أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    أسعار الدواجن اليوم الجمعة 9-5-2025 في محافظة الفيوم    الجيش الهندي: القوات الباكستانية انتهكت وقف إطلاق النار في جامو وكشمير    إضاءة مبنى "إمباير ستيت" باللونين الذهبي والأبيض احتفاء بأول بابا أمريكي للفاتيكان    المهمة الأولى ل الرمادي.. تشكيل الزمالك المتوقع أمام سيراميكا كليوباترا    جوميز: مواجهة الوحدة هي مباراة الموسم    خريطة الحركة المرورية اليوم بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    حفل أسطوري..عمرو دياب يشعل "الارينا" في أعلى حضور جماهيري بالكويت    «أوقاف شمال سيناء»: عقد مجالس الفقه والإفتاء في عدد من المساجد الكبرى غدًا    ارتفاع صادرات الصين بنسبة 8% في أبريل    زيلينسكى يعلن أنه ناقش خطوات إنهاء الصراع مع ترامب    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    تكريم حنان مطاوع في «دورة الأساتذة» بمهرجان المسرح العالمي    فرص تأهل منتخب مصر لربع نهائي كأس أمم أفريقيا للشباب قبل مباراة تنزانيا اليوم    حبس المتهمين بسرقة كابلات كهربائية بالطريق العام بمنشأة ناصر    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    في ظهور رومانسي على الهواء.. أحمد داش يُقبّل دبلة خطيبته    جدول مواعيد مباريات اليوم الجمعة والقنوات الناقلة    الهباش ينفي ما نشرته «صفحات صفراء» عن خلافات فلسطينية مع الأزهر الشريف    تبدأ 18 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الرابع الابتدائي بالدقهلية    حملات تفتيش مكثفة لضبط جودة اللحوم والأغذية بكفر البطيخ    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    تويوتا كورولا كروس هايبرد 2026.. مُجددة بشبك أمامي جديد كليًا    مصر تنضم رسميًا إلى الاتحاد الدولي لجمعيات إلكترونيات السلامة الجوية IFATSEA    بعد بيان الزمالك.. شوبير يثير الجدل برسالة غامضة    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    إلى سان ماميس مجددا.. مانشستر يونايتد يكرر سحق بلباو ويواجه توتنام في النهائي    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    خبر في الجول - أحمد سمير ينهي ارتباطه مع الأولمبي.. وموقفه من مباراة الزمالك وسيراميكا    مستأجرو "الإيجار القديم": دفعنا "خلو" عند شراء الوحدات وبعضنا تحمل تكلفة البناء    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    زيلينسكي: هدنة ال30 يومًا ستكون مؤشرًا حقيقيًا على التحرك نحو السلام    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    بنك القاهرة بعد حريق عقار وسط البلد: ممتلكات الفرع وبيانات العملاء آمنة    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    في عطلة البنوك .. آخر تحديث لسعر الدولار اليوم بالبنك المركزي المصري    دراسة: 58% يثقون في المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    أيمن عطاالله: الرسوم القضائية عبء على العدالة وتهدد الاستثمار    سهير رمزي تعلق على أزمة بوسي شلبي وورثة الفنان محمود عبد العزيز    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"دستور الثورة".. وضعته تأسيسية منتخبة وشوّهه طيور الظلام


تأسيسية 2012
أول جمعية تأسيسية منتخبة لوضع دستور فى تاريخ مصر
لجنة الخمسين الانقلابية
50 موظفا عينتهم سلطة الانقلاب العسكرى غير الشرعية
أكد خبراء ساسيون أنه بعد ثورة 25 يناير نجح الشعب المصرى لأول مرة فى تاريخه فى انتخاب جمعية تأسيسية -لوضع دستور الثورة- ممثلة للإرادة الشعبية ومعبرة عنها ولم تكن معينة من السلطة أو بقرار ملكى أو رئاسى، وقدمت مسودة دستور تم الاستفتاء عليها شعبيا بموافقة الثلثين ليقر الشعب دستوره، ثم جاءت سلطة الانقلاب العسكرى الدموى لتعطل دستور البلاد وتشكل لجنة انقلابية من 50 موظفا ليقوموا بتشويه دستور الشعب.
وأوضح الخبراء ل"الحرية والعدالة" أن ثمة فوارق جوهرية بين اللجنة التأسيسية لدستور 2012 المنتخبة من الشعب، ولجنة الخمسين المعينة من سلطة الانقلاب، فتأسيسية 2012 هى اللجنة الشرعية وعملت بشفافية كاملة وشارك فى مسودتها مختلف الشرائح المجتمعية وبثت جميع فعالياتها على الهواء مباشرة وطافت لجانها المحافظات والجامعات، وطرحت عدة مسودات للحوار العام، وعدلت فيها بشكل يومى.
