باختصار، ومن الآخر، سقط الانقلاب. سقط سياسيا فى الداخل: حكومة فلول ولصوص ومجرمون، وفشل ذريع فى كل المجالات، ولم يعترف به أى فصيل وطنى فى الداخل. سقط سياسيا فى الخارج، بالرغم من محاولة التجميل والتسويق: عدم اعتراف دولى بالحكومة اللقيطة والانقلاب الفاشى على الشعب. سقط اقتصاديا: انخفاض الاحتياطى النقدى، غلاء الأسعار بشكل جنونى، تراجع الواردات، هروب المستثمرين، توقف كثير من المشروعات، وتسريح العمالة. سقط فئويا: جميع فئات المجتمع تشكل حركات ثورية ضد الانقلاب، "طلاب ضد الانقلاب"، "مهندسون ضد الانقلاب"، مسيحيون ضد الانقلاب"... حتى طلبة المدارس سطروا ملحمة فى سابقة تاريخية وفى تحرك واعٍ غير متوقع من قبل المناهضين قبل المؤيدين، وغيرهم من فئات المجتمع، ولم يبق إلا ضباط الجيش، وحركة "كفار ضد الانقلاب" كما يقترح بعض نشطاء "الفيسبوك". سقط أمنيا: فشل فى احتواء التحرك الشعبى المناهض للانقلاب، رغم القتل والسحل والتعذيب والإرهاب والاعتقال والسجن وتلفيق التهم، بل أدت كل هذه الممارسات إلى اتساع رقعة الاحتجاجات، واتسع - كما يقولون - الخرق على الراقع. سقط إعلاميا: فشل الإعلام فى إقناع القطاع الأكبر من الشعب المصرى بالانقلاب، ولم يعد يخاطب إلا فئة معينة، تتقلص يوما بعد يوم، ال 12 مليون، الناس اللى انتخبوا "شفيق"، شارك فى هذا السقوط جهد الشرفاء فى قنوات الإعلام الحر، وشبكات التواصل الاجتماعى، ومن قبلهم شباب خاطروا بحياتهم لنقل الصورة من قلب الحدث. سقط شعبيا: فالحشود المناهضة للانقلاب تتزايد يوما بعد يوم، والزخم الذى يعتمد عليه الانقلابيون غير موجود (أعنى زخما كحشد مئات الآلاف فى الشوارع صبيحة موقعة الجمل بعد خطاب الرئيس المخلوع العاطفى الشهير)، فطائفة ال 12 مليون أغلبهم غير فاعلين، وهم من حزب الكنبة العفنة التى كادت تقتلنا فى انتخابات الرئاسة فى الإعادة. حتى "كرة القدم" التى اعتمد عليها الانقلابيون كطوق نجاة للحشد فى الشارع وإضفاء أجواء احتفالية "تسند الزير"، ذهبت بها غانا. وفى النهاية يبقى ثبات أصحاب القضية فى الشوارع يوميا لشهور بالملايين، تحت تهديد القتل والسحل والاعتقال، أسهل من حشد آلاف لا يتحرك أغلبهم إلا بالمال. سقط دستوريا: بلجنة من السكارى والحشاشين والقوادين والرويبضة والمنافقين وبقايا النظام البائد، وقوانين وقرارات من حكومة الانقلاب تفتقد لأى شرعية دستورية أو شعبية أو حتى ثورية. فشل فى الحفاظ على الدعم الخارجى، فها هى أموال الخليج بدأت "تقطَّع" تمهيدا لقطعها نهائيا، كماء الصنبور الذى انقطعت عنه الماء، بعد فشل الانقلاب الفج الواضح، وانكشاف هذا الدعم للإعلام والشعب المصرى. ويبقى السؤال.. وماذا بعد؟ ما هى نقطة التحول؟ رجوع الرئيس، أم مقتل السيسى، أم هروب قيادات الانقلاب، أم ماذا؟ ما المتوقع بعد سقوط الانقلاب النهائى فى دولة تعمل كل أجهزتها الأمنية ضد شعبها؟ هل نحن على أعتاب انفلات أمنى مجرم أشد من انفلات 29 يناير الشهير؟ هذا أمر فيه تفصيل، ولا أدعى إلمامى بأطرافه ومسبباته، فأسبابه خفية، ومسببه وحده هو القادر على إحباط كيدهم فى هذه المرحلة الحرجة. ويبقى السؤال.. متى ينتصر الحق النصر المؤزر الواضح؟ متى يحتفل الشعب المصرى فى الشوارع كيوم فرحه بتنحى المخلوع وفوز مرسى بالرئاسة؟ (ويَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا) [سورة الإسراء: 51].