مما لا شك فيه أن الدوري المصري الممتاز يمثل ثقلاً كبيراً بين الدوريات الإفريقية والعربية بشكل عام، حتى مع سيطرة قطبي الكرة الأهلي والزمالك على معظم المرات التي أقيمت فيها البطولة. ومع بداية تطبيق الاحتراف بدأت البطولة تأخذ منعطفاً جديداً، وظهرت في الكرة المصرية قوى جديدة لا ينقصها إلا العزيمة وروح البطولة ثم التوفيق حتى تحقق مجداً بين الأندية البطلة للمسابقة الأهم جماهيريا في مصر رغم أنها ليست الأقدم. وتفوق الدوري المصري قاريا وعربيا جعل منه هدفا ومطمعا للعديد من اللاعبين الأفارقة وغير الأفارقة، باعتباره طريقا للاحتراف في أوروبا. ومر على الدوري المصري بلا شك لاعبون أجانب على أعلى مستوى، نذكر منهم ثنائي المقاولون الدوليين عبد الرزاق كريم والحارس العملاق أنطوان بل، ونذكر في الزمالك كوارشي وعمر النور، وشطة وجورج الحسن في الأهلي، والثنائي الإيراني في المصري قاسم بور وأبو الرضا بارزكلي، إلا أن الحديث عن اللاعبين الأجانب سيقتصر على الفترة من عام 1990 وحتى الآن، وعلى ناديي القمة فقط باعتبارهما صاحبي نصيب الأسد من التعاقدات. وقد تعاقد النادي الأهلي منذ عام 1990 وحتى الآن بالنسبة للاعبين الأجانب مع كل من: فيليكس أبواجي، تابان سوتو، جورج آرثر، إسحاق أول، يوسف يعقوب، تشيرنو مانساري، صنداي، روبرت أكوراي، جيلبرتو، إفيلينو، كاستيللو، أكوتي مانساه، جيلبرسون، ماكي هنري، فلافيو، أنيس بوجلبان، فرانسيس. وتعاقد الزمالك خلال نفس الفترة مع: إيمانويل أمونيكي، إسماعيل كوليبالي، آكي، عثمانو سومانو، أوتشيري، ألفيس روبين، كريستوفر، آندي شيكو، أوسكار، موسى توري، قاسي سعيد، كينج ساني، فيليكس، بابا أركو، أحمد صلاح، صالح سدير، جونيور، وسام العابدي، يامن بن زكري، أندرسون، أجوجو، ريكاردو، أولي كوفي، إبراهيم أيو، مارسيل أديكو. وعذرا إن سقط مني اسم أو أكثر من اللاعبين الأجانب بالفريقين لكثرتهم. والآن من في هذه الأسماء لمع وترك بصمة واضحة في أذهان الجماهير وأثر بشكل مباشر في تطوير مستوى فريقه، واستطاع أيضا أن يرفع من مستوى نفسه ويطور أداءه بما يخدم مصلحة الفريق؟! في الأهلي: فيليكس، جيلبرتو، فلافيو، أي 3 لاعبين من جملة 17 لاعبا مثبتا غير من سقط سهوا، وفي الزمالك سنجد: إيمانويل، ويليه من بعيد كوليبالي، أي اثنين من حوالي 26 لاعبا. وبالمقارنة مع الدوريات العربية الشقيقة في القارة الإفريقية، سنجد أن اختياراتهم للاعبين الأفارقة أو الأجانب عموما غالبا ما يكتب لها النجاح، فأنا لم أر لاعبا برازيليا ناجحا في الدوري المصري، ورأيت الكثير منهم في الدوري التونسي والسعودي والإماراتي، ومنهم من اقترح البعض تجنيسه ليلعب باسم منتخبات بلادهم، وهو ما تم مع ثنائي الترجي سانتوس وكلايتون اللذين مثلا تونس دوليا. وقد يرد البعض بأن هناك نجاحات حققها بعض اللاعبين الأجانب في مصر، مثل النيجيري بوبا مهاجم اتحاد الشرطة، والغانيان إيريك وكوفي بيكوي مهاجمي بتروجيت، وصامويل كيرا لاعب وسط اتحاد الشرطة، والموزمبيقي مانو مدافع إنبي وغيرهم. إلا أن هؤلاء اللاعبين لا يزيدون في المستوى عن نظرائهم المحليين، ولاعب مثل صامويل كيرا مثلا يقضي موسمه السادس في الدوري المصري ويقدم مستوى لم يؤهله للانضمام لمنتخب بلاده، والقليل منهم ارتقى نسبيا بمستواه المتواضع من البداية ليصبح في درجة تقارب اللاعب المحلي ولا تتجاوزه، وهذا يحدث غالبا بعيدا عن ناديي القمة اللذين يبحثان عن اللاعب الجاهز وليس اللاعب الذي يقضى موسما أو اثنين حتى يحقق الانسجام ويرتقي للمستوى المطلوب. فهل أصبحنا نفتقد العين الخبيرة في اختيارات اللاعبين، وهل باتت السيديهات تغني عن متابعة اللاعب على أرض الواقع أكثر من مرة على مدار الموسم، وهو ما يفعله كل مدربي القارة العجوز قبل تحديد اختياراتهم؟!!. هل أصبحنا لا نعرف احتياجاتنا الحقيقية قبل إتمام التعاقد مع لاعبين أجانب ربما لا يلعبون في المركز الذي يحتاجه المدير الفني، فالجميع أصبح ضحية لوكلاء اللاعبين المهتمين بحكم عملهم بتسويق اللاعب حتى وإن غالط الأندية في مركزه الأصلي؟!!. رحم الله الحاج عبده البقال كبير كشافي النادي الأهلي في السبعينيات وأوائل الثمانينيات والذي التقط بعينه الخبيرة مثل باقي الكشافين في الأندية العديد من المواهب التي صنعت لنفسها ولأنديتها مجدا سيظل يذكره التاريخ إلى الأبد. للأسف الشديد معايير اختيار اللاعبين الأجانب في مصر غائبة ومختلة، وأصبحت الأندية لعبة في أيدي وكلاء اللاعبين، وأضيف إليها حرب خطف اللاعبين أيا كان مستواهم بين أندية الدوري. والكرة المصرية تحتاج لعدة قرارات من اتحاد الكرة لوضع حد للتعاقدات الخارجية بما لا يؤثر على مستوى الكرة المصرية واللاعبين المحليين، على غرار القرار الصائب بمنع التعاقد مع حراس أجانب لإتاحة الفرصة أمام الحراس المصريين للمشاركة. وفي الختام، هل نرى قريبا قرارا جريئا من اتحاد الكرة بقصر التعاقد مع اللاعبين الذين اجتازوا على الأقل المشاركة في 50% من مباريات منتخبات بلادهم في العامين الأخيرين، كخطوة أولى لحماية الدوري المصري من أنصاف اللاعبين، علما بأن الاتحاد الإنجليزي يشترط مشاركة اللاعب في 70% من مباريات منتخب بلاده في العامين الأخيرين قبل السماح له بالاحتراف في أي درجة من درجات الدوري.