تمر اليوم الذكرى السادسة والتسعون لميلاد الفنانة تحية كاريوكا واسمها الحقيقي بدوية محمد كريم علي السيد النيداني التي ولدت في 22 فبراير 1919 في قرية المنزلة بمحافظة الإسماعيلية . وقد قال عنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في كتابه "أوراق محمد عبد الوهاب": "حررت تحية كاريوكا الرقص الشرقي من تأثير الأجنبيات، مثلها في ذلك مثل سيد درويش الذي حرر الموسيقي من تأثير الأتراك". وتعد سمارة السينما المصرية "تحية كاريوكا" ظاهرة فنية نادرة، عانت في طفولتها بعد اختفاء والدها عن حياتها ما بين حياة معيشية ضيقة وعنف أخوي - فهي الاخت الوحيدة لستة عشر أخاً غير أشقاء لأب سعودي الجنسية - مما دفعها ذلك الي الهرب من أسرتها إلي القاهرة وهي مازالت في سن الرابعة عشر. ولجأت كاريوكا في القاهرة الي راقصة سورية تدعي سعاد محاسن التي كانت رأتها في الإسماعيلية ترقص بين الأطفال فتنبأت لها بمستقبل باهر في عالم الرقص لتنبهر تحية بهذا العالم وتتعلم الرقص لتستطيع المعيشة إلا انه كان باب الانطلاق للعالم الفني. وعملت تحية كومبارس في فرقة سعاد محاسن التي أطلقت عليها اسم تحية حتى لا يعرفها أحد بمرتب شهري لا يزيد عن 3 جنيهات. وبعد فترة من التدريب في فرقة سعاد محاسن اندمجت تحية في حياة الملاهي الليلية بين القاهرة والإسكندرية وتذوقت قواعد الرقص وأصوله من أشهر الراقصات في صالات ببا عز الدين،? وماري منصور، ورتيبة وإنصاف رشدي وبديعة مصابني وكانت بديعة ليست مجرد فرقة فنية بل كانت معهد تدريب للرقص والتمثيل. وعشقت تحية مشاهدة أفلام السينما وعند مشاهدتها فيلم الطريق إلي ريو بطولة ألفريد استير وجنجر روجر?، وهو الفيلم الذي يتضمن أحدث الرقصات كاريوكا بعد شهرة الرومبا والسامبا والسوينج والفوكس تروت والشارلستون.. تحفزت تحية أن يكون لها رقصة خاصة بها تحقق لها التميز عن سائر راقصات بديعة مصابني وطلبت من مصمم الرقصات الأسباني إيزاك ديكسون أن يعلهما رقصة "الكاريوكا" المستوحاة من التراث الشعبي البرازيلي وما إن ظهرت تحية كاريوكا في تلك الرقصة حتى التصق بها اللقب واشتهرت ب"راقصة الكاريوكا" وانتقلت من صف راقصة الدرجة العاشرة الي الدرجة الأولى على مسرح مصابني، وطورت تحية اسلوبها الخاص بإعادة مفردات قديمة من بدايات الرقص الشرقي واعتمدت على التناغم والتناسق لحركة الجسم والتوحد مع الإيقاع دون الاعتماد على الإغراء وهو الاسلوب الذى تأسست عليه مدرسة كاملة فى الرقص الشرقى. وبدأت تحية مسيرتها السينمائية بظهورها كراقصة في فيلم "الدكتور فرحات" عام 1935 مع المخرج توجو مزراحي وتوالت بعدها الافلام وإن اقتصر ت علي أدوار صغيرة لا تخلو من رقص أو تابلوهات استعراضية أما مسيرتها المسرحية فبدأت عام 1953 مع فرقة إسماعيل يس في مسرحية حبيبي كوكو. وجاءت الانطلاقة السينمائية بعد لقائها بالأب الروحي سليمان نجيب الذي عرفها على الفنان الكوميدي نجيب الريحاني ورشحها له للقيام بأول بطولة لها في فيلم "لعبة الست" الذي كان باب الانطلاق لها لتنهال عليها الاعمال السينمائية حتى انها شاركت