في مقال الأسبوع الماضي. وقبل أن يصدر قرار محكمة القضاء الإداري بشأن دعوي حل الجمعية التأسيسية. بإحالة قانون معايير تشكيل هذه الجمعية إلي المحكمة الدستورية العليا. كتبت تحت عنوان "التعديل.. والتوافق.. مهما كان الحكم" مطالبا الرئيس مرسي بالوفاء بوعده قبل إعلان نتائج انتخابات الرئاسة بإعادة تشكيل هذه الجمعية حتي يمكن أحداث التوافق المطلوب دون تغليب تيار علي تيار أو فئة علي أخري. وقد فعل الرئيس الكثير منذ أعلنت نتيجة الانتخاب.. وكان علي قمة ما فعله الغاء الاعلان الدستوري.. الذي أقسم اليمين أمام المحكمة الدستورية بناء علي ما جاء به.. وأصدر إعلانا دستوريا جديدا.. فهل يعجز الرئيس عن أن يصدر قرارا بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية ويحقق الوفاق الذي نأمله جميعا في هذه المرحلة..؟! إن من يقرأ حيثيات حكم محكمة القضاء الإداري بإحالة أوراق قضية بطلان الجمعية التأسيسية إلي المحكمة الدستورية العليا يدرك قدر الحاجة إلي إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية دون انتظار لقرار الدستورية العليا.. تجنيبا للبلاد من أن يكون دستورها صادرا عن جمعية معيبة التشكيل.. وباطلة دستوريا. وتحمل هذه الحيثيات إدانة واضحة للقانون رقم 79 لسنة 2012 الخاص بمعايير تشكيل الجمعية التأسيسية حيث رأت هذه الحيثيات أن المادة الأولي من هذا القانون تعد التفافا علي حكم محكمة القضاء الإداري الأول بحل الجمعية التأسيسية الأولي بما يعد إساءة لاستغلال سلطة التشريع من قبل مجلس الشعب ورئاسة الجمهورية.. وقالت الحيثيات أيضا "أن القانون المسمي بقانون المعايير صدر خاليا من أي معايير. الأمر الذي يشير إلي أن وضع المادة المشار إليها "المادة الأولي" كان بهدف منع محكمة القضاء الإداري من نظر الطعون التي أقيمت لوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بتشكيل الجمعية التأسيسية الأولي.. وبعد أن تصاعدت الاحتجاجات الشعبية ضد القرار الجديد الصادر بتشكيل الجمعية وأقيمت طعون عديدة ضده أمام المحكمة. فقصد من المادة الأولي المشار إليها تحصين القرارات الصادرة بتشكيل الجمعية التأسيسية من رقابة المشروعية التي تختص بها دستوريا محاكم مجلس الدولة تفلتا من تلك الرقابة علي وجه ينطوي علي شبهة إساءة استعمال سلطة التشريع والانحراف في استعمالها". من يقرأ هذه الحيثيات هل يمكن أن يقبل باستمرار جمعية تأسيسية أصابها العوار القانوني الدستوري علي هذا النحو فضلا عن العوار المجتمعي الذي يجعل منها كيانا مرفوضا من قطاعات عديدة من الشعب. نحن لدينا كل الأمل ان الرئيس محمد مرسي قادر علي انقاذ الموقف. بل انقاذ الدستور من أن يصدر من جمعية عمومية مطعون في دستوريتها وقانونيتها وغير مرحب بها أو بأدائها من قطاعات عديدة من الشعب. ونحن نثق ان الرئيس مرسي. كرئيس لكل المصريين. سوف يعمل في نهاية الأمر علي تحقيق قدر من التوافق علي أمرين: أولهما الجمعية التأسيسية التي يجب أن يقبل بها كل فئات المصريين.. وثانيهما الدستور الذي يجب أن يتوافق علي مواده أيضا كل فئات المصريين. وإذا كان كل هذا الوقت قد ضاع من عمر هذا الوطن في صراعات لا معني لها وتكالب الجميع علي السلطة وانتزاع السيطرة علي مقدرات هذا الوطن دون عمل جاد من الجميع لإنقاذه من هاوية تهدده وتهدد كل أبنائه. فهل يستكثر عليه بعد كل ما ضاع منه أن نحقق توافقا يتيح له دستورا يرضي به الجميع؟ نحن ننادي بالتعديل.. والتوافق.. والاستماع إلي صوت العقل بدلا من صوت العاطفة.. وتغليب المنطق.. بدلا من تغليب آراء جماعة.. أو فئة.. والعمل بروح الحرص علي جمع الشمل.. لا تفريق الجمع. للخروج بدستور يرضي عنه الجميع. ولا تشوبه شبهات من عدم الدستورية.. أو الانحياز لفئة دون أخري.