أما أعمال لجنة الخمسين غير الشرعية والباطلة تمت بالغرف السرية وبتكتم شديد خوفا من افتضاح ما يثور عليه الشعب، وأعدت مسودة مسروقة ومسلوقة وبالترقيع، والأهم بأوامر فوقية لتحصين دولة الاستبداد والفساد، والعبث والتلاعب بدستور البلاد، وإهدار إرادة الشعب التى استفت عليه، مشيرين إلى أنه فى إطار المشهد العبثى والإجراءات الباطلة للسلطة الانقلابية من المتوقع استمرار عملية التزييف والتزوير للاستفتاء.
جهد متواصل
فى إطار منهج الشفافية والتواصل المستمر مع الرأى العام عقدت هيئة مكتب الجمعية التأسيسية للدستور 19 نوفمبر مؤتمرا صحفيا تحدثت فيه عما أنجزته، بهدف إحاطة الشعب بآخر ما تم من أعمال، وشرح أسلوب عمل الجمعية القائم على عمل مكثف من لجان الجمعية لإدخال أكبر قدر ممكن من آراء الشعب فى مسودة الدستور، وأوضح أنه منذ 12 يونيو 2012 ومنذ ذلك الوقت تعمل ليل نهار لكى تنجز هذه المسودة.
ولطمأنة الشعب المصرى أنها لا تسلق الدستور، وأنها أتمت حتى 19 نوفمبر 60 ألف ساعة عمل فى إنجاز المسودات وجلسات الاستماع وعمل الجهاز الإدارى الضخم والخبراء الذين استعانت بهم الجمعية من الخارج.
وبذلك تكون كل مادة استغرقت أكثر من 300 ساعة عمل من مناقشة وصياغة وتعديل، وتكثف عملها يوميا من العاشرة صباحا حتى التاسعة مساء، فى إطار حرص "التأسيسية" على الانتهاء فى الموعد المحدد قبل 12 ديسمبر 2012، التزاما بالمدة الدستورية 6 أشهر، ولكى تنتهى مرحلة الاضطراب السياسى التى تمر بها مصر، ولكن ليس عن طريق الاستعجال أو السلق، بما ينفى ما يقال حول سلق الدستور فى الإعلام المغرض والمتربص وقتها بالتأسيسية المنتخبة.
ونجحت الجمعية التأسيسية فى تقديم عدة قراءات ومسودات للدستور، وكل قراءة كانت تخضع للتعديل والتطوير بناء على الرأى العام، ومقترحات كانت تؤخذ جميعها بعين الاعتبار وفقا لما أعلنه المستشار حسام الغريانى –رئيس اللجنة- بنفسه، وكانت جميع الجلسات العامة فيها علنية وتبث على الهواء.
أما لجنة الخمسين الانقلابية فجميع جلساتها سرية، ولم تخرج إلا مسودة واحدة خرجت كتسريب قبل بدء التصويت النهائى بيومين، والمسودة النهائية خرجت للصحفيين بنفس يوم التصويت النهائى، الذى بدأ السبت 30 نوفمبر الماضى.
فى كلمته قبيل تسليم مشروع الدستور للرئيس المنتخب د. محمد مرسى، قال المستشار حسام الغريانى -رئيس الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور-: إن اللجنة عقدت 49 جلسة استغرقت أكثر من 240 ساعة، وتلقت أكثر من مليون تعليق عبر موقعها الإلكترونى، وزعت على اللجان المختصة لفحصها.
وأن مشروع الدستور الذى يتكون من ديباجة وخمسة أبواب أعلى من قيم الديمقراطية والشورى والمواطنة، وأكد سيادة الشعب واستقلال القضاء، كما نص على حقوق لم ينص عليها أى دستور سابق فى مصر؛ مثل حقوق المرأة، والمعاقين، وشهداء الثورة وأسرهم.
وأن الدستور كفل حرية الرأى والإبداع، وتكوين النقابات، وحقوق أبناء مصر فى الخارج، كما استحدث مجالس وهيئات رقابية.