كبار الممثلين والمطربين في تلك الفترة مثل: فريد الأطرش، ومحمد الكحلاوي وإبراهيم حمودة ومحمد فوزي وعبد العزيز محمود وكارم محمود.. وغيرهم. وفي منتصف الخمسينيات اعتزلت كاريوكا مجال الرقص وتفرغت للأعمال السينمائية وشاركت في أكثر من 117 فيلماً تعد من العلامات البارزة في صناعة السينما المصرية ومن أبرزها: لعبة الست، شباب امرأة، سمارة، عفريت سمارة، أم العروسة، صاحب العصمة، غرام راقصة، واإسلاماه، حياة امرأة، وبياعة الورد، إلي جانب عشرات المسلسلات من أشهرها: صابر يا عم صابر، وينابيع الحب، ودموع الشموع. وفي عام 1961 قامت بتأسيس فرقة مسرحية خاصة بها مع زوجها الثالث عشر حينها الفنان "فايز حلاوة" والتي حملت لواء المسرح السياسي حيث قدمت من خلالها نحو 18 مسرحية من أشهرها "يحيا الوفد، كل الرجالة كده وحضرة صاحب العمارة". وعلي صعيد آخر كان لتحية كاريوكا دور وطني قبل ثورة 56 فى مقاومة الاستعمار وتمويل الفدائيين وتوصيل الأسلحة والذخيرة والمؤن لهم، وكانت عضوًا فى عدد من الحركات الوطنية والسرية والتنظيمات الشيوعية وقد اعتقلت تحية كاريوكا بسبب نشاطها السياسى والوطنى أكثر من مرة. أما علي صعيد حياتها الشخصية فقد تزوجت تحية كاريوكا نحو 14 مرة: أولى زيجاتها كانت من أنطوان عيسى وهو ابن شقيقة الفنانة بديعة مصابني عام 1939 وطلقها بعدها بعام وفي عام 1940 تزوجت من محمد سلطان باشا وهو من اكبر اثرياء مصر في تلك الفترة واستمر الزواج ستة أشهر وطلقها. ثم تزوجت من الضابط الأمريكى ليفي الذي أشهر إسلامه ولكنها انفصلت عنه بعد شهور، وبعد فترة قصيرة تزوجت من المخرج فطين عبد الوهاب، ثم من المخرج والممثل أحمد سالم ثم من طيار الملك فاروق الخاص حسين عاكف. والزيجة السابعة كانت من الفنان رشدى أباظة واستمر زواجهما نحو 3 سنوات وكانت الزوجة الأولى في حياة رشدي أباظة، وفي لبنان ضبطته في أحد ملاهى شارع الحمراء مع الفرنسية آنى بارينه، وجرّت المرأة الفرنسية من شعرها وضربتها وطلبت منه الطلاق. ثم تزوجت من أحد ضباط الملك البكباشي (المقدم) مصطفي كمال صدقى ثم من الشاب الوسيم والثرى عبد المنعم الخادم وكان مشهوراً بوسامته وتهافت النساء عليه واستمرت على ذمته خمس سنوات. ثم البكباشى طبيب حسن حسين لكنها انفصلت عنه عندما علمت أن هناك علاقة بينه وبين المطربة اللبنانية الصاعدة حينها صباح. وفي منتصف 1959 تزوجت من المطرب الشاب الصاعد (آنذاك) محرم فؤاد وتطلقا في آخر العام. ثم تزوجت أحمد ذو الفقار صبرى والذي لم تستمر معه أكثر من عام، ثم من الكاتب المسرحى فايز حلاوة والتي استمرت معه ?? سنة وانتهى زواجهما بمشاكل وخلافات وصلت إلى القضاء، وتزوجت أخيراً من المخرج حسن عبد السلام الذي استمرت معه حتى توفي. وفي 20 سبتمبر 1999 رحلت عن عالمنا نجمة الرقص الشرقي تحية كاريوكا التي أبهرت حضور مهرجان "كان عام 1956" بإطلالتها المصرية الشعبية "الملاية اللف" عندما سافرت للمشاركة في المهرجان بمناسبة عرض فيلمها "شباب امرأة"، وذلك عن عمر يناهز 81 عاماً إثر تعرضها لجلطة رئوية حادة بعد عودتها من أداء العمرة.