اللمم هو الصغير من الذنوب أو التافه من الأعمال التي لا تنفك عن الانسان غالبا. أي ما يشق التحرز منه فأكثر الناس يقعون فيه مثل معاودة النظرة العابرة للعورة المحرمة ونحوها. وأصل اللمم: الجمع تقول: لم الشيء لماً أي جمعه جمعا شديدا. ويقال: لم الله شعثه أي جمع ما تفرق من أموره وأصلحه وألم بالقوم وعليهم أي نزل بهم ما لا يقدرون علي دفعه وفي الآية الكريمة إشارة إلي ان الله تعالي يغفر الذنوب الصغائر التي لا يتحرز عنها انسان غالبا. يقول الله تعالي في سورة النجم: "ولله ما في السموات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسني. الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلي بمن اتقي" "النجم: 31. 32". ففي هاتين الآيتين الكريمتين يخبرنا الله تعالي انه مالك السموات والأرض وانه الغني عما سواه الحاكم في خلقه بالعدل والرحمة فجعل قانون الحكم انه يجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسني. أي يجازي كلاً بعمله ان خيرا فخير وان شرا فشر. ثم فسر المحسنين بأنهم الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش أي لا يتعاطون المحرمات الكبائر وان وقع منهم بعض الصغائر فإنه يغفر لهم ويستر عليهم كما قال الله تعالي في سورة النساء "إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما" "الآية: 31" وقوله "الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم" يقول ابن كثير: وهذا استثناء منقطع لأن اللمم من صغائر الذنوب ومحقرات الأعمال وهو ما روي عن أبي هريرة. وقال ابن عباس: معني إلا اللمم أي إلا ما سلف ومضي قبل الاسلام أو قبل الرشد. وعن ابن عباس قال في معني اللمم: أي الذي يلم بالذنب من الكبائر مرة واحدة ولا يعود إليه أبدا. فإن أتي بالفاحشة مرة ثانية في حياته لم تكن لمما. أما ان وقع الانسان في الخطيئة مرة واحدة فلم يكررها كانت لمماً وفي هذا رحمة من الله تعالي بخلقه. ولذلك عقب علي ذلك بقوله "إن ربك واسع المغفرة" أي رحمته وسعت كل شيء. ومغفرته تسع الذنوب كلها لمن تاب منها ولم يقع فيها ثانية وانما كانت مغفرته للذنب الأول لأن الانسان بطبعه يميل إلي الاكتشاف بنفسه ولو كان في ذلك عصيان. كما قال: "هو أعلم بكم إذا أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقي".