"اقرأ الدستور جيداً قبل ذهابك للاستفتاء .. فلقد أصبح للمصريين دستوراً جاء بإرادتهم ليس منحة من حاكم أو تفضل من أحد، الدستور الجديد قلص من صلاحيات رئيس الجمهورية فلم يعد يستطيع حل البرلمان إلا بالاستفتاء وإذا كانت نتيجة الاستفتاء بالرفض يجب عليه أن يستقيل". كانت هذه هى بعض من كلمتا الرئيس مرسى قبل الاستفتاء على مشروع دستور 2012 الذى استفتى عليه المصريين وأصبح دستوراً شرعياً وصلت فيه نسبة القبول إلى 67% وسط إشراف قضائى كامل، ونزاهة فى عملية التصويت بشهادة المعارضين قبل المؤيدين. نص الكلمة يؤكد للعالم مدى الحرية التى ان ينعم بها المصرييون فى عهد الرئيس الشرعى –المختطف من قبل الانقلابيين- حيث دعا جميع المصريين لقراءة مسودة الدستور جيداً وفهمها قبل أن يذهبوا للتصويت. لم يجبر "الرئيس المنتخب" أى شخص على التصويت ب"نعم" أو "لا" معتبراً أن توجيه الناخبين أمراً غير مقبولاً قائلاً بالنص "الكرامة حق رئيسي لكل إنسان على أرض مصر وليس المواطن فقط وهي سابقة لم تحدث في أى دستور". واستكمالاً للشفافية أمام الشعب الذى انتخب ممثليه قال المستشار حسام الغريانى رئيس الجمعية التأسيسية المنتخبة من الشعب إن كل مادة من مواد الدستور استغرقت 300 ساعة عمل، وجاءهم أكثر من مليون مقترح بعد أن طافت الجمعية معظم أنحاء الجمهورية للوصول إلى صيغة مرضية للجميع قبل تقديم مشروع الدستور للرئيس. تكشف هذه التصريحات الدلالات أمام الناس بأن من يختاره الشعب ب"الانتخاب" يحترم إرادة مواطنيه ولا يجبرهم على شئ، بل يسعى إلى توطيد أواصر العلاقة عن طريق "ألفهم" قبل الذهاب، مع ترك حرية الاختيار، وتوعية الناس بنتائج نعم ونتائج لا وتعده بتنفيذ النتيجة مهما كلفه الأمر. على العكس والنقيض تماماً .. تعامل الانقلابيون مع الاستفتاء بمنطق "الحرامى" الذى سرق السرقة ويرد أن يخفى معالم جريمته فى أسرع وقت كى لا يحاسبه أصحاب الحق .. ففعل الانقلابييون فعلتهم وكونوا لجنة ال(10) بالتعيين، ثم تعيين لجنة ال50 ل"سلق الدستور" فى جلسات سرية أشبه بمجالس الحرب، ومنعوا المصريين من الاستماع على عكس ما فعله "المنتخبين". وخرج الرئيس المعين من جانب الانقلابين ليطالب شعب مصر بالتصويت ب"نعم" علانة وعلى الملأ ، وذلك خوفاً على حياته وعلى حياة أصدقائه "الانقلابيين" فى حشد صارخ وفوضوى وكأنه يقول للمصريين "نحن نفهم أكثر منكم، وما عليكم إلا إطاعة الأوامر" . وواصل الرئيس المعين "الغير شرعى" ستخفافه بعقول المصريين عندما قال " لقد تابعت جلسات لجنتكم الموقرة، وشاهدت حيوية النقاش بين أعضائها، وما جسده من ديمقراطية وحرية رأى، وما أبديتموه من حماس ووطنية، مستهدفين إعداد الدستور الأمثل لمصر وشعبها، فى ظل أوضاع وظروف استثنائية يمر بها الوطن". أى حيوية وأى حماس تحدث عنها عدلى منصور على الرغم من قرار الانقلابيين بسرية الجلسات وعدم إذاعتها، بل ومنع الصحفيين من حضور أعمال الجلسات!! هذين مشهدين بسيطين يكشفان كيف يتعامل من ينتخبه الشعب مع المواطنين .. كيف يعتبرهم شركاء فى المسيرة وبناء الوطن، والآخر انقلب على السلطة يستخف قومه فيطيعوه ليجن مكاسبه على حساب دمائهم.