قدر دموع الرئيس أوباما التي سالت حزناً وألماً عقب المذبحة المروعة التي وقعت هذا الأسبوع في مدرسة بولاية أمريكية وراح ضحيتها 28 قتيلاً بينهم 18 طفلاً. الإنسان إنسان.. والمفترض أن إنسانية الإنسان لا تتجزأ ولا تتأثر بالجغرافيا أو بعوامل التعرية. بالتالي فالطبيعي من الإنسان الطبيعي أن مقتل أطفال أمريكا يفزعه ويقض مضجعه. وأن مقتل أطفال فلسطين وسوريا ولبنان يؤلمه أيضاً ولا يغمض له جفن. لكن دموع أوباما وسابق السابقين من الرؤساء الأمريكيين "تحت الطلب". "تسح وتنح" علي أطفال أمريكا وإسرائيل فقط.. غدة الدموع عندهم مضبوطة علي موجة أمريكا وإسرائيل.. يتألمون وترفرف قلوبهم كالطير المذبوح إذا انجرح صبي أمريكي. أو إذا تعثرت دابة في إسرائيل. لكن مقتل كل أطفال العرب لا يحرك في داخلهم ساكناً ولا يستفز غدة الدمع لديهم. الرئيس الأمريكي. الإنسان لم يستطع مغالبة دموعه قطع كل شيء وراح يلقي بياناً إلي الأمة الأمريكية وهو "ينهنه" مؤكداً أن قلوب الأمريكيين تحطمت بسبب المجزرة. مطالباً بتنحية السياسة جانباً والقيام بعمل جاد لمنع تكرار الحادث. انتبهوا باراك أوباما يذرف الدمع علي 20 طفلاً قتلوا علي يد مختل عقلياً أطلق النار عشوائياً داخل مدرسة ابتدائية ثم أطلق النار علي نفسه. ثم يأمر بتقييد حمل السلاح وتشديد قوانين حيازة الأسلحة النارية في البلاد. بينما هو شخصياً يدعم كل مجنون في المنطقة العربية ويمده بالسلاح والعتاد لقتل الأطفال وسفك دمائهم أنهاراً وشلالات تسر ناظره وتريح قلبه ويقول هل من مزيد. بيان أوباما ودموعه تحولت إلي نوتة بكائية ينوح بها معظم قادة العالم في كل مكان. فيندبون ويشقون الجيوب ويلطمون الخدود ألماً وكمداً وتأثراً علي 20 طفلاً قتلوا بيد مجنون.. إحساس إنساني رفيع نحييه ونشارك فيه ولكن كنا نتمني ألا يكون أوباما "منفصماً ساعة يروح وساعة ييجي".. ساعة يبكي علي مقتل 20 طفلاً بريئاً في أمريكا.. وساعات يشاهد في التلفاز بقلب ميت مقتل آلاف الأطفال في فلسطين وسوريا والعراق وليبيا وأفغانستان وغيرها من البلاد. والطريف أنه ينسي أو يتناسي أنه بشكل مباشر أو غير مباشر أنه قاتلهم وهالكهم لأن الدال علي القتل كفاعله. نتنياهو يقتل الأطفال ويسفك الدماء بسلاح وطائرات أمريكية.. والأرقام القياسية لقتلهم في سوريا والعراق وليبيا تهز قلب موسوعة جينيس وكل الموسوعات التي تعلو وتتصاعد بخطط جهنمية أمريكية تريد بها أن تطمس خريطة العالم العربي الموجودة وترسم بدماء الأطفال خريطة جديدة ودنيا جديدة علي مزاج وهوي أمريكا والذين معها. الحادث المروع في أمريكا بالقطع هزنا في كل مكان. وبالقطع لو كان الحادث الجلل قد طال حتي عشة فراخ أمريكية وسالت دماؤها الذكية علي الأرض كنا سنتأثر لمقتل كل فروج أمريكي صغير بريء بها.. مع ذلك لا نطلب المعاملة بالمثل. فلا نطالب الرئيس الأمريكي بالبكاء علي الطيور ولا علي أطفالنا الذين يقتلون في عمر الزهور وإنما نطالبه فقط بألا يكون سبباً في قتلهم أو داعماً لزوالهم. الباحثون الأمريكيون والمختصون في علم النفس والجريمة أسرعوا بعد الحادث لدراسة الحالة النفسية للشاب القاتل "آدم لنزا" البالغ من العمر 20 عاماً.. بينما لم يتحركوا من قبل لدراسة الحالة النفسية لأي رئيس أمريكي قتل سلاحه ومعداته الجهنيمة آلاف الأطفال وسالت دماؤهم في كل مكان علي خريطة الكون. وهؤلاء الباحثون لم يفكروا مطلقاً للتجول في نفس نتنياهو وكل المسئولين في إسرائيل لكي يتعرفوا علي "الخرابات" الموجودة بداخلهم. والميل الفطري للعنف والتلذذ بالتعذيب والاستمتاع بشرب أكواب الدم "المشبرة" بمكعبات الدم مع الشاليمو كل صباح علي غيار الريق. والمجتمع الأمريكي هو الآخر مثل أوباما مصاب بالانفصام.. قتلاهم من الأطفال ملائكة وأبرياء. وقتلانا من الأطفال حلال بين لأنهم مشروع شياطين