إلى أين تمضى مصر تحت حكم الانقلاب الدموى الباطش؟؟ يوماً تلو الآخر تنحدر مصر من سيئ إلى أسوأ تحت قيادة عصبة غاشمة سفكت دماء المصريين على قارعة الطريق فى مجازر وحشية غير مسبوقة فى تاريخ مصر (كما وصفتها هيومن رايتس ووتش)، وما زال مسلسل القتل العمد للمتظاهرين السلميين والاعتقال العشوائى لمعارضى الانقلاب من مختلف الطبقات والمراحل العمرية متصاعداً حتى رأينا اعتقال أطفال المدارس بتهمة هزلية هى "رفع علامة رابعة"!!!. بعد مرور 100 يوم على الانقلاب يبدو الاقتصاد المصرى فى نفق مظلم، مع انهيار السياحة بعد امتناع الكثير من الدول عن إرسال مواطنيها لمصر نتيجة الفوضى الأمنية والمذابح والاعتقالات العشوائية التى طالت حتى بعض الأجانب (اعتقال ألمان وكنديين وقتل فرنسى داخل السجن)، ومع رفع الشعار الهزلى (مصر تكافح الإرهاب) كان طبيعياً أن تهرب الاستثمارات الأجنبية وأن تقوم عدة شركات عالمية بتعليق نشاطها فى مصر، بخلاف التضخم الواضح وانخفاض القيمة الشرائية للجنيه المصرى مما ظهر فى الارتفاع الكبير لأسعار السلع الأساسية. وجاء الاحتفال بالذكرى الأربعين لحرب أكتوبر لتؤكد أن هذا الانقلاب يتخذ منهجية إشعال الحرب الأهلية عبر تقسيم المجتمع بين مؤيدى الانقلاب المرضِىّ عنهم المحشودين بالتحرير للاحتفال الوهمى بجنرال ليس له أية علاقة بحرب رمضان سوى كونه رجلاً مخلصاً للعدو الصهيونى، وبين معارضى الانقلاب الذين تم سفك دمائهم على أطراف ميدان التحرير بالرصاص الحى وبدم بارد وسط تهليل المتابعين لفقرات من فنون النفاق تبارى فى عرضها الراقصون والغانيات من أذناب الطغاة على مر العصور. تُنبئنا الوقائع بأن مصر على طريق صناعة الفرعون الحاكم نصف الإله، فوسائل الإعلام الحكومية والفلولية جميعها تسبح بحمد السيسى قائد الانقلاب، وتدعوه للترشح، ويبدو أن الرجل قد وجد فى محيط النخبة السياسية والإعلامية المزيفة قدراً من الذلة والهوان والنفاق يكفى لاختراع نصوص دستورية ليس لها سابقة فى دول الموز ولا عند الهالك القذافى، فنرى لجنة الخمسين انقلابى تعتمد نصاً يمنع رئيس الجمهورية ومجلس الشعب من إقالة وزير الدفاع وتعيين آخر!! ويحصر ذلك على المجلس العسكرى المصنوع على عين وزير الدفاع ليصبح الرجل فوق المساءلة وفوق العزل، وهو الفرعون الحاكم بأمره فى شئون البلاد والعباد. ثم يمتهن السيسى كرامة وعقلية المصريين فيطالب صحفى الشئون المعنوية ياسر رزق وأقرانه من مثقفى حظيرة مبارك من عبيد الفرعون وسدنة الاستبداد، يطالبهم بإقناع الشعب الغافل التابع لأبواق الإعلام الفلولى بإقرار تحصين شخص السيسى حتى يضمن بقاءه فى السلطة الحقيقية، إما بصفته رئيساً أو بعودته وزيراً للدفاع محصناً ضد أى رئيس أو مجلس شعب منتخب!! وقد جنى علينا عبيد السلطان هؤلاء حين جعلوا من مصر أضحوكة لدى أمم الأرض، وكأن المتنبى يتحدث عن زمن الانقلاب: (وكم ذا بمصر من المضحكاتِ ولكنه ضحك كالبكاء). أضحت مصر إذاً ضحية لقائد انقلابى خطط للإطاحة بأول رئيس منتخب فى تاريخ مصر، مسخراً الجيش والمخابرات لخدمة أغراضه، ومستغلاً