في الوقت الذي تعاني منه ثاني أقدم هيئة سكك حديدية في العالم من العجز وقلة الحيلة في تدبير الموارد المالية ودائماً ما تجد من ارتداء الجلباب الأسود ومد يديها.. تطلب الصدقة والعون من هنا ومن هناك للخروج من عثراتها فإن الهيئة تلقي بخبرة أبنائها وثرواتها النادرة تحت الثري حياً. علي مدي 80 عاماً ومنذ المؤتمر الدولي للسكك الحديدية في يناير 1933 وطرح فكرة إنشاء أول متحف للسكك الحديدية بالشرق الأوسط.. بمصر.. وحتي اليوم لم يظهر مسئول جرئ يتخذ القرار لتفعيل المتحف ويكون مصدراً للدخل المالي.. خاصة أنه ينفرد دون العالم بضم أكثر من 700 نموذج للجرارات والعربات ومجموعات كبيرة من الوثائق والخرائط النادرة والعديد من الدراسات لأقصي ما يمكن الإلمام به من وسائل النقل في العصر الحديث والعصور الماضية بالاضافة لشخصيات مهمة من سائقين وفنيين ومسئولين.. وتمتلك هيئة سكك حديد مصر كميات طائلة من المجلدات والكتب التاريخية والفنية والمراجع والوثائق ذات القيمة الفنية والتاريخية النادرة. وما يثير العجب والدهشة امتلاك الهيئة المسكينة التي تحصد بفقرها أرواح المصريين أصولاً يسهل استثمارها وأقدم وسائل النقل منذ فجر التاريخ وخاصة عند قدماء المصريين والتي توضح كيف كان الفراعنة ينقلون تمثالاً يزن 60 طناً وآخر يبين وسائل المواصلات والنقل في عهد الإغريق والرومان.. ومجموعات كبيرة من النماذج توضح تطور القطارات الأولي في العالم ومصر من بينها أول فكرة لقاطرات ظهرت في العالم عام 1783 وأول قاطرة سارت بمصر عام ..1854 وقاطرة بالحجم الطبيعي مشطورة إلي شطرين تبين جميع الأجزاء الداخلية للقاطرة.. وعدة عربات لقطارات حقيقية من بينها عربة قطار سعيد باشا.. والعربة التي تم صنعها للملك فاروق عند ولادته لكن يبدو أن هيئة السكة الحديد قررت بدلاً من عرضها للسائحين والدارسين لتكون مصدراً للدخل القومي رأت تكفينها ودفنها تحت الثري. لم تقتصر كنوز سكك حديد مصر علي القطارات فقط بل تمتلك كميات كبيرة من نماذج القاطرات والعربات والصالونات التي توضح تطور السكك الحديدية بمصر منذ إنشائها عام 1854 وحتي أحدث القاطرات الديزل الكهربائي وأجهزة الإشارات القديمة والحديثة علي مختلف الخطوط لتجنب الحوادث التي تحصد الآن أرواح المصريين كل يوم. يقول مصدر مسئول بهيئة السكة الحديد إن الهيئة تمتلك آثاراً نادرة لا توجد في العالم سوي في مصر من بينها مجموعة المجلدات الأصلية "ونر" عن السكك الحديدية في مصر والعالم. يضيف أنه في أكتوبر 2010 تم اسناد مناقصة ترميم متحف السكة الحديد وعرض مقتنياته الثمينة لإحدي شركات المقاولات الكبري لوضعه علي الخطة البحثية ليكون أكبر متحف عالمي لما به من محتويات نادرة لا يوجد مثلها في العالم من بينها ماكيت "ماتيووري" وهي فكرة قاطرة بخارية وكما أكد العلماء الإنجليز إنها لا توجد في متحف "يورك" بانجلترا!!!! وكان ذلك بقرار جرئ من المهندس محمود سامي رئيس الهيئة الأسبق.. وليكون أحد المصادر المالية التي تساعد الهيئة في الخروج من عثرتها.. لكن سرعان ما ذهب الحلم مع الريح وتظل تلك الآثار والمقتنيات الفريدة والنادرة حبيسة الأكفنة تحت الثري وكأنها كتب عليها أن تدفن مع أصحابها.. وتظل سكك حديد مصر تمد يديها تتلقي الصدقات للخروج من عثرتها.