البورصة المصرية صنعت لنفسها طريقاً وسط هذه الموجات العاتية من الجدل السياسي والمليونيات التي تضرب الشوارع الشهيرة.. واستطاعت أن "تركب" سفينة نوح خوفا من الغرق والطوفان المظلم والعميق. المؤشرات قاومت هذا القلق السياسي خلال حركة تعاملات الأسبوع الماضي.. وتحركت بشكل ملحوظ لتحقق مكاسب في ثلاث جلسات متتالية.الخبراء قالوا بصرخة عالية.. بصراحة ننتظر الدستور ولكن لدينا مخاوف من استمرار عدم الاستقرار السياسي مطالبين بإعادة بناء مؤسسات الدولة وإيجاد صانع سوق حقيقي يكون السائق الرئيسي للبورصة المصرية. ممتاز كامل مستثمر في البورصة يقول: إن هناك مقاومة شرسة من جميع المستثمرين لتعويض الخسائر التي لحقت بهم خلال الأزمات المتتالية بعد ثورة 5 يناير. أضاف: طبيعي جداً حالة التوتر والقلق الموجودة داخل المقصورة.. وظهر ذلك جلياً في الاندلاع نحو البيع الجماعي للمستثمرين المصريين.. أمجد سعيد مستثمر في البورصة يقول: إن السبب الرئيسي لانخفاض السيولة هو المشاكل الموجودة حول الدستور والاستفتاء وتوقع إذا اتفقت جميع الأطياف السياسية والاجتماعية علي هذا الدستور سواء بنعم أو لا أن تشهد البلاد حالة جزئية من الاستقرار وسيعود ذلك بالنفع علي البورصة التي تمثل المرأة والواجهة الحقيقية للاقتصاد القومي المصري. قال: إن هناك تبادلاً للأدوار بين أسهم الكبار وأسهم الأسماك الصغيرة ولا يستطيع أحد الآن تحديد من هو قائد البورصة الحقيقي. محمد سعد طلبة نائب رئيس شركة الأقصر للأوراق المالية يصف مقاومة البورصة لموجات الفرق السياسي بأنها دعوة للبقاء والحفاظ علي ما تبقي من أموال المستثمرين. قال: بالطبع ننتظر نتائج الاستفتاء ولكن مخاوفنا لا تزال قائمة من استمرار التخبط السياسي ورفض الدستور سواء بنعم أو لا!!.. أضاف: عودة السيولة بقوة داخل المقصورة مرتبط بالعوامل التي ذكرناها أكثر من مرة وأهمها الاستقرار السياسي ثم الاستقرار السياسي!! أضاف: أن استقرار البورصة هي جزء من خطة انقاذ الاقتصاد القومي لأن البورصة هي المرآة القوية لهذا الاقتصاد لأن أقوي الشركات في مصر تطرح أسهمها في البورصة.. وهذه الشركات تعتبر قاطرة الاقتصاد وتدفع الضرائب لسد جزء من عجز موازنة الدولة. قال: إن جلسة الخميس قد شهدت صعوداً طفيفاً في جميع المؤشرات وارتفع المؤشرات ايجي اكس 30 ليسجل 9.0% ومؤشر 70 بنحو 24.1% ومؤشر 100 57% وبلغت قيمة الصفقات 467 مليون جنيه وعاد المصريون للشراء بمساندة العرب بينما اتجهت تعاملات الأجانب للبيع لجني الأرباح وبلغت أرباح أربع جلسات 19 مليار جنيه. قال محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار إن البورصة نجحت في امتصاص جزء من تأثير المليونيات بعد الصفعات التي تلقتها خلال المظاهرات المتتالية السابقة إلا أنه من الملاحظ أن قيم التداولات هي الأضعف خلال الجلسات الأخيرة. وهو ما يدل علي حالة التحفظ التي انتابت المتعاملين واستطرد خبير أسواق المال قائلا: إلا أن الضبابية من عدم الاستقرار علي سياسية اقتصادية معينة تدفع الأموال الساخنة إلي العمل بصورة كبيرة. ويري عادل أن حالة الترقب لدي المستثمرين ستستمر طالما لم يحسم الوضع السياسي موضحا أن هذه الحالة مرتبطة باستفتاء الدستور وليست بالمليونيات. مؤكدا أن نتيجة استفتاء السبت ستحدد اتجاه البورصة خلال المرحلة المقبلة وأشار إلي أن الفترة الحالية تتسم بالتذبذات الحادة في حركة المؤشرات والأسهم انعكاسا لطبيعة الأجواء السياسية الساخنة متوقعا أن تنتقل