رغم أن مباراة مصر وزيمبابوي قد مر عليها أربعة أيام إلا أنها تستحق الوقوف عندها وبكثير من التحليل والقراءة كونها تمثل لقاء مفصليا يقترب بالمنتخب القومي من الوصول إلي المحطة الأخيرة والحاسمة في مشوار التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم المقرر إقامتها بالبرازيل العام المقبل. ولكي يغلف تحليلنا بالمنطق والعلم علينا أولا أن نتناول التشكيلة التي بدأ بها الجهاز الفني بقيادة الأمريكي بوب برادلي المباراة وما لها وما عليها وفق الأداء الذي قدمه المنتخب في هذا اللقاء فالفريق بدأ بالحارس عبدالواحد السيد ورباعي خط الدفاع المكون من أحمد المحمدي ووائل جمعة ومحمد نجيب وشديد قناوي ولعب باثنين كلاعبي ارتكاز بخط الوسط وهما حسني عبدربه ومحمد النني وأمامهما الثلاثي محمد صلاح ومحمد أبوتريكة ومحمد ابراهيم كثلاثي متقدم في وسط الملعب فيما لعب جدو في مركز المهاجم الصريح. وقد كشفت هذه التشكيلة وجود قصور كبير في عدد ليس بالقليل في كل خط من خطوط الفريق الأمر الذي أدي إلي غياب التفاهم والانسجام من ناحية وكثرة الأخطاء سواء في التمركز الدفاعي أو البطء الشديد في التغطية والمراقبة والانقضاض علي مهاجمي زيمبابوي الذين كشفوا المنتخب في العديد من المواقف خاصة عند الهجمات المرتدة السريعة التي قابلها بطء شديد في ارتداد لاعبي المنتخب خاصة لاعبي الارتكاز حسني والنني وسيطرة البطء الشديد علي العلاقة بين وائل جمعة ومحمد نجيب ناهيك عن الأخطاء البدائية للمدافعين عند تشتيت الكرة.. وكم مرة نري تلك الأخطاء سواء من المحمدي أو نجيب وأحيانا شديد قناوي. ** الأمر الآخر يتعلق بأسلوب الأداء المتشابه بين حسني عبدربه والنني في ارتكاز خط الوسط خاصة من ناحية البطء في بناء الهجمات والارتداد أيضا وإن كان حسني أكثر ايجابية من النني في استغلال الانضمام للجانب الهجومي حسب مقتضيات وسير اللقاء وهنا كنت أتصور أن وجود حسام عاشور بجانب حسني عبدربه كان الأفضل لقدرة حسام عاشور الأعلي علي تنوع اللعب بدلا من الأسلوب الكلاسيكي للنني والذي يحتاج إلي تطوير. ** الأمر الآخر يتعلق بأحمد المحمدي الذي لم يستفد من قدراته الهائلة خاصة جانب السرعة في الانطلاق والتمريرات العرضية وبالتالي لم يساهم في بناء جبهة قوية مع محمد صلاح كانت كفيلة بحسم نتيجة اللقاء مبكرا وهز شباك زيمبابوي أكثر من مرة في الوقت الذي تحسنت فيه هذه الجبهة كثيرا بعد نزول أحمد فتحي الذي فتح شهية محمد صلاح الذي اختلف أدائه في الشكل والمضمون عن الشوط الأول. ** ولو تكلمنا علي الشق الهجوم للمنتخب بداية من أبوتريكة ومحمد ابراهيم وجدو بعد أن تكلمنا عن محمد صلاح أستطيع القول أن برادلي أحسن صنعا باستمرار أبوتريكة في الملعب لأنه شعر أن الفريق يحتاج إلي لاعب موهوب ذي رؤية ثاقبة يستطيع من خلاله أن يفك طلاسم دفاع زيمبابوي وحارس مرماه المغرور واشنطن.. أما محمد ابراهيم فقد غلب عليه اللعب الفردي والأنانية التي ساهمت كثيرا في إفشال العديد من هجمات المنتخب من الناحية اليسري علاوة علي عدم وجود رابط قوي بينه وبين شديد قناوي لفتح جبهة قوية من الناحية اليسري وكنت أتصور أن عبدالله السعيد كان الأفضل في هذا المركز بل والأفضل من هذا وذاك أن يلعب جدو في هذا المكان الذي عرفناه من خلاله ويلعب أحمد حسن مكي أو السيد حمدي كمهاجم صريح.. صحيح دفع برادلي بأحمد جعفر متفائلا بارتفاع مستواه في الدوري المحلي لكن وضح أن مثل هذه المباريات التي يحيطها الضغوط من كل جانب تحتاج لأصحاب الخبرة حتي لا نفقد أحمد جعفر مستقبلا. تعامل الجهاز الفني بواقعية من خلال التصريحات التي أطلقها برادلي عقب المباراة عندما قال إنه سعيد بالنتيجة وغاضب من الأداء وهذا كلام منطقي لأن التصفيات النهائية لن ترحم وسوف نقابل أحد الفرق القوية في القارة السمراء بإذن الله في مباراتين حاسمتين ذهابا وإيابا وبالتالي علي الجهاز الفني أن يعيد بناء حساباته من جديد خاصة فيما يتعلق بترميم خط الدفاع الذي إذا استمر علي هذا الحال فقد يمثل كارثة ونفس الشيء بالنسبة للاعبي الارتكاز بخط الوسط ومعهم لاعب الوسط المهاجم من الجبهة اليسري حتي يعتمد المنتخب علي جانبين يستطيعان تمشيط أي دفاع علاوة علي مهاجم صريح يجيد التحركات داخل الصندوق واستغلال أنصاف الفرص. ** الأمر الآخر والهام يتعلق بالأخطاء الكثيرة في عملية التمرير والتسليم والتسلم والتي تجهض العديد من الهجمات وفي نفس الوقت تمثل خطورة علي دفاعات المنتخب وهناك أمر آخر مهم يتعلق بضرورة الدفاع من مكان متقدم بالجزء الأخير من ملعب المنتخب حتي ينجح رباعي خط الدفاع في إبعاد مهاجمي الفريق المنافس عند المنطقة الخطرة لمرمانا. ** أما الشيء الأخير فيتعلق بشخصية المنتخب الذي أتمني أن تعود له من حيث الأداء والانضباط التكتيكي ناهيك عن العوامل الإرادية التي يتمتع بها اللاعب المصري ولا يمكن المزايدة عليها. ** وأيضا لابد أن نقول إن المنتخب سوف يزداد صلابة بعودة وليد سليمان وحسام غالي وتبقي عملية البحث عن مدافع بجانب وائل جمعة ضرورة ملحة.