لأحزاب كرتونية أسماها بجبهة الإنقاذ وغيرها من قوى مهدت للانقلاب، وفى سبيل السلطة قتل وحرق الآلاف من الأبرياء فى مذابح بشعة مستتراً بغطاء إعلامى امتهن الكذب والتدليس والاتجار بشعارات وطنية زائفة، والآن يتكشف من التسريبات أنه الحاكم بأمره فى مصر وأنه يسخر صحافة وإعلام ومثقفى الحظيرة كى يبشروا به كرئيس عسكرى لمصر وكأننا لم نصطلِ بحكم عسكرى دام 60 عاماً أذل البلاد والعباد وجعل مصر فى مؤخرة الدول اقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً، ونشر الأوبئة الفتاكة بأجساد المصريين، وأوبئة أخرى أشد فتكاً بعقول البعض المغيبة وضمائرهم المخدرة، نتيجة لحلقة سوداء من إعلام وصحافة الكذب والبهتان. وما زال قائد الانقلاب يخرج علينا بعبارات عاطفية وأداء تمثيلى ساقط وممجوج عن حبه لمصر وعن المصريين الذين افتقدوا من يحنو عليهم، فجاء الديكتاتور كى يقتل رجالهم ويعتقل أطفالهم ونساءهم، يتحدث الممثل المشهور عن جيش كامب ديفيد الذى لا يأكل أولاده، ثم نرى ميلشياته تطلق الرصاص الحى على صدور المتظاهرين فى مختلف أرجاء مصر، وطائراته تطلق الرصاص والغاز على المناضلين ضد الانقلاب فى رمسيس وغيرها، وجنوده يجتاحون دلجا وناهيا وكرداسة، ثم تقوم مدرعاته بدهس المتظاهرين عمداً كما حدث بسيدى بشر قبل أيام. إن الخنوع أو تجرع السم كما طالب بعض المفكرين يعنى أن يتحكم هؤلاء فى مصير البلاد فى انتظار نكسة أنكى من كارثة يونيو 1967، لذا فإن مقاومة الانقلاب السلمية هى الحل الأوحد للنجاة؛ لأن الاستسلام سيعنى فى الحقيقة أن يتجرع الوطن سم الاستبداد والفساد والفاشية، مما سيودى بنا جميعاً وبمقدرات الوطن إلى هلكة لا نجاة منها. لقد صار مستقبل مصر بحسب سدنة الانقلاب حكراً على قائدهم الممثل المشهور وعلى جمهوره من فلول مبارك، وممن سيطر على وعيهم إعلام البهتان ففوضوا فى دماء إخوانهم، وما زالوا يتنادون بضرورة الفاشية العسكرية، فيا له من مستقبل حالك السواد لو ارتضى الأحرار بذاك المصير المظلم لثورة يناير 2011، ولعل أحمد مطر حينما كتب قصيدته لم يتخيل أن تنطبق بحذافيرها يوماً ما على قائد انقلابى يوغل فى دماء المصريين طمعاً فى مجد زائف بمباركة خليجية صهيوأمريكية، والمؤكد أنه لا نجاة لمصر إلا بإسقاط الممثل المشهور. أَهلكنا الممثّلُ المشهورْ أَدَّى على أجسادِنا دَورَهْ أجرى دِمانا قطرةً قَطرهْ وقبلَ أن ينجابَ عنهُ النورْ صَبَّ طِلاءَ الدمعِ والحَسْرَهْ واصطفقَ السِتارُ فوقَ نَعشِنا وصفَّقَ الجمهورْ ! ولم تزلْ فِرقتُنا من أبدِ الدهورْ تُقيم في الهجرهْ ! تَعرضُ كلَّ ليلةٍ لسادةِ القصورْ روايةً مُرَّهْ عن هتكِ عِرْضِ امرأةٍ حُرّهْ ..كانَ اسمُها .. ثورهْ !! حتّى متى نلفُّ حولَ قبرِنا؟ .... حتّى متى ندورْ ؟ لا بدَّ أن تنقطعَ الشعرَهْ .... وَيُكشَفَ المستورْ: عاشَ إِباءُ جوعِنا .... في المسرحِ المهجورْ وَيَسْقُطُ الممثّلُ المشهورْ .... وَيَسْقُطُ الجمهورْ . لا عرضَ بعد اليومِ بالمرَّهْ .... لا عرضَ بالمرَّهْ فَغايةُ القُصورِ في الثورَهْ أَنْ تُعرضَ الثورةُ في القصورْ!