أجمع الفقهاء علي وجوب الزكاة في المواشي أو الانعام من الإبل والبقر والجاموس والغنم والماعز في الجملة. وذلك بشروط خاصة. بعض هذه الشروط محل اتفاق وبعضها الآخر محل اختلاف. أما الشروط المتفق عليها لوجوب الزكاة في المواشي. فمن أهمها: "1" بلوغ النصاب. وهو الحد الأدني من عدد رءوس الماشية. وهذا العدد يختلف باختلاف نوع الماشية وتصاعد الأعداد. وفي الجملة نقول من أجل البيان: لا يقل العدد في الغنم أو الماعز عن أربعين. ولا يقل العدد في البقر أو الجاموس عن ثلاثين. ولا يقل العدد في الإبل عن خمسة. "2" ومن الشروط المتفق عليها أيضاً: حولان الحول. أي مرور سنة قمرية علي امتلاك النصاب. أما الشروط المختلف فيها لوجوب الزكاة في المواشي. فمن أهمها: أن يكون امتلاكها علي صفة السوم وليس علي صفة العلف» لأن الماشية السائمة وهي التي ترعي مجاناً من مخلفات الحقول. أو من الأعشاب غير المملوكة لأحد والتي تنمو بغير تكلفة مادية. فصاحبها لا ينفق عليها أكثر من استئجار راع لها. بخلاف الماشية المعلوفة فإن صاحبها يطعمها من علف يشتريه علي نفقته. فهي مكلفة. وما يخرج من ألبانها وأصوافها لا يغطي غالباً نفقات أعلافها. وقد أجمع الفقهاء علي وجوب الزكاة في البهائم السائمة في الجملة. ولكنهم اختلفوا في وجوب الزكاة في البهائم المعلوفة. علي مذهبين: المذهب الأول: يري أنه لا زكاة في البهائم المعلوفة التي تأكل علي نفقة صاحبها. وهو قول الجمهور. ذهب إليه الحنفية والشافعية والحنابلة. وحجتهم: أن الأحاديث الآمرة بإخراج الزكاة في البهائم قاصرة علي البهائم الموصوفة بالسوم. فكانت البهائم المعلوفة عفواً لا زكاة فيها» لأن الإيجاب يحتاج إلي دليل ولا يوجد. خاصة وأن البهائم المعلوفة ليس فيها نماء كالبهائم السائمة. وقد أخرج البخاري من حديث آنس. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "في صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين ففيها شاة إلي عشرين ومائة". المذهب الثاني: يري أن الزكاة واجبة في البهائم المعلوفة والسائمة علي السواء. وهو مذهب الإمام مالك وأهل المدينة وبه قال ابن حزم الظاهري. وحجتهم: أن الأحاديث الآمرة بإخراج الزكاة في البهائم قد وردت في بعض ألفاظها مطلقة دون التقيد بوصف السوم. ومن ذلك ما أخرجه البخاري من حديث أنس. وفيه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "في كل خمس من الإبل شاة فإذا بلغت خمساً وعشرين إلي خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض". كما قالوا بوجوب الزكاة في المعلوفة قياساً علي السائمة. والأرفق بمربي الماشية هو ما ذهب إليه الجمهور أصحاب المذهب الأول القائلون بأن الزكاة تجب في البهائم السائمة دون المعلوفة» لأن العلف يأكل النماء. والزكاة لا تكون إلا عن غني. كما ورد فيما أخرجه الشيخان عن ابن عباس. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل حين بعثه إلي اليمين: "أخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد علي فقرائهم". فإذا أراد صاحب البهائم المعلوفة أن يزكيها فهذا حقه إن شاء. وصدق الله حيث يقول: "ما علي المحسنين من سبيل" "التوبة: 91".