وإرهابيين.. حين يكبرون ويشتد عودهم وتقوي سواعدهم سيرجمون بالحجارة وجه أمريكا القبيح الذي يختفي خلف ألف قناع وقناع مع ذلك يريدنا أوباما أن نصدقه ونحلف ببراءته ونقتنع أن مقتل طفل.. أي طفل في الكون يزلزل أركان نفسه ويفجر أنهار وشلالات دموعه. المجتمع الأمريكي متمثل في منظمات حقوق الإنسان ودور النشر والصحف والتليفزيون وغيرها من القطاعات قصم الحادث عموده الفقري وزلزل أركان نفسه.. أسرعت دور النشر بجمع ما يتعلق بهؤلاء الضحايا كي تحول كل طفل إلي اسطورة. مع التجهيز لفيلم مؤثر عن المجزرة يهز العالم. واخراج جيد لجنازة كبيرة شعبية ورسمية تهز قلب العالم بأسره. ولم تنس إطلاق أسماء الأبرياء علي المدارس والملاعب ورياض الأطفال مع انشاء متحف يخصهم ويذكر كل أمريكا بهم مدي الحياة. في الوقت نفسه وبالتوازي مع إعلان أوباما الحداد علي الأطفال الأبرياء وأمره بتنكيس العلم علي البنايات الحكومية وتلوين أمريكا كلها بلون الحزن والأسي. توقفت الكثير من الصحف والقنوات التليفزيونية عن نشر أو بث أي شيء آخر غير فاجعة ومصيبة وكارثة أطفال أمريكا الأبرياء الذين قتلهم المجنون "نيوتوان". نحييهم ونرفع لهم وللرئيس الأمريكي القبعة علي رقة الإحساس.. ولكن ماذا يفعل هؤلاء والأطفال في العالم العربي يقتلون ويذبحون بالعشرات كل يوم.. وإذا كانت قلوبهم الضعيفة لا تهتز إلا بالفواجع. وخيالاتهم الأدبية والسينمائية لا تلتهب ولا تنشط إلا بالكوارث الإنسانية. فلماذا لم يتحركوا ويتفاعلوا مع الصورة التي شهدها العالم كله لمقتل الطفل السوري "مجد أبو اللبن" في حضن أبيه المغتال ولماذا لم يتأثروا للطفل "علاء الجبلاوي" وهو ينزف دماً برصاص البوليس السوري وهو دون التاسعة.. ونفس الشيء لماذا لم يلهب الدرة حماسهم ويشعل خيالهم. وكذلك ألف درة ودرة تروي دماؤه أرض فلسطينالمحتلة. وأين حقوق الإنسان التي "تتشحتف" وتبكي دماً علي الإنسانية بينما هؤلاء الأطفال الذين هم دون التاسعة يحشرون ضمن قائمة الإرهابيين وليس الشهداء لمجرد أن ذويهم يقولون للغاصب لا؟! ويتساءل الأطفال في غزة بأي ذنب قتلوا وهم يلعبون أو ينامون في غرفهم.. الاحصائيات تقول إن أكثر من 18 طفلاً فلسطينياً قتلوا منذ بدء هجوم إسرائيل علي قطاع غزة ومن قبلهم الآلاف في غارات همجية. من بين هؤلاء "تسنيم" 13 عاماً. وهي تلعب أمام منزلها في مخيم الشاطيء.. وجمال وسارة ويوسف وإبراهيم الدلو وهؤلاء الأطفال الأربعة من عائلة واحدة لفظوا أنفاسهم الأخيرة بعد غارة إسرائيلية علي القطاع. أطباء نفس أمريكا هل فكروا في دراسة النفس المهلهلة والممزقة لأطفال فلسطين الذين ينامون ويستيقظون علي أصوات المدافع والطائرات ورائحة الدم وأنباء اختفاء الأهل والأحباب؟ أطباء النفس المحليون في فلسطين يؤكدون أن آلاف الأطفال هناك يعانون من الصدمة والخوف من أن يتركوا وحيدين فضلاً عن اضطرابات النوم مع العدائية المفرطة والمشاكل في التواصل. للأمانة بعض الصحف الأمريكية تبرز أحياناً جرائم إسرائيل علي غزة وأطفالها. وهذا ما حدث مع العدوان الأخير علي القطاع.. رسمت الصحف وصورت الضحايا من الأطفال الذين قتلوا بغير ذنب. ومن بينهم الفتاة الصغيرة "حنان توفيق" بعد أن قصفت إسرائيل منزلها. ولكن وبعد أن نجحت الاسعاف في انتشالها وصلت جثة علي سرير المستشفي. نعم الإعلام الأمريكي والغربي رصد الحادث وتأثر به. لكنه وبدلاً من أن يطالب أوباما بمنع السلاح عن إسرائيل. وبدلاً من أن يطالب بمحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي كمجرم حرب. طالبوا الفلسطينيين بالكف عن معاداة إسرائيل والاعتداء عليها حتي لا تضطر للرد. فمن حقها ومن حق شعبها الأمن وعدم الخوف فإسرائيل تدافع عن نفسها وسلوكها دائماً هو ردة فعل. فالفاعل دائماً فلسطيني إرهابي والمفعول به إسرائيل الطيبة الوديعة!!