إن الإنسان ليصاب بالحسرة. عندما يمسك بقلمه ليكتب بالحبر.. عن الدماء.. تلك الدماء الزكية التي تراق. وأصبح ثمنها أرخص من هذا الحبر. وينتابني الأسي علي الذين يدفعون هؤلاء الشباب الطاهر. حتي يموتوا بدم بارد أو ساخن. وهم قابعون في مؤتمراتهم وندواتهم وأمام الميكروفونات. وخلف الشاشات. ليتاجروا بأرواح المساكين. بعد أن تزهق نفوسهم حسرات. لتراهم يبدأون في الصراخ والعويل. ليس حزناً عليهم ولا ندماً علي أنهم هم المتسببون في قتلهم. وإنما ليحصلوا علي مكاسب سياسية رخيصة. ويستولوا علي كرسي الحكم الملعون. والناظر لأعداد القتلي. سواء في بورسعيد أو السويس أو حتي القاهرة.. يتأكد يقيناً أن أعمدة الفساد مازالت هي التي تسيطر بالفعل علي كل مفاصل البلد. وما حدث في مترو الأنفاق وعلي كوبري أكتوبر. لدليل واضح ومؤكد أنهم يعرفون كيف يشلون حركة البلد بأكملها. مع محاولة حرق مبني السكة الحديد. وتعطيل كافة خطوط الوجهين البحري والقبلي. وقطع الطريق السريع الزراعي. مع كافة أنواع التخريب والترويع في بقية محافظات الجمهورية. وأنا لا أدري عن أي ديمقراطية يتكلم هؤلاء. وهم الذين يبتزوننا بمص دماء الأبرياء. والمتاجرة بأرواحهم. ثم نري دموع التماسيح في أعينهم.. وإما عودة الفوضي. والقفز علي كرسي الرئاسة. وبعدها يجربون في الشعب ما شاءوا. فيسجنوا الآلاف. ويبطشوا بالآلاف. وتدمر الثورة. ويضيع دم الشهداء هباءً. وكله في حب الكرسي يهون! لقد اتضحت أبعاد المشهد بعد أن فشلت كل الأبواق المدمرة في الوصول إلي رجل الشارع. وبعد أن تأكدوا يقيناً بأنهم خاسرون لا محالة في أي انتخابات قادمة. فهؤلاء لا يمكنهم الوصول إلي الحكم إلا بالانقلاب والدمار. وتجربتهم الناصرية بكل أوجاعها ودمائها وسجونها وتعذيبها وإرهابها وخرابها وهزائمها.. خير شاهد علي ذلك.. يساندهم في ذلك إعلام مزور. وفضائيات جاهزة بتزيين الباطل مع اتهامات "معلبة" لكل فصائل التيار الإسلامي.. بداية من العمالة والتطرف والإرهاب. وانتهاءً ببيع مصر لقطر! ورغم أن الزمن تغير. ومرت ستون سنة علي عهود الظلام والخراب والهزائم. إلا أنهم يأبون إلا أن يعودوا بنا إلي الوراء. مستغلين جو الفساد الذي هيمن علي حياتنا. والعديد من رجال الأعمال الذين نهبوا خيراتنا. ويريدون أن تستمر "الميغة".. لأن وجود حكم نظيف وطاهر وعادل.. يعني انتهاء مملكتهم الفاسدة.. في ظل سلطة حاكمة أياديها مرتعشة. وأعداء متربصين وأشقاء يتمنون لنا الفشل في كل لحظة. أخيراً.. أين الدولة وهيبتها وقوتها وردعها. لكل هؤلاء الذين يشعلونها ناراً. ويريدونها دماراً وخراباً ورماداً.. أما آن لنا أن نعرف أننا في دولة.. أم أن المطلوب إما الانهزام أو الانكسار.. أو العودة إلي غياهب الظلام مرة أخري. تحت حكم الديكتاتور المطلق؟ ** ألا لعنة الله علي كل من فكر ودبر واستغل وابتز الشباب والدماء والعقول..