وعقب تسلمه مسودة أول دستور لمصر بعد ثورة 25 يناير من رئيس الجمعية التأسيسية، قال الرئيس مرسى فى كلمته أمام الحضور: "حرصا منّى على بناء مؤسسات الوطن دون تراجع أو تباطؤ فسأصدر قرارى اليوم بدعوة جموع الشعب المصرى إلى الاستفتاء على مشروع الدستور هذا، وذلك يوم السبت الموافق 15 ديسمبر2012"، ووجه الرئيس الشكر لأعضاء الجمعية التأسيسية التى اعتبرها "أول جمعية تأسيسية منتخبة لوضع دستور فى التاريخ المصرى، فالجمعيات التأسيسية السابقة كانت تعين بأوامر ملكية أو رئاسية".
لجنة المقترحات والحوار المجتمعى
قامت لجنة المقترحات والحوارات والاتصال المجتمعى بالجمعية التأسيسية برئاسة الدكتور محمد البلتاجى –عضو المكتب التنفيذى لحزب الحرية والعدالة، عضو الجمعية- بإطلاق حملة تحت عنوان "اكتب دستورك"، وسط حصار إعلامى متعمد ومقصود للتأسيسية من أجل إفشالها.
وقامت التأسيسية بالاشتراك مع مركز العقد الاجتماعى مبادرة "دليل المواطن لفهم الدستور" بهدف رفع الوعى السياسى للمواطن والتوعية بالدستور وإيجاد ثقافة حقوقية ودستورية.
وقامت لجنة المقترحات بجهود متواصلة بجميع الشرائح المجتمعية من خلال مؤتمرات جماهيرية حاشدة بجميع المحافظات وفق خطة وبرنامج عمل يومى واستطلعت الآراء وجمعت المقترحات من قبل مؤسسات وأفراد ثم قامت بإعادة تقديمها للجان الجمعية التأسيسية، وفى هذا الإطار نزلت اللجنة إلى الجامعات والهيئات وطافت المحافظات، والتقت ممثلى المصريين بالخارج لمعرفة تصوراتهم عن دستورهم.
وتلقت لجنة المقترحات حتى أكتوبر 2012 فقط 30 ألف مقترح تم عرضها على كافة اللجان داخل الجمعية التأسيسية للدستور، ونجحت فى الاستماع إلى آراء القوى المجتمعية والسياسية لإشراك الشعب المصرى فى كتابة دستوره.
وعقدت اللجنة سلسلة من الزيارات للعواصم العالمية للاستماع إلى المصريين بالخارج بعد استكمال الزيارات الداخلية لجميع محافظات مصر، بجانب جلسات الاستماع مع عدد من قامات مصر العلمية والأدبية والفكرية للاستماع إلى رؤيتهم فى الدستور.
وأشارت اللجنة -فى بيان لها- إلى أنها استقبلت حتى أغسطس 2012 عن طريق الموقع الإلكترونى، والبريد العادى، والبريد الإلكترونى، والفاكس، والخط الساخن أكثر من 22 ألف مقترح، 17 ألف منهم عن طريق الموقع الإلكترونى، وشملت المقترحات المقدمة عشرات من مشاريع كاملة لدساتير أعدتها جهات أكاديمية معتبرة.
أوامر فوقية
فى البداية يقول الدكتور محمد حسين -أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة-: إن ثمة فوارق جوهرية بين الجمعية التأسيسية المنتخبة وبين لجنة الخمسين الانقلابية، فتأسيسية الدستور هى لجنة منتخبة على درجتين من الشعب وممثلى الشعب، وتعبر عنه وتمثل إرادته ولذلك فهى لجنة شرعية، عملت بشفافية كاملة وكانت جميع جلساتها وفعالياتها مذاعة على الهواء ساعة بساعة ويوما بيوم، وفتحت باب الحوار المجتمعى والشعبى مبكرا، وأطلعت الرأى العام على جميع تفاصيل عملها أولا بأول.. ولم تنتظر خروج المنتج النهائى.
وأضاف "حسين": أما لجنة الخمسين فهى باطلة؛ لأنها معينة من سلطة الانقلاب، وشأنها شأن عدلى منصور المعين بقرار السلطة الانقلابية، إذن هى لجنة غير شرعية وغير ممثلة لأى أحد، ومن ثم لا فائدة من مناقشة ما هى التعديلات أو طبيعتها لأنها من الأصل باطلة، وكل ما أنتجته يملى عليها بأوامر فوقية من قبل من عينها؛ بدليل أن اللجنة خرجت بتصريحات ثم غيرتها بقرارات من فوق، ونحن لا نعلم كيف كانت تعمل أصلا، وغيرت كثيرا مما أوردته لجنة العشرة نفسها، وكل عملها تم فى السر وفى الظلام الكامل، وخرجت بمنتج لا يعبر عن طبيعة الشعب ولا الثورة، ولم تفتح حوارا مجتمعيا، ولم تطلع أحدا على موادها طيلة فترة عملها.
