فى إيطاليا، قام الأهالى الحقيقيون فى جزيرة "لامبيدوزا" بقذف رئيس الوزراء الإيطالى ومسئولين بالاتحاد الأوربى، عندما غرق قارب للهجرة غير الشرعية محمل بعشرات الفارين من جحيم بلدانهم بالقرب من سواحل الجزيرة، ورغم أن رئيس الوزراء لا علاقة له من قريب أو بعيد بعملية الغرق لأشخاص ليسوا من مواطنى الدولة أو القارة وحتى العِرق واللون، فإن الأهالى أحسوا بمسئولية الحكومة عن التقصير الذى أدى إلى غرق هؤلاء الأبرياء الحالمين بغد أفضل. وبينما يتجلى الشعور الإنسانى بين مواطنى دولة تجاه مهاجرين غير شرعيين من دول أخرى، فإن هناك فى مصر من يغنى للقتلة والمجرمين: "تسلم الأيادى" ويحرضهم على قتل المزيد من أبناء وطنهم ودينهم وعرقهم وجيرانهم، وحتى من ضمن أسرهم. وما يجرى فى مصر يفوق الخيال، إذ لم يكن يتوقع أن يؤيد قطاع من المواطنين قتل قطاع آخر والتنكيل به، تحت أية دعوى أو حجة، ولا يدخل عقل أحد أن هناك محرقة ستتم فى وضح النهار لعدة آلاف من البشر فى الوقت الحاضر. وبين سلوك الإيطاليين الإنسانى تجاه أناس آخرين، والسلوك الحيوانى لقطاع من المصريين تجاه أبناء وطنهم، تتجلى حقيقة الانقلاب الدموى النازى، الذى استخدم وبفجاجة، وسائل الإعلام والدعاية كوسائل قتل وتحريض على كراهية، لاستئصال فريق كان وسيظل يتمتع بالأغلبية. فمن غير المعقول أن يكون أعداء الإنسانية والحياة هم الأكثرية فى مصر، ومن غير المقبول أن يكون المجرمون مؤيدو القتل وحرق البشر أحياء هم الأكثرية، فمال زال المجتمع حيا، يرفض الإرهاب حتى لو صورت وسائل الإعلام الإرهابية الأمور بعكس صورها. وبمرور الأيام تزداد حقيقة الانقلاب الإرهابى الوحشى وقادته الأشرار وضوحا، وينفر منه أصحاب الفِطَر الحسنة والسوية، وكثير من الخاضعين لوسائل الدعاية السوداء التى يشرف عليها مجموعة من لصوص مال الشعب وقطاع الطرق. والمشكلة الكبرى التى يواجهها القتلة خائنو الوطن، هو الفشل الذريع فى التسويق لانقلابهم وهمجيتهم وحيوانيتهم، فالغالبية الساحقة من دول العالم لا تعترف بالانقلاب، وتعى أن هناك مجازر جماعية ومحارق ينفذها بصورة شبه يومية عبد الفتاح السيسى وميليشياته من المرتزقة تجاه المصريين العزل. ورغم مرور أكثر من 120 يوما على كسر إرادة الشعب والخضوع لأوامر الولاياتالمتحدة وإسرائيل، لا زال الانقلاب يستجدى الاعتراف الدولى وحتى الشعبى فى مصر، ووصلت وقاحته للتعاقد مع شركة علاقات عامة أمريكة يقودها صهاينة لتحسين صورة الانقلاب عند السيد الأمريكى، بملايين الدولارات من أموال المصريين الفقراء، والغريب أن الاعلانات والصور التى يروجها مرتزقة الانقلاب فى شوارع مصر نفسها، تباع للمواطنين ولا توزع مجانا، إضافة إلى تأكيدها على عبارة أن 30 يونيو ثورة وليست انقلابا، إيمانا من مروجى مثل هذه الحماقات والدعاية الفاسدة بأن ما حدث هو جريمة وخيانة للوطن، وليست ثورة كثورة 25 يناير التى لم تستجدِ الاعتراف من أحد، ولم ترسل الوفود على حساب الشعب المصرى للترويج لها فى الخارج، ولم تنشر إعلانات مدفوعة الأجر فى الصحف العالمية. وما يزيد الانقلابيين المجرمين غيظا هو فساد وسوء سمعة من يدافع عنهم أو يروج لجريمتهم وخيانتهم، على عكس الرافضين للانقلاب النازى. فمقارنة بسيطة بين الفريقين، تجد المدافعين عن الانقلاب من أنصار الفساد والظلم والقتل وأصحاب المصالح الذين لا يثق بهم إلا من هم على شاكلتهم، ولا ينطقون إلا الكذب ولا يخجلون من أنفسهم، على العكس تماما من رافضى الانقلاب الذين يتحلون بالسمعة الحسنة والسيرة الطيبة، ومعظمهم مستعدون للدفاع عن قضايا غيرهم وحقوقهم ويقدمون بالضرورة خدمات جليلة لمجتمعهم المحلى أو المحيط بهم. من يدافع عن الانقلاب هم الفشلة والذين وصلوا إلى أماكنهم بفساد إدارى ومحسوبية ورشى، كالفنانين فاقدى الموهبة، ورجال الأعمال اللصوص والإعلاميين والصحفيين المرتزقة، والقضاة الفاسدين وغيرهم من الفئات التى قامت الثورة المصرية ضدهم، بينما يرفض الانقلاب الحيوانى الناجحون فى مجالاتهم، وهم العلماء والرياضيون المهرة وأصحاب الضمائر الحية فى شتى بقاع الأرض، ومن يقدمون خدمات للمجتمع ولغيرهم، وكان آخرهم اللاعب المصرى محمد يوسف بطل العالم فى الكونغ فو، الذى ارتدى تى شرت رابعة وهو يتسلم الميدالية الذهبية، وهو ما سبب المرارة لدى أعداء النجاح وكارهى الإنسانية، فاللاعب البطل الذى تضامن إنسانيا مع أسوأ مجزرة فى تاريخ مصر الحديث، لا يمكن للإعلام النازى أن يصفه بالإرهاب أو المخطوف ذهنيا، خاصة وأنه يتوج فى محفل دولى، نتيجة تفوقه الرياضى وبطولته، بينما الفريق الفاشل الذى كان الانقلابيون ينتظرون فوزه على غانا استعدادا للترويج للسفاح وسط الدهماء ورعاع الأمة، رفع أكثر من لاعب به صورا للمجرم القاتل وارتدوا تيشرتات تؤيده، ولم ينطق كائن من المعترضين على بطل الكونغ فو كلمة واحدة تطالب بإبعاد السياسة عن الرياضة. خلاصة القول: الانقلاب إلى زوال، ولن يصمد أمام وعى الشعب وتضامنه الإنسانى ووقوفه ضد الإجرام والإرهاب والعمالة للولايات المتحدة وإسرائيل. فالأبطال فقط هم من يرفعون شعار رابعة، والمرتزقة فقط يرفعون صور السفاح السيسى.