التاريخ يحدثنا عن الشعوب التي استطاعت أن تبني أوطانها وترتقي بمجتمعاتها في كل المجالات سواء الاقتصادية منها أو الثقافية والعلمية.. فنجد بلاداً قد دمرتها الحروب كألمانيا واليابان وغيرها من البلدان التي تعرضت لانتكاسات رهيبة أعادتها إلي نقطة الصفر ولكنها استطاعت في خلال سنوات قليلة أن تعيد بناء كيانها مرة ثانية اعتماداً علي كلمة السر أو المفتاح السحري لكل بدايات الانطلاق وهي تتلخص في الإرادة.. فبالإدارة يمكن تحقيق كل الأهداف التي قد تبدو مستحيلة أمام صعوبة العراقيل المادية والمعنوية سواء التي يفرضها الواقع أو المفتعلة بتعمد صريح.. فبالنسبة لتاريخنا الحديث لدينا صفحات بارزة تؤكد أهمية الإرادة المشروطة بصدق النوايا الوطنية كما حدث في حفر مجري قناة السويس الذي ننعم اليوم بخيرات مواردها المادية والجغرافية وأيضاً مصانع الحديد والصلب والسد العالي وحرب أكتوبر ومواكبة التطور في مواصلات كمترو الأنفاق وغيرها من العاملات المضيئة في حياتنا التي اعتمدت أولاً وأخيراً علي مفهوم الإرادة التي نفتقدها الآن بسبب عشوائية الأهداف وفوضي الانتماءات في ظل شعب يتناحر بالنميمة والإداعاءات المتسلطة وكيف يمكن لمجتمع ما أن يتقدم خطوة واحدة نحو التقدم وهو يعاني الانقسامات سواء في الآراء أو الاتجاهات أو الأهداف والذي سيجرفنا إلي طريق غير آمن اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً أيضاً.. نحن اليوم في حاجة إلي سواعد أبناء مصر الشرفاء لإنقاذ البلد من الانهيار الاقتصادي.. فحزمة المشاكل التي تواجهها مصر تفوق أية دولة مهما كان اقتصادها.. ويجب أن نكف عن النغمة السائدة الآن بأن اقتصادنا ينهار وبأننا في انتظار المعونات الخارجية أو استعادة الأموال المنهوبة.. فما أحوجنا اليوم لأن نستعيد ونستفر إرادتنا من جديد لكي نحقق أهدافنا القومية بعيداً عن الصراعات والخلافات المغرضة والتي ستؤدي إلي الخراب والانهيار الذي سينال من المجتمع فمصرنا الغالية تمتلك كل المقومات التي تمكنها من أن تستعيد ريادتها في أسرع وقت وأن تنجو باقتصادها قبل هاوية الضعف والاحتياج.. فما أكثر أراضينا الصالحة للزراعة التي تكفي احتياجاتنا وتؤمن غذاءنا وما أكثر سواعدنا الشبابية التي يمكنها أن تبني المصانع وتديرها بكل اقتدار دون الحاجة إلي أية معونات استفزازية.. وعبقرية علمائنا الذين انتشروا في بقاع الأرض يحملون مشاعل العلم باختراعاتهم التي أفادت المجتمعات كلها.. وما أروع مناخنا الطبيعي الذي حبانا الله به وهو العامل الأساسي لقوة الدفع السياحية بالإضافة إلي ما نمتلكه من آثار التي طالما أبهرت العالم وأماكن مقدسة تهفو إليها قلوب البشرية بدءاً من جبل موسي ورحلة العائلة المقدسة ومساجدنا الطاهرة التي لها مكانة خاصة في قلوبنا وقلوب كل المسلمين وكذلك الكنائس ذات الطراز الروماني والذي تهفو إليها قلوب الأقباط.. فلابدمن الآن وليس من الغد أن نتكاتف معاً من أجل بناء وطننا الغالي كل واحد في موقعه وتخصصه لاستعادة مكانة مصرنا الحبيبة في المكانة التي تستحقها بجدارة لما تملكه من مقومات فكرية وبشرية وموارد اقتصادية لم تكن مستغلة استغلالاً صحيحاً فمصرنا أبداً لن تضام ولن تسقط.. نحن فقط ينقصنا الإرادة فلنتحد ونتكاتف نحو هدف قومي مشترك وإذا عزمنا فلنتوكل علي الله وسيأتي الخير بإذن الله عن قريب.