"إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا" بيت شعر شهير لأمير الشعراء أحمد شوقي. أرانا في أشد الحاجة إليه في هذه الأيام بعد أن تداخلت الأمور وتشابكت المواقف واختلط "الحابل بالنابل" كما يقولون. فبعد اندلاع الثورة شهد المجتمع المصري للأسف تراجعا كبيرا في القيم والأخلاق والمباديء التي تربينا عليها جميعا وزالت الكثير من الحواجز والاعتبارات بدعوي حرية الرأي والابداع. أنا شخصيا أراها فوضي وانفلاتاً أخلاقياً وإنسانياً أكثر منها حرية كما يدعون أو يقولون فأي حرية هذه التي تجعل التلميذ ينكر فضل معلمه والأخ يتطاول علي أخيه والصاحب والزميل يتجاهل رفيق رحلة الكفاح والعمل بل ويتطاول عليه. بل ووصل الأمر إلي ان الكثير من هؤلاء الجحوديين يريد القفز علي زملائه وان يرثهم في حياتهم ونسوا ان الأمر لله من قبل ومن بعد ولن يحصل أي شخص منا علي أي مصلحة أو منفعة ما لم يكتبها الله له. أجدادنا قالوا قديما "من ليس له كبير يشتري له كبير" وها نحن ننسي ونريد هدم كل القيم والأخلاق التي تعلمناها والمهم فقط مصلحتي وأنا ومن بعد الطوفان. وللأسف كانت النتيجة الحتمية والواقعية لهذا الانفلات الأخلاقي ما نعانيه اليوم من تراجع اقتصادي وأمني وسياسي. فبالأخلاق كما قال شوقي تحيا الأمم وتتقدم وهو ما أكده الإمام والشيخ محمد عبده عند زيارته لباريس وقال عبارته الشهيرة: "انني أري إسلام بلا مسلمين" ويقصد الأخلاق الحميدة لمن رآهم رغم انهم غير مسلمين. المؤكد أيضا ان الانتاج والعمل لن ينصلح في أي موقع أو مؤسسة ما لم تنصلح أخلاق وقيم أبنائها. فالعامل أو الموظف لن يؤدي المهمة المكلف بها طالما يفتقد للأخلاق الحميدة وتغيب عنه روح الإيثار. وكذلك الأمر بالنسبة للتاجر والمستثمر والعالم والمخترع والضابط والصحفي وغيرهم من فئات المجتمع. وحتي لا يفهمني البعض خطأ. فالعيب ليس في الثورة التي أبهرت العالم كما قلنا كثيرا ولكن العيب كل العيب في بعض الفئات والأشخاص الذين اسقطت عنهم الثورة ورقة التوت التي كانوا يخفون وراءها أخلاقهم وطباعهم الدنيئة ومثل هؤلاء يجب أن نكشفهم ونواجههم والا ننساق أمام رغباتهم الخبيثة وأفكارهم الشيطانية التي ستدمر كل شيء والأهم يجب علينا ألا ننخدع بشعاراتهم البراقة لدعم الثورة وانقاذها والتي يأخذونها ستاراً لإخفاء أغراضهم وتنفيذ مخططاتهم الشيطانية كما ذكرت للنيل من القيم والأخلاق في المجتمع والمهم أولاً وأخيراً تحقيق مصالحهم وأهدافهم الشخصية. في النهاية أذكر نفسي أولا وهؤلاء بما قاله المولي عز وجل في كتابه الكريم عن الأخلاق وحسن معاملة الآخرين حينما قال سبحانه وتعالي مخاطباً رسوله صلي الله عليه وسلم: "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك" وقال أيضا: "وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين" وقال الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم: "ليس منا من لا يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا" صدق الله العظيم ورسوله الكريم.