرك الدنيا يميناً ويساراً ويجعل لون أيامنا سوادا. وكأن هناك من له كامل المصلحة في أن تنحدر أحوالنا كل يوم من سيئ إلي أسوأ!! أبجديات حقوقنا أن نعرف من هم الذين يلعبون في "مصارين" البلد.. معارضون. مؤيدون.. من الداخل أو من الخارج. كل هذا لا يهم.. الأهم نفسي ومني عيني بل هي أمنية غالية عند "80 مليون" مواطن مصري أن يشير لنا أحد علي الفاعل الحقيقي. الذي يضرب ويحرق ويخرب ويفجر قنابل الفتن.. لا نريد الصبية الصغار الذين يتم ضبطهم في مسرح كل جريمة ثم نكتشف أن الحكاية "فشوش".. نريد أن نري كبيرهم الذي علمهم السحر. وكبارهم الذين يلقون حبالهم وعصيهم حتي تلدغنا ثعابينهم وتسممنا أفكارهم.. اكتشفوهم حتي نعرف الطيب من الخبيث.. إن كانت الرئاسة والحكومة وجماعة الإخوان.. عندها دليل عن أصحاب "طاقية الإخفا" من المعارضين فلتقدمه بدلاً من حدوتة قبل النوم وحكاية أبو رجل مسلوخة التي نسمعها كل ليلة.. علي الوجه الآخر إن كان عند المعارضة يفيد بأن المؤيدين والموالاة مهما كانت اسماؤهم وصفاتهم ومواقعهم فليقولوا. فالفاعل والمحرض والمخطط سواء كان من هنا أو من هناك. ومهما كان لونه واسم فصيله هو في النهاية عدو مصر وعدو الثورة وقمة استمتاعه أن يري شرايين البلد تنزف دما وغربان الخراب تنعق وتحلق فوق أطلالها. بالدليل والبرهان نريد أن نعرف من هم نافخو الكير الذين ينفخون في مستصغر الشرر حتي تصبح نارا تحرق قلوبنا علي مصر.. من الذي يفجر قنابل الدخان ويلقي بمولوتوف المشاكل حتي يختنق الناس بدلاً من أن يتنسموا عبير الثورة.. من الذي يدعم ويساند نافخ الكير. ويتعقب ويلاحق بائع المسك.. من يفعلها أمام الاتحادية. وفي المقطم. وقصر العيني وماسبيرو ومحمد محمود وبورسعيد والسويس والإسكندرية والمحلة؟ معقولة؟ أكثر من عامين. وعندنا في اليوم الواحد "1000" كارثة في الصفيحة ولم نر ملفاً واحداً يفتح لمجرم حقيقي. أو لجماعة أو حزب أو جبهة أو فصيل أو تنظيم ويقول لنا أحد أو حتي يشير لنا بأصبع من الأصابع بما يفيد أن هذا هو الفاعل. خذوه فغلوه وفي ميدان التحرير أحرقوه لأنه سارق الثورة. إن كنا لا نعرفهم فتلك مصيبة. وإذا كنا نعرف ونصمت فالمصيبة أعظم ونحن بذلك شياطين خرس فلا خير فيكم إن لم تقولوها.. الحكاية إذن فيها إنّ وعلامات تعجب لم نكشفهم حتي الآن أو بمعني آخر لا يريد البعض أن يكشفهم حتي تظل قطعان الذئاب تهاجم المدينة والكفر والنجع وتعيث في محافظات مصر فساداً. وصل الأمر أن هؤلاء إذا لم يجدوا مشكلة اخترعوها ونفخوها واستثمروها الاستثمار الأمثل. علي سبيل المثال لا الحصر: "حكاية تسمم طلاب جامعة الأزهر".. الطلاب رأيتهم في منطقة مدينة نصر يعبرون عن غضبهم مما حدث لزملائهم بمنتهي السلمية والتحضر.. فقط أرادوا توصيل الرسالة دون أن يشوبها أي شكل من أشكال العنف.. لكن هذا لا يروق لتجار ومستثمري الأزمات وهواة النفخ في المزمار حتي تخرج الثعابين والحيات من شقوقها.. عطس الشيطان في المكان.. تحركت الزلازل وفارت البراكين. واندس من يقول "الشيخ لازم يرحل"! والشيخ هو الدكتور الطيب والرجل لكي يرحل لابد وأن ينادي منادي الفتنة وسط جموع الغاضبين أن اذهبوا إلي المشيخة واقتحموها فالسمكة تفسد من الرأس. لكن رئيس الجامعة ومدير المدن الجامعية ومسئولي التغذية مجرد أذناب! هنا اتضح الأمر وظهرت النوايا السوداء المبيتة. فالحكاية ليست أرز بالدود ودجاج فاسد وتسمم طلاب المدينة الجامعية. فوراء الأكمة خطط جهنمية. والمشكلة