طرحت أحداث القمع فى مجلس الشورى، خطابات جديدة للوحدة الثورية، واتخاذ مواقف ثورية مشتركة، وهو ما أثار جدلا إيجابيا بين أنصار الشرعية ورافضى الانقلاب من جهة، ومناهضى الانقلاب الجدد من جبهة أخرى، وهو ما يجب أن نناقشه بوضوح وصراحة. يبزر سيناريو المؤامرة، فى صدارة الجدل، حيث يجد له تربة خصبة من انعدام الثقة بين شركاء ثورة 25 يناير، نتيجة أحداث عدة ومكائد عديدة، فما بين قائل: إن تحالف الشرعية أو الإخوان على الأخص يريدون استغلال الحدث براجماتيا، وقائل يحذر من صناعة ثوار جدد فى معسكر إسقاط الانقلاب لسحب مطلب تمكين الشرعية الدستورية على يد الذين باعوا الثوار فى النهضة ورابعة للعسكر. كما تبرز أزمة أخلاقية واضحة، فى استمرار بعض نشطاء اليسار والليبراليين المتسترين تحت لافتة الثوار، فى قيادة المناكفات السياسية مع التيار الإسلامى وفى القلب منه الإخوان، وتريد نفس منظومة الشائعات التى صنعت على عين العسكر وكانت سببا فى الوقيعة والانقسام، وهى تهمة للمفارقة ستجدها معكوسة على صفحات هؤلاء النشطاء الذين يزعمون أنهم الثورة وأن الثورة هم، وأن الباقى يجوز نعته بلقبه السياسى فقط وكتب عليه الخروج من جنة الثورة، حيث ستجد اتهامات واضحة بكل الاتهامات غير الوطنية وغير الثورية ضد الإسلاميين. إن إعادة توثيق تاريخ الثورة، منذ 11 فبراير 2011 وحتى الآن، سيذيب بلا شك كثيرا من جبال الثلج والشبورة السياسية التى تحجب الحقيقة، وحتى يحدث هذا، وفى ظل التطور الميدانى لثورة الشرعية والكرامة، طرح نشطاء عديدون من قطاعات 30 يونيو المستيقظة، وبعض المخلصين، مبادرات لتشكيل تحالف جديد مبنى على إسقاط الانقلاب العسكرى، دون عودة ما سمه أحد الناشطين "دولة مرسى" والتخلى عن مطلب الشرعية الدستورية، وهو أمر جد خطير على ثورة 25 يناير، وأشرنا إليه فى حينه وتحدثنا عنه باستفاضة أكثر فى مقالاتنا السابقة: "الوعى الثورى فى اللحظة الفارقة"، "نحو تطوير ميدانى حاسم للثورة"، "لا للعسكر والفلول والانقلابيين"، "الشرعية الدستورية.. عنوان الحقيقة". إن باب ثورة الشرعية والكرامة، مفتوح، لمن أبصر الطريق، وربما ملتحق متأخر، يحمل معه مفتاحا للنصر، خير من راكب من أول محطة، أقعده تعجل قطف ثمار الفوز مبكرا أو محدودية إبداعه، ولكن على قاعدة ثورة 25 يناير ومكتسباتها وفى القلب منها الشرعية الدستورية وشعار" الثورة فى الميادين، والسياسة فى الصناديق" دون نسيان أن شهداء بالآلاف ارتقوا فى رابعة والنهضة فى سبيل الثورة لإقرار الشرعية وإسقاط الانقلاب. حان الوقت أن نفرق بين ما هو ثورى وبين ما هو سياسى "حزبى"، وأن نفصل بينهما، فالسياسة يجب أن تكون فى خدمة الثورة لا أن تكون الثورة فى خدمة الساسة، والغاضبون من الإخوان لهم مقاعد المعارضة، ومواجهتهم انتخابيا طالما كان الصندوق شفافا والجماهير هى الفصل والحكم والقضاء هو المشرف. إن إسقاط الانقلاب العسكرى الدموى يحقق مطلبين ثوريين مهمين، وهما: إسقاط حكم العسكر ووقف عودة الفلول، أما عودة الشرعية الدستورية على أرضية مطالب الشهداء فهى صمام الأمان لعدم عودة العسكر أو الفلول أو حدوث أى انقلاب على أى رئيس أيا كان انتماؤه مرة أخرى، فضلا عن تمكين الثورة والثوار جميعا، فما للثورة للثورة وما للسياسة للسياسة وكلنا بذلك سننتصر. وبناء عليه نرى أن بناء تحالفات جديدة بشعارات جديدة ومطالب غير متكاملة أو كاملة، كطريقة تشكيل لجان جديدة، لإماتة قضايا حية، وهو ما يعنى ضرورة بقاء التشكيلات الحالية بوضعها، مع التنسيق الثورى، فى المشترك وهو إسقاط الانقلاب العسكرى عبر اجتماعات تنسيقية، وتشكيل مؤتمر سياسى عاجل من القوى الثورية البيضاء المتفقة على التنسيق لإيجاد صيغة سياسية للتعاون والتكامل مع الشرعية الدستورية أو إقرار التنافس على قاعدة الديمقراطية والصناديق واحترام ارادة الشعب، دون أن يؤثر ذلك على المسار الثورى. قد تكون رؤية البعض فى خلق كيان جديد، تلقى قبولا عند المتعجلين لإقرار مصالحة مؤقتة لن تدوم، ولكن ما تم بناؤه على مدار ما يقرب من 5 شهور فى كيان التحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، يجب ألا يضيع باتصالات هاتفية وتصحيح البعض لمساره، فالثورة متصاعدة برؤية واضحة بقيادة واضحة والشعب تجاوب معها، ومن العبث هدم المنزل لبناء آخر جديد بسبب دخول ساكن جديد أو "الحكى فى المحكى"!. إننا نثمن بكل قوة تصحيح بعض النشطاء لمسارهم ودخولهم إلى معركة إسقاط الانقلاب، ومبادرات المصالحة الثورية، ولكن حبنا للوطن ولثورة 25 يناير وللشهداء الإبرار والمعتقلين والمصابين الصامدين، يعلو على مجاملات سياسية لا تجوز فى عرف الثورات، وكلما كان الوضوح مبكرا كان التواصل دائما، ودمتم ثوارا أحرارا حتى نهاية المشوار!. ____________________ منسق حركة "صحفيون من أجل الإصلاح"