يقول الله تعالي "يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم" "الحجرات: 12" فهذا تقبيح للغيبة وتغليظ في النهي عنها حتي حكي القرطبي الإجماع علي ان الغيبة من الكبائر وذهب الغزالي وبعض الشافعية إلي انها من المحرمات غير الكبائر. وقد جاء تفسير الغيبة في حديث أخرجه مسلم عن أبي هريرة ان النبي صلي الله عليه وسلم قال "أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم فقال صلي الله عليه وسلم "ذكر أخاك بما يكره" قيل: يا رسول الله أفرأيت ان كان في أخي ما أقول؟ فقال صلي الله عليه وسلم "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته" قوله: بهته من البهتان وهو الظلم والافتراء بغير حق سواء كان ذلك لمن يعرفه أو لمن لا يعرفه. وأخرج أبوداود عن عائشة انها قالت للنبي صلي الله عليه وسلم: حسبك من صفية كذا وكذا يعني قصيرة فقال صلي الله عليه وسلم "لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته". قال الإمام أبو حامد الغزالي: تقع الغيبة بذكر المرء بما يكره سواء كان في بدن الشخص أو دينه أو دنياه أو نفسه أو خلقه أو ماله أو والده أو ولده أو زوجه أو خادمه أو حركته أو بالإشارة فكل ذلك ونحوه من الغيبة المحرمة ولا يستثني من ذلك إلا ما له عذر شرعي كالاستفتاء أو التظلم لما أخرجه الشيخان عن عائشة ان هند أم معاوية جاءت تشتكي زوجها لرسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت: ان أبا سفيان رجل شحيح فهل عليّ جناح ان آخذ من ماله سرا؟ فقال صلي الله عليه وسلم "خذي انت وبنوك ما يكفيك بالمعروف". ومن الأعذار الشرعية في الغيبة: ذكر العيب الخلقي بقصد التعريف وليس بقصد الإهانة أو الانتقاص كما تقول: فلان الأسمر. أو فلان الأعرج لعموم قوله تعالي: "وما جعل عليكم في الدين من حرج" "الحج 87".