وأشار إلى أن لجنة الخمسين كان هناك من يحركها بأوامر تصدر من فوق بأوامر معينة، بناء على توجهات السلطة الانقلابية فى سرية كاملة، بدليل تخبط وتضارب القرارات بما يكشف كيف كانت تدار من الداخل ومن يديرها؟
عملية التزييف والتزوير
متفقا معه يرى مدحت ماهر -المدير التنفيذى لمركز الحضارة للدراسات السياسية- أننا نقترب الآن من واحدة من أهم محطات الحالة الانقلابية ومقاومتها ومناهضتها، وهى محطة "التعديل الدستورى"، ولا شك أن الانقلابيين يعولون عليها لكسب شرعية صورية شكلية أمام العالم الخارجى، وظنا منهم أنها تقوى موقفهم بالداخل، مؤكدا أنها ستظل شرعية صورية فى جميع الأحوال، لأن الشرعية الحقيقية يستحيل أن يحصلوا عليها نهائيا، فالانقلاب مهما فعل لن يستطيع شرعنة وضعه الانقلابى بأى حال.
وأوضح "ماهر" أن الانقلاب بحكم أنه انقلاب وحالته المعنوية كما نراها مضطرا لاستمرار عملية التزييف والتزوير التى بدأها قبل 30 يونيو بتزييف الوعى وتوجها فى 30 يونيو بشكل كبير بأن يسمى "الأقلية" الشعب، ويصنف الأكثرية بأنها "الإرهاب" ليستحل فيها أربعة أشياء؛ هى الدماء والأموال والحرمات والحريات، والأخطر من ذلك ضمن عملية التزييف وصف كل الإجراءات الاستبدادية والقمع والقتل وانتهاك الدستور الشرعى وتعطيله وإهدار الإرادة الشعبية التى أقرته باستفتاء شعبى نزيه بالمسار الديمقراطى.
وتابع: وتعد قضية الدستور أكبر كاشف على الحالة الانقلابية فى كل شىء، فنحن نواجه انقلابا ليس عسكريا فحسب، بل انقلاب حياتى فى كل مناحى الحياة والحقوق والحريات، وأحدث قلب للمفاهيم وتلاعب بها، فأصبح الشعب أقلية والأقلية شعب، والعصابة وطن والوطن عصابة؛ بوضع مقلوب فيه المعانى والأوضاع.
ونبه المدير التنفيذى لمركز الحضارة، إلى أنه منذ تشكيل لجنة الخمسين الانقلابية كلفهم العسكر بتعديل الدستور، وفى ذلك عدة مفارقات؛ منها أن لجنة الخبراء هى للصياغة النهائية الفنية، ولجنة الخمسين مفترض أنها للقضايا الموضوعية ومعنية بالمضمون، ما حدث العكس لتبدأ هذه اللجان الانقلابية بحالة عبثية، ثم دخلت لجنة الخمسين فى دور غير الملتزم بما ورد لها من لجنة الخبراء، ودخلت "الخمسين" بمعركة مع نفسها حول مقولات تعديل أم دستور جديد، ثم الرموز المشهورة بشعارات رنانة لن نرقع، ثم بالنهاية نجد تعديلا ليس فيه إلا بقع ورقع، فبعد المحذوفات والإضافات بالدستور لن نجد من لجنة الخمسين الانقلابية إلا الترقيع والتبقيع وليس أى تعديل علمى منظم.
وشدد على أن ما دار من نقاشات محدودة حول قضايا محدودة لا يمكن أن نسميها حوارا مجتمعيا أبدا، حيث الجلسات سرية، وادعوا أنها فقط مغلقة، والحقيقة أنها سرية وليست مغلقة، أما اللجان الانقلابية فعملت بشكل أكثر سرية حتى من الأجهزة الأمنية، مفسرا هذا السرية والتكتم بأن الذى يسرق دستور البلاد الشرعى يحتاج إلى الظلمة والتعتيم، ومن خبأ شرا لا يمكن أن يفعله فى النور، والإغلاق والتكتم لا يكون إلا لشىء لو علم به المجتمع لثار عليه ورفضه، ولذا باللحظات الأخيرة اتضح خبايا الغرف المغلقة؛ ومنها إلغاء مواد مكافحة الفساد، وتسريبات التحصينات التى قيل إنها مفبركة، ثم صارت واقعا ماثلا، كذلك خلاف نسبة العمال والفلاحين.
