عشرات البلاغات تتربص بأصحاب الرأي فيحالون اليوم للتحقيق بتهمة لم تخطر لهم علي بال هي "ازدراء الأديان".. وهناك تهم أخري مثل العيب في ذات الأكابر. وكل ما يدخل السجن أو يثير الخوف. فتقصف الأقلام. صدقوني ان تلك المحاولات تعطل المسيرة وتسيء للحكام ولا تجدي مع الرأي العام. أصبح المصورون ألد الأعداء. فهم يسجلون بما لا يدع مجالا للشك كل التجاوزات ويرصدون الجرائم. فاستحقوا القتل العمد. بعد أن لم يعد كافياً تكسير الكاميرات والاعتداء علي من يحملها. ثم يأتي الدور علي "الكاريكاتير" والزميلة "دعاء العدل" تستدعي للتحقيق في نيابة شمال الجيزة ببلاغ من أحد المحامين يقول انه شاهد رسماً بريشتها عن رجل وسيدة تحت شجرة تفاح. بينما شخص ثالث يقول لهما: ما هو لو كنتوا قلتو "نعم" زي حالاتي مكنتوش طلعتوا من الجنة.. يتهم المحامي المنتمي إلي الجماعات الإسلامية الرسامة الصحفية الواعدة "دعاء" بأنها تقصد "آدم وحواء" وقصة الخروج من الجنة. مما يعتبره ازدراء للإسلام. أما ما جاء علي خاطر "دعاء" فهو الشيوخ الذين أعلنوا في القنوات الفضائية ومن فوق منابر المساجد ان "نعم" تدخل الجنة و"لا" تدخل النار. ربما تأثر الاتهام برأي الإسلاميين في المرأة. وما سبق رسمه عن شيخ لحيته طويلة ممتدة بحيث تطول فم فتاة يكتم صوتها ليمنعها من التعبير.. تحية "لشاهندة مقلد" بعد اصابتها في "الاتحادية" وذلك انهم يرون صوت المرأة "عورة". يصفه المتضامنون مع "دعاء" بأنه "ثورة". من بين الرسوم الكاريكاتيرية لدعاء: مليونية تطبيق الشريعة في التحرير يرفع فيها المتظاهرون أعلاماً غريبة. سوداء. خضراء. صعيدية.. واحد فقط يحمل علم مصر.. أخيرا لقينا واحد مصري!.. وكاريكاتير عن تصنيف شهداء "الاتحادية": هذا في النار وآخر في الجنة! استحقت "دعاء العدل" جائزة التفوق الصحفي من نقابة الصحفيين. وتقديرالقراء واحترامهم. يلخص الموقف والمستقبل رسام الكاريكاتير البرازيلي "لاتوف" المهتم بشئون منطقتنا العربية وثورات الربيع: شيخ متجهم يحارب بالسيف فتاة محجبة لا تملك سوي القلم. وترسم فنانة شابة "مني عبدالعاطي" كاريكاتيرا تتوعد فيه: "سأبدل القلم الرقيق بخنجر والأغنيات بطعنة نجلاء". سلاح توجيه الاتهامات قديم. عرفناه مؤخرا أيام "حسني مبارك" حيث تباري وتطوع أو من صدرت إليه التعليمات الخفية بإطلاق الرصاص "القانوني" علي من يرفع صوته: ولم نتأكد ان كان الحبس أرحم من "علقة" علي الطريق للصحفيين مع رسالة واضحة "علشان ما تطولشي لسانك علي أسيادك"؟!. وقد جاء وقت تخصص فيه أفراد من المحامين يسمون أنفسهم إسلاميين بمطاردة أصحاب الفكر والاجتهاد فاضطروهم لمغادرة البلاد وفرقوا بين الرجل وزوجه بعد أن حكموا بكفره!.. ولم نتأكد إن كان النفي أرحم من قتل الدكتور "فرج فودة" بالرصاص أو طعن "نجيب محفوظ" بسلاح أبيض؟!. تاريخ طويل يمتد إلي قرون مضت ولم تفلح محاولات السلطة الغاشمة أن تخرس الأصوات. سمع الوالي أن شيخا من العباد "الزهاد المصريين" قال في دروسه للناس: "لو أن معي عشرة أسهم لرميت الصليبيين بواحد ورميت حكامنا بتسعة.. فسأله: "هل قلت ذلك؟".. قال: لم أقل هذا؟.. قال: إذن ماذا قلت؟.. أجابه: قلت لو معي عشرة أسهم لرميتكم وحاشيتكم بتسعة ورميت العاشر فيهم أيضا.. غضب الوالي وأمر بقطع لحمه قطعة قطعة حتي يموت.. والشيخ يقرأ القرآن. نسي التاريخ اسم الوالي وذكر اسم "ابن محمد بن سهل". لو أن الذين سبقوا. قصفوا الأقلام علي مر الزمن. ينجح اليوم الذين يفسدون في الأرض!!