د. هشام توفيق اسم نعرفه منذ فترة طويلة وله اسهامات معروفة. خاصة انشاء قسم المسرح بجامعة حلوان و6 أكتوبر ومساهماته في انشاء اقسام المسارح بكليات التربية النوعية ايام كانت تابعة لوزارة التعليم العالي ولها تلاميذ من النجوم المرموقين الآن ويكتسب حب الجميع سواء من خريجي الفنون المسرحية أو كليات الآداب.. وهو ناقد له علمه الخاص ورؤيته تجاه الاعمال المسرحية يحترمها الجميع. لذلك فنحن حريصون علي أن نستثير أفكاره النائمة خاصة بعد أن قرر أن يعتكف ويبتعد عن دنيا المسرح بعد اصابته بغثيان دوار الفساد في المسرح المصري فماذا يقول؟!! * * كيف تقرأ نقديا أحوال المسرح الآن؟!! قال د. هاشم: دون سخرية أو تطاول علي أحد فنحن نتكلم من خلال واقع كان حلما لفترة جديدة عند الشعب المصري. لكنه تحول إلي كابوس فجأة. فقد اعتدنا أن أي تغيير خاصة الذي يدفع ثمنه أرواح شباب وتوقف حال بلد أن يكون هذا التغيير إلي الأفضل وأن نستبعد كل اسباب الخيبة التي مرت بنا في السنوات الماضية. لكن للأسف بقي الحال علي ما هو عليه وبدأنا نري قيادات اسوأ تدهورا وتخلفا عقليا مطلوباً منها مشروع نهضة!! اضاف ان النهضة كما تعلمنا هي تغيير في شكل التعليم وجوهره واهدافه. كذلك في اهداف الثقافة واستحداث حركة سريعة تغير من وعي المجتمع بما يتلاءم مع ما هو قادم وما يمكن ان يحققه من نهضة. أين الخطوات التي اتخذت لكي يتم ذلك؟.. لم يحدث شيء للأسف الشديد ورأينا رجالا لا وزن لهم ولا تاريخ في مجال الثقافة والمسرح يتولون المسئولية ويديرون وزارة الثقافة ومؤسسات المسرح علي انها مؤسسة للزكاة والدخل. فقد نمي إلي علمي أخيرا أن ميزانية المسرح قد تم توزيعها علي السادة العاملين من أجل تحقيق مطالب اقتصادية لهم. وهذا لا يمكن أن يكون مصدرا للتندر لأنها حاجة معيشية لبشر مصريين. لكن هذه المصروفات التي حصل عليها موجودة للانتاج المسرحي الذين يعملون من أجله. فكيف يستولي مجموعة من الموظفين المعروف بأنهم زيادة فوق حاجة المسرح علي ميزانيات الانتاج المسرحي. ان المسئول عن ذلك يبدو ان الكرسي قد أغراه ولذلك اشتري سكوت حفنة من البشر تعمل عنده وأعطاهم ما لا يخصهم وأعطاهم المال الذي جيء من أجله لتحقيق مشاريع نهضة مسرحية. لقد تحول هذا المسئول إلي زعيم للمتسولين الرسميين بدلا من أن يكون رمزا لنهضة ثورة حديثة في مصر. * * هل أحسست أن بعد ثورة 25 يناير سلسلة وزراء الثقافة التي أتت بدأوا بداية حقيقية في الاهتمام بالمسرح مادمت تتكلم عن النهضة؟!! * قال د. هاشم توفيق: أولا السيد الوزير أبوغازي أحضر حلاق صحة علي قائمة المسرح فهذا الشخص الذي كان مسئولا في عهد ذلك الوزير أقسم بالله انني لم أره حتي متفرجا في صالات المسرح. إلا في الفترة التي تحمل فيها المسئولية الملقاة عليه بالعافية "!!" علي استحياء شديد. صراحة الوزير أبوزغازي ربما يكون قد التقط تراث التدهور الذي تركه لنا مدير قصر ثقافة الأنفوشي فاروق حسني. لكنه لم يسع جديا في استثمار سخونة الجو واستحضار شخص قوي يستطيع تحريك الخراب الذي تركه حسني. وان كان يحسب لهذا الرجل انه لم يكن طامعا في الكرسي. ثم أتي العزيز د. شاكر وهو اقدر الناس بمعرفة المسرح المصري ومشاكله. لكنه شخصية مزاجية يريد جو عمل مثالياً فدخل عش الدبابير مع مجموعة الانتهازيين والبكاشين وحلاقي الصحة. فكانت نهايته انه لم يستطع ان ينفذ ما في رأسه من أفكار عن اعادة المسرح إلي مكانته الرائدة ثم حضر الوزير الثالث ويبدو انه وزير