يقول الله تعالى في سورة محمد، الآيات من 25 – 38: (إنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ واللَّهُ يَعْلَمُ إسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إذَا تَوَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وجُوهَهُمْ وأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (28) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) ولَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ ولَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القَوْلِ واللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30) ولَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنكُمْ والصَّابِرِينَ ونَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31) إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ ولا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33) إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34) فَلا تَهِنُوا وتَدْعُوا إلَى السَّلْمِ وأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ واللَّهُ مَعَكُمْ ولَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35) إنَّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ ولَهْوٌ وإن تُؤْمِنُوا وتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ ولا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36) إن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا ويُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37) هَا أَنتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ومَن يَبْخَلْ فَإنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ واللَّهُ الغَنِيُّ وأَنتُمُ الفُقَرَاءُ وإن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) صدق الله العظيم. 1) الحديث عن قوم آمنوا ثم نافقوا أو كفروا، وتبين الآيات أسباب ذلك ومظاهره، وتدعو المؤمنين إلى الثبات وكيفية تجنب مصير هؤلاء المرتدين على أعقابهم. 2) الشيطان هو السبب الرئيسي بتزيين الباطل لهم أو إغراقهم في الشهوات والشبهات. 3) كيف يحدث الاستدارج؟ بطاعة من تبين لهم أنهم يكرهون ما أنزل الله ولو في قليل من الأمور وطاعتهم في المعاصي، وهؤلاء قد يكونون من المنافقين أو الكافرين. 4) المصير والمآل هو إحباط عمل هؤلاء الذين استدرجهم الشيطان وكما ارتدوا على أدبارهم فسيلقون جزاءً مشابها بأن تضربهم الملائكة على أدبارهم ووجوههم. 5) في الوقت المناسب يميز الله بين الصادقين والكاذبين، بين المؤمنين والمنافقين، بين الثابتين والمرتدين، وسبب ذلك هو مرض القلوب من حسد وحقد وغل وكراهية وتنافس على الدنيا، أو بالنص في الآية: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ). 6) هؤلاء لهم ملامح وسمات يعرفهم بها المؤمنون، والأغلب هو "لحن القول". 7) إنه في حقيقته ابتلاء من الله مستمر ليعلم المجاهدين والصابرين، وتظهر أخبار الجميع أمام المسلمين الذين كانوا يظنون بالبعض ظنا حسنا وينخدعون فيهم. 8) سيكون مصير المتآمرين الأصليين من الكافرين إحباط الأعمال، ولن يضروا الله شيئا، والخلود في نار جهنم. 9) يأمر الله المؤمنين الذين ثبتهم الله بطاعة الله ورسوله والثبات على إيمانهم وطاعتهم لله، حتى لا يبطلوا أعمالهم، وعدم الضعف والتخاذل أو الاستجابة لدعوات باطلة باسم السلم، ومقابل ذلك هم الأعلون في الدنيا، وأعمالهم محفوظة لهم. 10) تأتي الدعوة الأخيرة بالإيمان والتقوى والنظر إلى الآخرة، وعدم الاغترار بالدنيا والإنفاق في سبيل الله، وبذل المال عن طيب نفس نصرة لدين الله تعالى. 11) ومع تلك الدعوة يأتي التحذير الشديد بعدم البخل والإحجام لأن الله هو الغني، وإن الدين ينصره المؤمنون المجاهدون الصابرون، ولن يضر الدين شيئا أن يتخاذل البعض أو يرتدوا على أدبارهم أو ينقلبوا إلى منافقين أو يبخلوا بأموالهم وأنفسهم (وإن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ). ثبتنا الله.. والله أعلم