تمر السنوات ولكن تبقي هناك مناسبات وأيام لا تنسي. وإحتفالات ننتظرها من عام لآخر نجدد فيها الأمل وتترابط فيها أواصر المحبة. نحتفل معاً في أول جمعة من شهر ابريل من كل عام بيوم عزيز علينا ألا وهو يوم اليتيم. وهنا لا أقصد فقط من فقد الوالد والسند. وإنما كل من يحمل هوية مجهول النسب وكل من يعاني أبوة جاحدة. وكل من خرج ليواجه حياته ولم يجد له أبا رحيماً أو أماً حانية. إن ألم اليتم لا يمكن أن نعبر عنه بكلمات. ولا أحد يستطيع أن يصفه إلا من عاشه وشعر به. ولقد قدم الإسلام الأيتام للمجتمع في أفضل صورة شهدتها الانسانية وأشادت بها كل المجتمعات الحضارية. فهو لم يقدمهم علي أنهم شريحة اجتماعية أقل قدراً من غيرهم. بل رسم لهم صورة إيمانية تسمو علي كل الارتباطات المادية والدنيوية. يقول تعالي: "إن تخالطوهم فإخوانكم". عظيم أن نحتفل كلنا بالأيتام ويتم تكريمهم في يومهم هذا. وتقام من اجلهم العديد من الأنشطة الترفيهية والاجتماعية. لكن من المؤسف أن تنتهي صلاتنا ومودتنا بانتهاء هذا اليوم. ويفعل الكثير من الناس والذين شغلتهم أموالهم وبنوهم عن دوام القرب منهم وإكرامهم وتخفيف معاناتهم ورسم الابتسامة علي هذه الوجوه الصغيرة. يتعامل كثير منا مع واجبه نحو الأيتام من الناحية المادية فقط. ويكتفي بمبلغ شهري يدفعة إلي إحدي الجمعيات التي تكفل الأيتام.ويعتقد في نفسه أنه بذلك قد أدي واجبه وما عليه. ناسيا من غير قصد بأننا لو دفعنا كل أموال الدنيا ليتيم واحد فقط فلن يعوضه ذلك عن فقد والديه أو أحدهما. وأن الأديان السماوية لم تطالبنا فقط بالكفالة المادية بقدر ما حثتنا علي الجانبين النفسي والمعنوي. لذا يجب علينا جميعاً الاستمرار في البحث عن الأيتام ومتابعتهم ومعرفة أحوالهم أولاً بأول ومعاونتهم ومساندتهم وكفالتهم ماديا ومعنوياً قدر المستطاع. علي مؤسسات المجتمع المدني المعنية والجهات المختصة بالدولة الاهتمام برعاية الأطفال. وغيرهم من ذاقوا مرارة اليتم في وجود أبوين تخليا عن بنوتهما لهؤلاء الأطفال الذين يجوبون الشوارع ويتسولون الطعام والمأوي وذلك لإنقاذهم ومنع تحولهم إلي مجرمين وتوفير الأمن والأمان لهم بأماكن تؤويهم ومدارس تعيد تأهيلهم حتي يصبحوا صالحين لأنفسهم ولمجتمعهم. إننا لا نريد أن نتظاهر بأشياء نتكلم عنها فقط ويكون واقعنا مخالفا تماماً. ولابد أن نتساءل عن عدد الأسر ذات العائد الواحد. وماذا قدمنا لهم بجانب تلك الاحتفالات. ولا أدري كيف يكون عندنا يتيم محتاج في ظل الأعداد الفلكية للجمعيات الأهلية. وللأسف لا تجد منها من يقوم برعاية هذه الفئة الخاصة بحق سوي القليل. بل ماذا تفعل الدولة رسمياً لليتيم علي مستوي التعليم والرعاية الصحية. وكم مؤسسة تعليمية تقوم بفعل حقيقي تجاه هؤلاء الأيتام. لذا يحزنني أن أقول إننا بحق لا نعرف حتي الآن ماذا يحتاج اليتيم؟