للكرسي أي من العاشقين والمحبين للكرسي فهو يتصرف وكأنه موظف يعمل في وزارة التموين وقد استبشرنا خيرا بقدومه لأنه شخصية خلوقة ومتزن وهادئ. لكن المعرفة بهذا المجال بعيدة عنه بعد السماء عن الأرض ولقد نبهناه من منطلق أخلاقي علي صدر هذه الصفحة بأن يحذر ذئاب المسرح وانتهازته. لكنه لم يقرأ حتي ما يكتب عن المسرح وعندما سألته في افتتاح معرض الدكتور فاروق وهبة في الهناجر عن الرسالة التي وجهتها إليه فكان رده صارما حينما اكتشف انه لم يطلع عليها وان السكرتارية أخفتها عنه. بصراحة وبدون زعل ما هو انطباع شخص مثلي عنه في هذه اللحظة عندما اكتشف أن وزير الثقافة لا يقرأ صفحة متخصصة في المسرح في جريدة من جرائد الدرجة الأولي القومية.. هنا بدأ يتسلل إلي نفسي أن مشروع النهضة الذي يتشدق به كل مسئول هو مشروع وهمي وقد صدق توقعي بما رأيته يحدث في البيت الفني للمسرح والبيوت الأخري. * * ومتي تنتهي هذه النظرة التشاؤمية؟!! * قال د. هاشم: ياسيدي هذه ليست نظرة تشاؤمية ولكنها نظرة نقدية للواقع فأنا لا أكره أحداً ورصيدي من الحب عن العاملين بالمسرح يجعلني أعتز وافتخر به ولكننا امام قضية وطن مسكين نريد ان نأخذ بيده. لكي يحتل مكانته الطبيعية ويصبح الأقل مثل تركيا أو البرازيل. ان ما نقوله ليس محض افتراء علي أحد وليس بحثا عن كرسي فأنا طول حياتي لم أحني رأسي لأحد ولم أطلب شيئا ولم انتفع بمليم واحد من مجال المسرح. فقد صرفت عليه من جيبي الشخصي ممن تعلموا عندي فن المسرح. * * وكيف يمكن تغيير هذا الواقع ليتبوأ المسرح مكانته الطبيعية علي خريطة الوطن العربي؟!! * قال د. هاشم توفيق: لابد من التغيير الحقيقي وان يكون هناك وزير للثقافة يعرف ما هي الثقافة وليس "جوبلز" الذي كلما رأي مثقفا أو سمع عنه تحسس مسدسه ثم تخصيص مسارح الدولة باعتبار ان كل فرقة مسرحية تقوم بذاتها وبانتاجها وبميزانياتها الخاصة التي تساعدنا علي انتاج مسرح حقيقي ولا داعي لبدعة الانتخابات الجديدة تحت ما يسمي بالديمقراطية. وهي ليس معناها عمل انتخابات في أي "دكانة" وانما اختيار مدير مسرح حقيقي مهما كان سنه أو وضعه كما تري في العالم المتقدم فكيف يجلس العصفوري وعبدالحليم وغيرهما من الكبار دون الاستعانة بهم وتجري انتخابات كلها تربيطات تأتي بحلاقين صحة. اضاف د. هاشم: ان المقصود بالتخصيص هو استقلال الفرق المسرحية وليس بيعها. لو أنك أحضرت مديرا فاهما فسوف يجعل من كل من له علاقة بالفن المسرحي رافدا من رواد الاستفادة وهذه هي الديمقراطية الحقيقية وليست الانتخابات التي تأتي لنا بكمبارسات. * * وكيف تري الحل السريع للأزمة حتي يسترد المسرح عافيته؟!! * أكد د. هاشم ان المناخ العام حاليا صعب فيه تحريك كل الجمود والفشل الكلوي الذي أصاب الفن المسرحي في مصر لأن عملية الهدم بدأت منظمة من بدايات تولي وزير قصر ثقافة الأنفوشي مسئولية الثقافة في مصر وتنصيبه وزير فنان مع أن مستوي انتاجه من الفن الذي يدعي انه عالمي لا يقترب إلي انتاج تلميذ بمدارس الحضانة الفنية في العالم وأرجوو بعد أن تستفيق البلد من الكوارث الاقتصادية التي تمر بها الآن ان يكون لرجال الأعمال دور كدور طلعت حرب الذي انشأ المسرح القومي والذي بدأ مشروع الحداثة المسرحية الحقيقية. وان يكون هناك ايمان بأن الحالة الاقتصادية المتدهورة يتجاوزها دائما الشعوب الأكثر ثقافة وعلما. ولا يظن البعض ان هناك أزمة والمسرح غافل عنها. إن هذا الفكر الغبي لن يجعلنا ننهض اقتصاديا أو ثقافيا.