الحقيقية ليست دودة في الأرز ودبانة في الشوربة وإنما قلوب من الأزهر "معبية ومليانة"! باختصار خطف الأزهر هو المطلوب. فهو حجر عثرة أمام من يريدون التطرف منهجاً والتخلف فكراً واسلوباً. وهذا بالمناسبة قدر الأزهر دائماً. فالغزاة كل الغزاة يولون وجوههم شطره. ليس حباً وإنما قلق لأن الناس معلقة قلوبهم به وبأئمته وعلمائه. وبالتالي فالحل أن يسيطروا عليه وأن يطفئوا نوره بأفواههم وأفعالهم.. فالأزهر ومنذ أن بناه جوهر الصقلي عام "972" ميلادية وهو مستهدف وبالتالي نضاله مع الغزوات والهجمات ومؤامرات التهميش يزيد علي "1041 عاماً". ولكن لماذا الأزهر؟ الاجابة غاية في البساطة . فهو منبر الوسطية والاعتدال والاستنارة في مصر والعالم. بالإضافة الي ذلك علماؤه شوكة في ظهر كل مستبد وكل من يفصل الدنيا علي مقاسه وهواه.. الإمام الثاني عشر للأزهر منذ حوالي 220 عاماً وقف أمام مراد بك وإبراهيم بك حينما فرضا علي الشعب المصري ضرائب ومكوسا باهظة مما اضطر مراد بك إلي التراجع وتم كتابة وثيقة وقع عليها الشيخ والوالي العثماني بعدم فرض أي ضرائب إلا بموافقة الشعب وفي الضرورة القصوي. شيوخ الأزهر دائماً يعتزون بالله ويثقون في أنفسهم دون مبالاة لرضي أو غضب أصحاب السلطة.. الشيخ إبراهيم الباجوري شيخ الأزهر كان له درس دائماً يحضره عباس الأول. وعندما كان يدخل علي الدرس فإن الشيخ لا يقوم بل يشير إليه بالجلوس فيجلس مع الدارسين. أيضاً هناك الحكاية الشهيرة للشيخ النقراشي. فقد ذهب الخديوي توفيق إلي الأزهر. فهرع إليه بعض الشيوخ لمصافحته وتقبيل يده. فأعطي كل واحد منهم كيساً من الذهب. لكن الشيخ النقراشي بقي مسنداً ظهره إلي "العمود" وممدداً رجليه. فاندهش الخديوي من أمره. وكان أول شئ فعله بعد مغادرته المكان أن أرسل مندوباً عنه إلي الشيخ يسأله لماذا لم تقم إلي الخديوي وتصافحه فتتسلم كيس الذهب.. فرد الإمام بكل ثقة: "اذهب إلي سيدك وقل له إن الذي يمد رجليه لا يمد يديه". والمؤامرات علي الأزهر مستمرة إن لم يكن لالغائه فعلي الأقل لتقليص دوره وكان أول شئ فعله الإنجليز هو سد المنابع التي تفرخ طلاباً يدخلون الأزهر. فقرروا إلغاء الكتاتيب والسخرية من علماء الأزهر للنزول بمكانتهم في نفوس الشعب.. ولكن الأزهر يظل صامداً وعلماؤه شامخين رءوسهم تناطح السحاب. ودائماً يظهر هناك من يتفنن في إضعاف دوره وتقليص امكانياته فقد أراد البعض تخفيض ميزانية الأزهر لمصلحة زيادة ميزانية التربية والتعليم. فاعترض الإمام المراغي قائلاً: "تقتير هنا وتبذير هناك". وقدم استقالته وكتب فيها: "إن لم يزد الأزهر في عهدي. فلن ينقص". هل فهمتم معي لماذا يريدون الأزهر. ولماذا يتفننون في اثارة وغضب حارسه الأمين الشيخ الطيب حتي يترك لهم المكان؟ لكن الشيخ لن تلين له قناة. والأزهر لن يسلم أو يستسلم فالعدوان عليه علي مدار أكثر من قرن من الزمان أصقله وزاده صلابة وقوة.. وكأن الإنسان والجماد يتحالفان معاً لصد "تحريف الغاليين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين". لذلك أقول لكل من يحاولون اطفاء أنوار الوسطية والاعتدال بأفواههم: محاولاتكم فاشلة. في المشيخة والكاتدرائية.. في المساجد والكنائس فالمسلمون والمسيحيون منصهرون معاً في قلب رجل واحد. فإذا أردتم أن تنفذوا فلن تنفذوا إلا بسلطان كلمة السر التي تفك الشفرة وتسمح لكم بالدخول: "الله واحد".. "الله محبة".. ويا ناس يا شر من وحدة الهلال والصليب لا مفر.