كيف تحولت هجمة واحدة لأسماك القرش فى شرم الشيخ إلى حادث كارثى ضخم فى وكالات الأنباء والصحافة العالمية، بينما نفس الصحف والفضائيات تجاهلت أن الولاياتالمتحدة هى أكبر دولة فى العالم تشهد هجمات لأسماك القرش، حتى أن بعض الولايات تقع فيها هجمات للقرش بشكل أسبوعى دون أن تلتفت إليها الصحف التى صنعت من هجمة شرم الشيخ كارثة. الأمر لا يخلو من مؤامرة، حتى لهؤلاء الذين لا يميلون لنظرية المؤامرة، وهذه المؤامرة تسندها تقارير ووثائق وأوراق وإحصاءات متوافرة على مواقع الهيئات الدولية للبيئة وعلوم البحار. تقول صحيفة اليوم السابع: يكفى أن تعرف أن وثائق موقع الملف الدولى لهجمات القرش المتخصص فى رصد إحصاءات يومية ومتجددة حول هجمات الأنواع المختلفة لأسماك القرش فى جميع أنحاء العالم، يؤكد أن الولاياتالمتحدة تعتلى قائمة الدول صاحبة أعلى معدلات لهجمات القرش منذ عام 1999 حتى عام 2009، حيث وصل عدد الضحايا إلى 455 ضحية بين إصابة ووفاة، وكل هذه الهجمات تؤكد أن أمريكا صاحبة أعلى معدلات لهجمات القرش، إلا أنها لم تشهد هجمات إعلامية مثل الهجمة شرسة التى شنتها بعض وسائل الإعلام العالمية على مصر بعد حادث مهاجمة إحدى أسماك القرش لسائحة ألمانية على شواطئ شرم الشيخ. كما يكشف التقرير أن أستراليا تحتل المرتبة الثانية بعدد هجمات وصل إلى 99، وجنوب أفريقيا فى المركز الرابع، والبرازيل فى المركز السابع، والمكسيك فى الثامن، وجزيرة "ريونيون " فى أقصى الشرق الأفريقى والمطلة على المحيط الهندى فى المركز التاسع، فى حين تحتل نيوزيلاندا المركز العاشر.. وباستعراض هذا التقرير نكتشف أن مصر تعتبر واحدة من الدول التى لا تعرف القرش من الأساس، ولا ترد فى تقارير المنظمات الدولية. مقابل هذه الأرقام الدامغة، فإن شرم الشيخ التى تصنف ضمن أهم وأجمل 20 منتجعا فى العالم، واجهت هجمة إعلامية مبالغ فيها، بالرغم من أنها لم ترد ولو على سبيل المصادفة فى تقارير وملفات هذه الهيئات الدولية، وهذه المدينة الهادئة لم نسمع من قبل عن أى حوادث لهجمات القرش بها. "ضرب السياحة فى بلدنا هدف بعض الدول".. هكذا أكد خبير الغوص السابق حسن الطيب رئيس مجلس إدارة جمعية الإنقاذ البحرى وحماية البيئة على استهداف بعض الدول التى تشارك مصر فى الأنشطة السياحية، مثل إسرائيل وأمريكا، ويستبعد الطيب وجود نفس الهدف عند الدول العربية، قائلا :" تجمعنا منافسة شريفة بالدول العربية، على عكس دول أخرى على رأسها إسرائيل". وأضاف الطيب:"بعض هذه الدول فى الشرق الأوسط يفتقر المناخ الذى يجذب السياحة مثل شرم الشيخ والغردقة، حيث يفضل معظم السياح هواة الغوص والشمس قضاء إجازاتهم بمصر".. ويضيف: "نحن نمتلك الشمس طوال العام، لدينا أفضل مواقع غوص ليست فى العالم، عندنا بحر متوسط وبحر أحمر"، مؤكدا أن بلدا مثل روسيا يخسر سنويا بالملايين، قائلا :" على الرغم من دعوة روسيا لشعبها للسياحة الداخلية إلا أنهم يفضلون مصر". إسرائيل وردت فى الحدث بأكثر من طريقة، لكن الخبراء استبعدوا أن تكون لإسرائيل أياد مباشرة من إطلاق القرش، أو أن تكون جلبت أنواعا من القروش المفترسة وغير المعهودة بشرم الشيخ للبحر، لكن وجود إسرائيل كمستفيد من ضرب شرم الشيخ يجعلها فى بؤرة المهتمين بالأمر، وصحيح أن مسئولين مصريين ومنهم اللواء محمد عبد الفضيل شوشة محافظ جنوبسيناء، نفوا الدور المباشر لإسرائيل، وقال شوشة إن ما جاء بوسائل الإعلام عن مسئولية إسرائيل فى ظهور أسماك القرش بشرم الشيخ أمر غير معقول، إلا أن إسرائيل تشكو من قلة السياح بسبب التحذيرات الغربية من ذهاب السياح إلى هناك، بسبب أنها منطقة حرب، علاوة على أن السياح الإسرائيليين لم يستجيبوا لتحذيرات أمنية من الذهاب لسيناء وشرم الشيخ، لكنهم أعطوا ظهورهم لإيلات، لذلك وجدت إسرائيل هجوم القرش فرصة لتكثيف الدعاية عن السياحة فيها. الكابتن محمد حبيب عضو مجلس إدارة جمعية حماية الشواطئ بالبحر الأحمر والأنشطة البحرية، لايبرىء الإعلام المصرى نفسه من الأمر، ويقول إن بعض ما نشرته الصحافة والإعلام والفضائيات فى مصر، كان عاملا فى إثارة حالة الذعر والتأثير على السياحة الداخلية لمصر، قائلا :" الإذاعات العالمية لم تعط حادثة هجوم سمك القرش حيزا كبير كالصحف المصرية، وكانت هناك حالة المبالغة فى نقل المعلومات بين وسائل الإعلام المصرية سواء المرئية أو المقروءة زاد من حالة الفزع بين المصريين وأثر على السياحة الداخلية". وفيما يخص تناول الصحف العالمية قال حبيب:" هناك دول فى العالم تعانى من أزمه القرش، ولكنهم يمتلكون قدرة على إدارة الأزمات، وهو ما نفتقره فى بلادنا، لأن إدارة الكوارث المصرية غائبة وكل كارثة يتم التعامل معها بتهوين ثم تهويل وارتباك، والجهات الحكومية تبدأ بالتعتيم على أى أزمة، الأمر الذى قد يساهم فى تفاقمها".