نعلم جميعاً أهمية التعليم في تقدم الدول ونهضتها اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً واجتماعياً.. فالتجارب الدولية الحديثة أثبتت أن بداية التقدم والنهضة في أي بلد يأتي من خلال منظومة التعليم والبحث العلمي في مختلف المجالات.. كما أن الصراع في العالم الآن أصبح سباقاً في مجالي العلم والمعرفة والاستفادة من التطور الهائل لما وصل إليه العلم الحديث. الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز قال إذا كانت الدول الإسلامية القريبة منا تمتلك الثروات الطبيعية فإننا نستطيع أن نحسم الصراع لصالح إسرائيل عن طريق إتاحة التعليم الجامعي لكل شباب وفتاة إسرائيلية لذلك نجدهم يخصصون مبالغ طائلة للتعليم والبحث العلمي مقارنة بما يتم تخصيصه في مصر والدول العربية والإسلامية. من هنا وجب علينا الاهتمام أكثر بالعملية التعليمية في مصر لأنها ستكون البداية للنهضة الحقيقية المأمولة في شتي المجالات.. وحتي نقف علي قدم المساواة مع الدول التي قطعت شوطاً كبيراً من التقدم والازدهار بفضل العلم والمعرفة كالصين واليابان وما أطلق عليهم النمور الآسيوية. أولي خطوات إصلاح المنظومة التعليمية تبدأ بتحديد المشكلات التي تعاني منها وذلك بالنظر في تعديل المناهج لتنقيتها من الحشو الزائد واعتمادها علي الحفظ والتلقين وابتعادها عن التطبيق العملي وعدم ملاءمتها للتطور العلمي المستمر.. ايضا الاهتمام بالمدرس سواء مهنياً بإعداده وتدريبه وتأهيله علمياً وتربوياً ومادياً بتوفير حياة كريمة له حتي لا يلجأ إلي الطرق الملتوية بالضغط علي التلاميذ بطرق عديدة من أجل الدروس الخصوصية.. وهو ما يفقده الثقة لدي تلاميذه.. ايضا حل مشكلة تكدس التلاميذ في الفصول والذي يصل إلي أكثر من 50 طالباً في الفصل الواحد نتيجة عدم وجود مدارس كافية.. إضافة لنقص الامكانيات والوسائل التعليمية في المدارس.. ايضا ضرورة علاج ظاهرة العنف التي بدأت تظهر في المدارس.. ايضا الاهتمام بالطالب وتهيئة المناخ والبيئة المناسبة له لتلقي العلم بحب وتشويق. وزير التربية والتعليم د. إبراهيم غنيم ومن خلال جولاته المتعددة منذ تولي الوزارة قبل ثلاثة أشهر استطاع أن يشخص مشكلات التعليم المزمنة من أجل اتخاذ الخطوات الجادة لحلها.. ولكنه للأسف الشديد فاجأنا بأنها ستحتاج وقتاً ودخل بنا إلي خطة خمسية وأخري عشرية لتغطي المرحلتين الابتدائية والإعدادية.. لخلق وبناء جيل جديد بعد ثورة يناير بما يعني أننا لن نحقق أي جديد مهما طال الزمن أو قصر. في رأيي أن مشاكل التعليم في مصر لن تنتهي إلا إذا وضعنا التعليم كمشروع قومي وابعدناه عن السياسة الحكومية المرتبطة ببقاء الوزير أو إقالته والبدء من نقطة الصفر مع كل وزير جديد وبالتالي نستطيع عمل خطة للنهوض بالعملية التعليمية وتنفيذها.. لأن العملية التعليمية نظام متكامل تتداخل فيه عناصر مادية ومعنوية وتربوية.. وحتي تكون ناجحة وتكتمل أركانها لابد أن تخضع للتقييم المستمر لمختلف عناصرها سواء كان الطالب أو المدرس أو المدرسة أو المناهج الدراسية. يجب أن نتعلم ممن سبقونا في تطوير منظومة التعليم واعتمدوا عليها في بناء نهضتهم ونموهم الاقتصادي والسياسي والعسكري.. ويجب أن نضع في اعتبارنا أننا بدون تطوير منظومتنا التعليمية سنظل في مكاننا ولن ننطلق أبداً ولن نحقق نهضة أو تقدم في أي من المجالات.