"في ظل حكومة إسلامية، لن يذرف بريء دمعة واحدة"... كلمات يتذكرها الصحفي الإيراني الشيوعي هوشانج أسدي بعد أن سمعها من رفيق زنزانته في السبعينيات علي خامنئي المرشد الأعلى للثورة الإيرانية... يتذكرها حاليا بكل مرارة بعد أن قذف نظام الثورة الإسلامية به إلى بحر من الدموع بعد أقل من 10 سنوات من هذه العبارة. أسدي كتب مذكراته التي حملت اسم "رسائل إلى معذبي" وتنشر جريدة الشرق الأوسط ملخصا لها في عدد اليوم... ويروي فيها فصولا مروعة من التعذيب والإذلال التي تعرض لها خلال فترة 6 سنوات قضاها في السجن، سنتان منها تقريبا في سجن انفرادي. ويتذكر أسدي صداقته بخامنئي التي استمرت سنوات، ويصف كيف تغير هذا الرجل ليتحول عبر السنوات من رجل دين عرفه تقيا طيبا، ليصبح رأس السلطة التي لا تعرف لإسكات معارضيها إلا التعذيب والقتل. يتذكر أسدي المرة الأولى التي رأى فيها خامنئي عندما رُمي به في زنزانة مشتركة بعد أن ألقي القبض عليه في خريف عام 1974. يقول: "رأيت رجلا، نحيلا للغاية، يلبس نظارات، وقد أرخى لحية سوداء طويلة. كان يجلس على تلة من بطانيات سوداء. لقد أدركت أنه رجل دين لأنه كان يرتدي عباءة صنعها من لباس السجن. وقف وابتسم ابتسامة لطيفة، مد يده وعرف عن نفسه: سيد علي خامنئي. أهلا". يصف أسدي خامنئي على أنه رجل تقي للغاية، كان يبكي وهو يصلي من شدة ورعه. يقول: "كان يتوضأ في الحمام، بطريقة جدية ومهيبة. ولكن معظم وقته، وخصوصا في وقت المغيب، كان يقضيه واقفا أمام النافذة. كان يسمع القرآن بهدوء، يصلي، ومن ثم يبكي، ينتحب بصوت عال. كان يفقد نفسه كليا في الله. كان هناك شيء في هذه الروحانية يحاكي القلب". يقول للشرق الأوسط إن (السلطة) هي التي غيرت خامنئي. ويؤكد أن الاتصال انقطع بينهما منذ ذلك الحين، رغم الصداقة الكبيرة التي جمعتهما في مرحلة معينة قبل وحتى بعد الثورة... "نحن اليوم ننتمي إلى عالمين مختلفين. لا أرغب حتى في أن يعود الاتصال بيننا". وعلى الرغم من مرور 25 عاما على انتهاء تجربته في السجن في ظل الجمهورية الإسلامية، ومغادرته إيران إلى منفاه في باريس في عام 2003، فإن الألم لا يزال حاضرا معه حتى في الذكرى، فقد تعرض لذبحة قلبية وهو يكتب مذكراته، وعلى الرغم من أن طبيبه طلب إليه التوقف عن الكتابة، فقد أصر على أن يكمل وعن هذا يقول: "كتابة هذا الكتاب كانت صراعا مؤلما. كل فجر عندما أبدأ بالكتابة، كنت أعود إلى الجحيم".