في الجلسة الأخيرة لمجلس الشوري المترقب لصلاحيات تشريعية بعد الاستفتاء.. طالبت النائبة نجوي جودة فضيلة المفتي الدكتور علي جمعة بإصدار فتوي مكتوبة حول حرمة قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وإنفاق المال للافساد في الأرض تواكب التطورات الجارية في البلاد. وهذا السؤال جاء بعد ان فاض بنا الكيل حول ما يجري في شوارع مصر وميادينها الخاوية والعامرة فقط بالمحتجين والمتظاهرين والتي تتوافد عليها سيول الهتيفة من كل فج عميق.. وفي لحظات كالماء المنهمر.. اشارات وتعج الشوارع بالآلاف وتغلق الطرق وتهدم المتاريس.. وهو بالفعل اثار الكثير من علامات الاستفهام خاصة مع استمرار الصمود وطول الايام وكثرة الاعتصامات والخيام وما نشر عن استعدادات وتغطية للمبيت من مأكل ومشرب وبطاطين لزوم البرد.. الا شيئا واحدا ظل غائبا وغير معروف تساءلت عنه المذيعة لميس الحديد وهو ماذا يفعلون في البرد خاصة الغسيل والحمامات!! وردا علي سؤال النائبة نجوي جودة.. قال المفتي إنه سيصدر هذه الفتوي قريبا للتأكيد علي حرمة دماء المصريين. وتحريم استغلال تظاهرات بعض القوي المعارضة لنشر الفساد في الأرض. وإنفاق الأموال علي عدد من المخربين للتعدي علي المتظاهرين السلميين. سواء من المؤيدين أو المعارضين بالقتل وسفك الدماء لنشر الفساد في الأرض والتحريض علي الفوضي وإنه سيتم إصدار الفتوي وتعميمها علي وسائل الإعلام والمواطنين وفق ما نشرته المواقع الالكترونية.. واتصل بي بعض الزملاء والقراء عقب الجلسة.. غاضبين ومستنكرين قائلين ولماذا قريبا.. ولماذا التأخير خاصة ان هناك حالة تربص مستمرة وهناك شبهات قوية يفرضها واقع أليم من كثرة الحشد واستمرار التصعيد علي الجانبين المؤيد والمعارض.. .. قلت لعل في الأمر حرجا خاصة بالنسبة للمؤسسة الدينية.. ولعلها تستشعره مخافة أو مظنة الاتهامات بالموالاة للنظام الحاكم.. وخشية تقليب مواجع قديمة عن علماء السلطة والسلطان أو ما شابه ذلك.. وبالتالي فكان لابد من الانتظار لسؤال بصورة شرعية أو قل رسمية للإجابة وبيان الحكم عن المقصود أو القضية المستفسر عنها.. وللحقيقة فوجئت في مساء اليوم نفسه برسالة علي بريدي الالكتروني من مكتب فضيلة المفتي بالفتوي التالية وهي هنا بالنص وبصياغة المكتب الاعلامي لدار الافتاء: أكد فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية أن الإسلام حرم سفك الدماء وجعلها أشد حرمة من بيت الله الحرام. لافتاً إلي قوله تعالي: "من قتل نفس بغير نفساً أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا. ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا". وقول النبي صلي الله عليه وآله وسلم: "لحرمة دم المسلم أشد عند الله من حرمة الكعبة". ودعا مفتي الجمهورية إلي ضرورة الحفاظ علي وحدة الصف المصري لبناء المجتمع والدولة الحديثة. عملاً بقوله "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا". محذراً من الفرقة والتنازع بين أبناء الوطن الواحد. مما يؤدي بنا إلي الخسارة والفشل مصداقاً لقوله تعالي: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم". أشار فضيلته إلي أنه علي المصريين أن ينتبهوا إلي المخاطر التي تواجه وطننا في الوقت الراهن. خاصة علي الجانب الاقتصادي الذي وصل إلي مرحلة خطيرة. مؤكداً أننا في أشد الحاجة إلي الأموال الطائلة التي تهدر في العملية السياسية والحشد الحزبي. ليتم استخدامها لعملية بناء المجتمع ومنفعة البلاد والعباد خاصة في مجالات التعليم والرعاية الصحية وغيرهما أضاف الدكتور علي جمعة أن ذلك لن يتأتي إلا بالحفاظ علي أمن المجتمع والابتعاد عن عمليات الهدم والتخريب وأن نعلي مصلحة الوطن فوق المصالح الخاصة من أجل استقرار البلاد. كما شدد علي أن عالم الدين لابد أن يكون ملكاً للجميع. وأن يبتعد عن السياسة بمعناها الحزبي. لأن الربط بين السياسة الحزبية والدين هو بمثابة مفسدة للدين وإنزاله إلي معترك ليس للدين فيه شأن.. والحقيقة أن الفتوي لم تجب عن سؤال النائبة وتساؤلات الشارع ولم تشف غليلهم كما يقولون.. ولم تلامس حالة القلق والانزعاج والخوف التي يعيشها بسبب هذا الضغط المستمر والاستنزاف للمال والجهد والوقت في أمور وأوقات لم تعد البلاد قادرة عليها سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو حتي الدينية.. الآن يا مولانا يتساءل بعض الناس في المناطق القريبة من المظاهرات عن الاموال والاشياء العينية التي يقدمونها لبعض المعتصمين.. وبعض الشركات تقدم سيارات لنقل المتظاهرين.. وايضا هناك ما يطلبه بعض الطلاب من آبائهم من أموال لمساعدة رفاق لهم في المظاهرات.. وقد اخبرني بعضهم انه لا يؤيد المظاهرات لانها تساهم في وقف حال البلد المايل اصلا.. وهذا دليل أكيد علي حالة الانقسام الحاد في المجتمع والذي وصل إلي داخل البيت الواحد.. افتنا يا مولانا وأرح الناس فالامر لا يحتمل أن نترك الناس إلي الاستنتاج وضرب الاخماس في الاسداس.. هل الفتوي تقصد الحلال أم التحريم.. وهل ما يحدث الآن افساد في الارض وللحياة السياسية والاقتصادية أم لا؟!!!