تحصين دولة الفساد
وأشار "ماهر" إلى أن السرية تتفق مع الحالة الانقلابية، لدينا انقلاب متبجح يدعى الانفتاح؛ وهو يعلم أنها جلسات سرية، والمنتج المخرج النهائى ليس مفاجئا فهو يمكن لدولة الاستبداد ويحصن أجهزة فاسدة، وقائم على تكريس دولة ما قبل 25 يناير، ومن ثم ما سيحدث بالاستفتاء نعرفه مسبقا من الآن، فستجرى الدعوة للاستفتاء بحالة استنفار للتصويت ب"نعم" على تعديل دستورى سرى لم يروه، ثم متوقع أيضا أن تحول لمعركة بين الدولة والوطن والجيش ورموز تمثل الانقلاب من ناحية، فى مواجهة ما سيصورنه بطرف "الإرهاب والعنف"؛ وهم معارضو الانقلاب، حسب زعمهم.
استفتاء مزور
وبين المدير التنفيذى لمركز الحضارة، أن صورة هذا التحالف المريب بين المؤسسة الأمنية والقضائية فى أقوى حالاته الآن، واللجنة العليا والإشراف القضائى وإمكانيات الطعن كل ذلك محل يقين سيقف مع الحالة الانقلابية فى إخراج استفتاء مزيف، أيضا التحالف بين المؤسسة الأمنية والجهاز الإعلامى يجعله يملك أدوات صناعة الصورة، فيركز أثناء التصويت على 200 أو 300 لجنة من آلاف اللجان عليها حضور ثم صور فوتوشوب تحمل رسائل داخلية وخارجية، بأن الحضور 33 مليون، مثلما حولوا من قبل 800 ألف أو مليون شاركوا بمظاهرات 30 يونيو إلى مقولة 33 مليون، أى أن نزول 4 ملايين للتصويت قد يوضع أمامها صفر وتصبح 40 مليونا.
وحذر من أن النتيجة معروفة، "فالانقلاب.. الورق ورقه والدفاتر دفاتره"، والانقلاب يعمل على صناعة الصورة المختلقة والخيال، أما حقيقة مشكلات الناس وحلها لا يعنيهم، وهذا دأب النظم المستبدة، الزعم أنه كل شىء على ما يرام، بينما وقعت أمور ضد ما يشتهى الانقلاب، فتكشف للجماهير الآن حقائق مريرة عن نكسات وليس نكسة واحدة.
شفافية كاملة
وأكد "ماهر" أن بالمقارنة بين التأسيسية المنتخبة والخمسين الانقلابية نجد كله بالمعكوس، فتأسيسية الدستور منتخبة على درجتين، ودار حولها قبل تأسيسها حوار مجتمعى حول معايير اختيار أعضائها، ثم جاءوا برموز وطنية تمثل قطاعات شعبية واسعة، ثم تم التوافق على معايير الاختيار ثم على أعضائها ثم على منتجها نفسه بنقاشات جادة ومنفتحة وعلانية ببث مباشر بقناة الشعب، وحتى من انسحب منها كان مشاركا بفعالية فيها، وأعدت "تأسيسية الدستور" دستورا للشعب وليس للنخبة، ثم جاءت الانسحابات فى نضوج مخطط الانقلاب.
وأضاف: فقد عملت التأسيسية فى شفافية واضحة وبلجان نشطة داخلها منها لجنة التواصل والحوار المجتمعى التى استقبلت عشرات الآلاف من المقترحات والملاحظات، ونظمت حملات للتعريف به، وأنتجت "التأسيسية" عدة مسودات كان يتم تطويرها بشكل يومى، وشهد أداؤها إشادات محلية ودولية وأكاديمية على مضمون الدستور وطريقة عمله، وجلسة التصويت النهائية وفقا للعرف الدستورى.
وتابع: إنه لم تكن مزاعم السلق إلا جزءا من الدعاية السوداء الكاذبة، وانتقلنا الآن من مقولة المسلوق إلى تعديلات مسروقة، ورئيس مخطوف، وعملية ترقيع وتبقيع وتلويث لدستور 2012، خرجت تعديلات متناقضة تماما مع بعضها تدعى الحريات فى نص، وتقييدها فى آخر؛ تقول بمدنية ثم تعسكر الدولة بنصوص أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.