السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مشكلتي ممكن تكون بسيطة لبعض الناس ولكنها كبيرة بالنسبة لي، أنا فتاة عندي 24 سنة، وكنت مخطوبة لشاب لمدة سنة ونصف، ولكن لأسباب تافهة جدا، خطيبي فسخ خطوبتنا، ويعلم الله اني كنت محافظة على نفسي من اي شئ ولا حتى صحوبية وكان بيتقدم لي ناس كتير جدا بس للأسف حبيت الشخص ده واتعرفت عليه عن طريق واحدة صحبتي وكل شئ تم رسمي من أول أسبوع اتعرفنا على بعض هو بيقول إني عندية وعصبية بس فى آخر يوم اكتشفت انه حاكي لوالدته كل شئ بالحرف في السنة ونص دي المهم أنا مش قادرة أنساه ومش حاسة اني ممكن اكون مع حد تاني غيره وأنا بعد ما سبنا بعض الحمد لله جالي ناس كتير بس أنا مش حاسة حد وخايفة اظلم نفسي واظلم حد أنا بقالي شهرين وهوه ما حاولش يكلمني....كنت عايزة أسأل هو أنا ممكن أحاول اعمل حاجة من ناحيتي عشان نرجع لبعض ولا يكون مش حلوة في حقي وخصوصا انه غلط فيا واتكلم عني وحش كتير أنا عارفة انه طيب وبيحبني بس هو مشكلته لو الحاجة مجتش لحد عنده، مش بيحاول يعمل حاجة، حتى الشقة بتاعته مكنش بيجري يخلصها، أنا ما أنكرش اني كنت بضايقه كتير وممكن أكون أنا اللى وصلته للمرحلة دي هل ممكن اعمل حاجة واعمل ايه؟ وفي صعوبات كتير قدامي وهي الأهل لأن العيلتين شالوا من بعض قوي! ولكاتبة الرسالة أقول: بعد انتهائي من قراءة مشكلتك، أعدت قراءتها مرة أخرى بحثاً عن إجابة لسؤال ألح عليّ، ألا وهو ماذا تريدين؟ وما الذي أحببته في هذا الشاب؟ ووجدت أنك، كأغلب البنات، يهمك جداً أن ترتبطي وتكوني أسرة، ولك كل الحق في ذلك. وأكدتِ على ذلك مرارا بأنه يتقدم إليك الكثير من العرسان لكن لم تتعلقي سوى بواحد ولم تذكري ما الذي يميزه عن الآخرين. ثم طرحتُ سؤالا آخر أريدك أن تفكري فيه ملياً.. ما الصفات الضرورية التي يجب أن تتوافر في أي شريك الحياة حتى لا تندم الفتاة يوما بعد أن تتوه في دروب الحيرة فتسأل نفسها ما الذي أحببته في هذا الشريك؟ وكأنها تقرر بأسلوب غير مباشر أنه لم يكن جديرا بحبها!! أعتقد أن أول صفة يجب أن تكون في شريك الحياة.. أن يكون رجلاً. وأسألك الآن.. هل كان خطيبك رجلا؟ الرجولة ليست شاربا وعضلات مفتولة وجهارة صوت يا صديقتي.. الرجولة موقف، الرجولة مسئولية، ويجمع معناها العديد من القيم التي لا تتسع المساحة لتناولها. ويؤسفني أن أقول لك إنني لم أر في هذا الشاب ما يجعلني أصفه بأنه رجل على قدر المسئولية التي كانت ستلقى عليه. فمن أول أزمة بينكما تركك وأنهى كل شيء بل وتعدى عليك بما لا يرضاه لنفسه. بل واتضح أنه لا يستطيع تولي أمر نفسه وحده فيحكي لوالدته كل ما يخصه بما في ذلك تعدي على خصوصياتك حينما يكون الكلام متعلقا بك كما قلت في رسالتك. أي شاب ذلك الذي كنت تحبين؟ كيف سيكون حاله إذا ما اكتمل ارتباطكما ووجدت نفسك في حالة انتظار مفتوح لأنه لا يسعى ولا ينجز في إعداد بيتكما كما ذكرتِ؟ كم كانت علاقتكما ستصبح مضطربة وغير مستقرة من إحساسك بعدم الأمان، ومن انتهاكه لما يخصك بقصّه على والدته وأخته وعائلته كلها؟ كيف سيكون إحساسك وأنت ترين أن ما يجب أن تتمتع به علاقتكما من خصوصية منتهكة؟ ودعيني أوضح لك أمراً هاماً، أن ما عانيته كانت المرحلة الأولى فقط، لأن ذلك يتطور حتى تشك الفتاة أكان زواجها من هذا الشاب أم من والدته وأسرته لأنهم سيتدخلون في ملبسها، ومأكلها، ومشربها وتفاصيل حياتها. ألم تفكري في ذلك يا عزيزتي؟ لو كنت مكانك، لكنت فعلت التالي.. في البدء أحمد الله وأرضى وأسلّم بما كتبه لي. وأراجع ما حدث بقدر من الموضوعية لأعرف بماذا ساهمت في إفساده ولكي أتجنب ذلك فيما بعد. وأعتقد أنك بدأت تقومين بذلك حينما قلت بنبل إنك ربما ساهمت بمضايقته وبعصبيتك وعِندك. ثم عليّ أن أراجع مفهومي عن الارتباط والزواج يا صديقتي ويا حبذا لو يكون ذلك مع من يكبرك سناً ولديه من الحكمة والمعرفة ما يجعلك تتبصرين وربما يصحح مفاهيمك إن كانت غير صائبة. وكما أن حجر أساس صفات الزوج أن يكون رجلا، فإن حجر أساس الزواج هو حسن الاختيار. ولا يهم أن يتأخر الزواج طالما أننا في آخر المطاف سنكون على بصيرة في اختيارنا. ولكن انقياد البنت لإلحاح الأهل، والخوف من فكرة أن يفوتها قطار الزواج، هو ما يجعل الكثيرات يندفعن ويأخذن قرارات متهورة قد تفسد عليهن الحياة لأنها غالبا تكون اختيارات غير موفقة. تقول الشاعرة غادة السمان: "ما أندر الرجال الذ?ن نفشل في نس?ان?م. ولكن إذا مرّ أحد?م بصفحة الروح، دمغ?ا إلى الأبد بوشمه". وأرى من خلال كلامك أنه لم يكن من أولئك الرجال الذين يتركون بصمة جميلة تجعلنا غير قادرين على نسيانهم، وأنك في فترة قصيرة ستجدين نفسك تنظرين لما حدث وكأنه صفحة لم يكتب فيها سطراً. وهناك بيت جميل يلخص ما أريد أن أقوله لك: إذا أنت لم تعرف لنفسك قدرها هواناً بها كانت على الناس أهون. فاعرفي قدر نفسك وعزيها أعزك الله.. فليس عليك القيام بأي شيء. دعي الأمور تجري واستعيني بالله، وتأكدي أن الزواج رزق من الله فإن لم يأت الآن فلله حكمته وعليك أن ترضي بمقاديره سبحانه وتقديراته. وحرري نفسك من التفكير في هذا الشاب بتذكر المساوئ، وما كان سيلحق بك من ضرر بالغ إن استمرت علاقتكما، وأولا وأخيرا بإيمانك بأن الله تعالى سيقدر لك خيرا منه بإذن الله. دعاء سمير