عرفنا أن الأضاحى شعيرة دينية منذ عهد سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ لتكريم الإنسان وفدائه ببهيمة الأنعام عندما يُحكم عليه بالقتل، وتظل رمزاً تذكيرياً فى عيد الأضحى الذى يراه الحنفية، وأحد القولين للمالكية، واجباً على المستطيع ويراه الجمهور سنة دينية. ويشترط لصحة الأضحية شرائط كثيرة ذكرنا منها شرطين، ونستكمل أهمها فيما يلى: (3) أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام: (الإبل - البقر - الجاموس - الغنم - الماعز)؛ لقوله تعالى: «ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام» (الحج: 34). ويتعلق بهذا الشرط أن الشاة تجزئ عن واحد والبدنة أو البقرة عن سبعة عند الجمهور لما أخرجه مسلم عن جابر قال: «نحرنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة». وقال المالكية: لا يجزئ الاشتراك فى اللحم أو الثمن لا فى البقر ولا فى الإبل وإن كان يجوز الاشتراك فى الثواب كمن ينوى فى أضحيته إشراك غيره معه فى الثواب وليس فى ثمنها؛ لما روى عن ابن عمر قال: «لا تجزئ نفس واحدة عن سبعة». (4) أن تبلغ البهيمة سن التضحية؛ لما أخرجه مسلم من حديث جابر أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: «لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن»، يقول النووى: المسنة من كل الأنعام هى الثنية فما فوقها. واتفق الفقهاء على أن المقصود بالثنية من الإبل هو ما بلغ خمس سنين. واختلفوا فى تفسير الثنية من البقر والجاموس على قولين؛ حيث ذهب المالكية إلى أنه ما بلغ ثلاث سنين. وذهب الجمهور إلى أنه ما بلغ سنتين. كما اختلف الفقهاء فى تفسير الثنية من الماعز على قولين؛ حيث ذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أنه ما أتم سنة، وذهب الشافعى إلى أنه ما أتم سنتين. كما اختلف الفقهاء فى تفسير الجذعة من الضأن (الغنم) على قولين؛ حيث ذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه ما أتم ستة أشهر، وذهب المالكية والشافعية إلى أنه ما أتم سنة. (5) أن تكون البهيمة سليمة من العيوب الفاحشة التى تنقص اللحم؛ لما أخرجه أبوداود والترمذى وحسنه من حديث البراء بن عازب أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: «أربع لا يجوز فى الضحايا: العوراء البين عورها والعرجاء البين عرجها والمريضة البين مرضها والعجفاء التى لا تنقى». (6) أن تكون الأضحية فى وقتها المشروع. وقد اتفق الفقهاء فى الجملة على أن أول وقت الأضحية هو يوم النحر العاشر من ذى الحجة، بعد صلاة العيد أو إذا مضى وقتها. وأما نهاية وقت الأضحية فقد اختلف فيه الفقهاء على مذهبين؛ المذهب الأول: يرى أن أيام التضحية ثلاثة هى يوم العيد واليومان الأولان من أيام التشريق. وهو مذهب الجمهور قال به الحنفية والمالكية والحنابلة فى المشهور. وحجتهم: ما روى عن عمر وعلى وأبى هريرة وأنس وابن عباس أنهم قالوا إن أيام النحر ثلاثة، وهذا لا يكون منهم إلا عن توقيف لحسن الظن بهم أنهم لا يتكلمون فى الدين إلا بدليل. المذهب الثانى: يرى أن أيام التضحية أربعة تنتهى بغروب شمس رابع أيام العيد أو ثالث أيام التشريق. وهو مذهب الشافعية ورواية للحنابلة واختاره ابن تيمية. وحجتهم: ما أخرجه أحمد وابن حبان برجال ثقات عن جبير بن مطعم أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: «كل أيام التشريق ذبح». والله الهادى إلى سواء السبيل.