البورصة إلي مرحلة جديدة بعد انتهاء الاستفتاء علي الدستور وهو ما سيتيح فرصة أكبر للإسراع بإعادة بناء مؤسسات الدولة بما يحقق الخطط المستهدفة للنمو الاقتصادي. أشار إلي أن أداء البورصة المصرية سيكون مرهونا بحالة الاستقرار السياسي المرتقب بعد الانتهاء من الاستفتاء منوها إلي أن الأوضاع السياسية الأخيرة التي شهدتها مصر في الفترة الأخيرة انعكس علي أداء البورصة وأوضح عادل أن البورصة لن تكون جاذبة للاستثمار بدون استقرار منوها إلي أن ما تمر به مصر يقلق المتعاملين وقد تكون الصورة أكثر ضبابية للمستثمر الأجنبي فالبورصة مؤشر لما يحدث في الدولة ومصر في حاجة لنوع من التوافق والاستقرار وأضاف قائلا جميع الأحداث تؤثر في اتخاذ القرار للمستثمر في الشراء والبيع مضيفا أن هناك أوقاتا إيجابية تؤثر علي تعاملات الأسواق بالإيجاب وهناك أوقات سلبية تؤثر عليها أيضا منوها إلي أن الأسعار الحالية في السوق تضعف من الشهية البيعية وتقلص فرص المبيعات الاندفاعية وخاصة من الأفراد المتعاملين فالسوق لديه القدرة لارتدادة تصحيحية قوية ولكن بشرط هدوء الأوضاع في مصر وفض الأزمة السياسية الحالية.. أوضح أن الاستقرار سينعكس علي صلابة الاقتصاد وبالتالي السوق مؤكدا أن هذا سينعكس علي مناخ الاستثمار في مصر بالتأكيد فالاقتصاد يتعطش لأي استثمارات بعد الثورة منوها إلي أن الاستقرار السياسي في مصر لصالح البورصة المصرية حيث يترقب المستثمرون شكل النظام الجديد الذي سيتشكل عقب الاستفتاء علي الدستور. أضاف عادل أن الاقتصاد المصري مرشح لتحسين مكانته وتحقيق تقدم ملحوظ في الفترة المقبلة مشيراً إلي أن الأزمات سيستفيد منها الاقتصاد المصري والإقبال علي الاستثمار فيها سيكون كبيراً في ظل الاستقرار السياسي وهذا سيصب في صالح التنمية. أكد عادل علي أثر غياب القوي الشرائية نتيجة لنقص السيولة وافتقاد البورصة لمحفزات التداولات نتيجة الترقب الحذر الذي يغلب علي المتعاملين مشيرا إلي أن الهدف الرئيسي في الفترة الحالية يتمثل في إعادة الثقة والسيولة إلي السوق. موضحا أن البورصة تنتظر دخول سيولة تحول كفتها إلي الصعود ولكن الترقب والحذر من القادم خاصة من قبل المؤسسات هو العنوان الرئيسي للسوق.. أضاف أن ضعف تعاملات الأجانب الحالية ونقص السيولة سيحد من فرص خروج الأجانب أو زيادة حجم التخارجات خلال هذه الفترة منوها إلي أن الأحداث السياسية عادة ما تكون مؤثرة في فترة حدوثها فقط بشرط استقرار الأوضاع بعدها.. أوضح أن استمرار الإجراءات الاحترازية أصبح حتميا لحين الاستقرار الكامل للأوضاع السياسية مع ضرورة معالجة بعض المشكلات العاجلة مثل فصل التسوية الورقية عن النقدية موضحا أنه علي المستثمرين أن يلتفتوا إلي الأساسيات الاقتصادية والمالية والاستثمارية حيث يفترض أن يعكس أداء السوق الأداء المالي للشركات وقوة تصنيفها الائتماني والفوائض المالية التي تتميز بها ميزانيتها وبما يتماشي مع متغيرات الوضع الاقتصادي والسياسي المصري خلال المرحلة القادمة.. أضاف أن التحول الديمقراطي لمصر يعتمد بشكل كبير علي ما إذا كانت المنظومة السياسية التي سيشكلها الدستور يمكنها إنقاذ الوضع المالي للبلاد ووضعها علي مسار للنمو. وإيداع طرق لإصلاح الاقتصاد وهذا أمر ضروري لتحسين الحياة. كشف عادل عن أن مصر تواجه تحدياً اقتصاديا خطيراً الأمر الذي يتطلب من واضعي السياسات أن يفعلوا أشياء أكثر من مجرد اجترار السياسات التقليدية وليست تقديم حلول فعالة في ظل نظام اقتصادي مضطرب.