د. درية شفيق: قتل واعتقال المتظاهرين السلميين وتحريم الميدان عليهم دون غيرهم عملية تقسيم خطيرة غير مسبوقة بالعالم د. أحمد مهران: لا يوجد بالقانون ما يمنع من دخول التحرير وجميع التهم الموجهة للمتظاهرين "اسطمبة" سابقة التجهيز وبلا أدلة د. يسري حماد: القمع يستهدف إجهاض اتساع الزخم الشعبي الرافض للانقلاب ولكنه سيفشل والمعنويات مرتفعة أكد خبراء وسياسيون أن مشهد، الأمس الأحد، في مليونية "الشعب يسترد جيشه" كشف ما تمارسه سلطة الانقلاب من قمع وتمييز غير مسبوق لم تشهده مصر بل والعالم أجمع، بأن تُفتح ميادين لفئة بعينها وتُغلق أمام فئة أخرى تمثل أغلبية الشعب، بل تم تلفيق تهم غريبة منها محاولة اقتحام ميدان! مؤكدين أنه لا يوجد قانون أو دستور يمنع دخول ميدان، وكل الميادين يجب أن تفتح للجميع، وحذروا من سياسة تلفيق التهم الجزافية وسابقة التجهيز لمتظاهرين سلميين ذهبوا بسلمية تامة للتعبير عن رأيهم، وتم قمعهم وقتلهم بينما ميدان التحرير مفتوح لفئة ترقص وتغني، مما يعد تفرقة وتمييزا يؤسس لتقسيم المجتمع وتفتيته. وكانت مليونية "الشعب يسترد جيشه" قد شهدت الأحد ارتقاء نحو خمسين من الشهداء وإصابة واعتقال المئات من المتظاهرين السلميين الذين شاركوا بالفعاليات التي دعا لها التحالف الوطني لدعم الشرعية وشباب ضد الانقلاب. فقد وصفت د. درية شفيق - أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان - مشهد التحرير أمس الأحد الذي منع فيه المتظاهرين من دخوله بل تم قتلهم والقبض عليهم بينما فتح الميدان للرقص والغناء، وصفته بالمشهد العبثي، الذي يؤكد على جريمة جديدة للانقلاب وهي أنه أفلح في تقسيم الشعب لفئتين: فئة المحظوظين وفئة المقتولين، المحظوظون سمح لهم بالرقص والغناء بالتحرير، بينما الفئة الأخرى قتل منهم 44 وفقا للرواية الرسمية وأكثر من 50 وفقا لغير الرسمية، وهؤلاء هم الثوار الحقيقيون، ولن يتراجعوا عن مطالبهم أيا كانت التضحيات وما يتعرضون له من قمع وانتهاكات متعمدة. وحذرت "شفيق" في حديثها ل"الحرية والعدالة" من أن مصر بفعل سياسات الانقلاب أصبحت فعليا ينطبق عليها مقولة أفرزها الانقلاب وهي "إحنا شعب وانتو شعب" فهذه سياسة خاطئة أدت لتقسيم الشعب والتمييز بينه، ولم يعد أبناؤه مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، بل فئتين متصارعتين وهي عملية خطيرة. وقمع المتظاهرين وتدليل غيرهم يولد حالة من الكبت المتزايد القابل للانفجار، لافتة لخطورة أن العنف يولد العنف ويؤثر سلبا على التماسك المجتمعي. وحول قيام قوات الأمن بالقبض على المئات من المتظاهرين بتهمة "محاولة اقتحام ودخول التحرير" أكدت "شفيق" أن محاولة دخول ميدان التحرير ليست جريمة، ومن حق جميع المتظاهرين السلميين (وهم بالأمس وكل مليونية سلميون) أن يدخلوا جميع الميادين وليس فقط التحرير، فكل الأماكن والميادين يجب أن تكون مفتوحة أمام كل المواطنين على السواء؛ لأنهم سواسية أمام القانون، فكيف يتم احتكار ميدان لفئة ويحرم على فئة أخرى تمثل أغلبية الشعب؟! مشددة على أنها في طيلة حياتها الأكاديمية كأستاذة تدرس العلوم السياسية لم تسمع عن دولة بالعالم كله تحرم ميدانا على فئة من الشعب وتفتحه لأخرى، معتبرة ذلك إمعانا في نشر روح التشرذم والضغينة بين أبناء الوطن الواحد. ونبهت "شفيق" إلى أن من خطايا الانقلاب أنه لوث ميدان التحرير بعد أن كان أيقونة الثورة ويحاط بهالة تقديس وتبجيل واحترام، الآن أصبح ملتقى الزمر والغناء والرقص لا أكثر ولا أقل، وتحول إلى مسرح كبير، ونزعت عنه كل قدسية وثورية. وفيما يخص اتهام المقبوض عليهم بمليونية أمس الأحد بتهمة حيازة أسلحة واقتحام ميدان أكدت "شفيق" أن هذه الاتهامات غير حقيقية وهي مجرد اتهامات بلا أدلة لتبرير عملية القبض ذاتها، لأنه لا يوجد ما يحول دون التظاهر السلمي وهؤلاء يتظاهرون بسلمية ولم يخربوا منشآت ولم يعتدوا على قوات جيش أو شرطة، ولكن تلفق لهم تهم يعلم معظم الشعب أنها فرية وادعاء باطل. من جانبه أكد د. أحمد مهران - أستاذ القانون العام - أن منع البعض من دخول ميدان وفتحه للبعض الآخر تفرقة عنصرية وتمييز في المعاملة، وممارسات السلطة القائمة من التفرقة بين أبناء الوطن على أساس التأييد والمعارضة دليل على وجود خلل جسيم من هذه الإدارة في التعامل مع الأزمات والفشل في وضع حلول سياسية مناسبة للخروج منها، ويؤكد على وجود تخبط واضطراب تعاني منه هذه السلطة وهي تحاول أن تغير الواقع وتزيفه وتبين وجود مؤيدين للانقلاب وما دون هؤلاء تصفهم ب"الإرهابيين". وتابع "مهران" في حديثه ل"الحرية والعدالة": حيث يتم تصنيف الناس إما مؤيد تصفه بالمواطنين الشرفاء أما الرافضين لعودة حكم العسكر والانقلاب فهم برأيها إرهابيون وحلال استخدام العنف ضدهم وحلال قتلهم!! محذرا من أن ذلك يعد إخلالا بمبدأ المساواة بين المواطنين، وتأجيجا لحرب على الهوية، فالأمر لم يعد فقط قضية الشرعية وعودة الرئيس المنتخب بل أصبح هناك تمييز ضد فئة بعينها. وأوضح "مهران" حقيقة أن المقبوض عليهم بمليونية الأحد "الشعب يسترد جيشه" تم توجيه تهم إليهم لا أساس لها ولا دليل عليها، فهي جرائم فضفاضة هدفها تشويه الصورة وإيجاد مبرر للقمع والتقييد، مؤكدا ثقته بأن المحكمة ستبرئهم، ومنها تهم الشغب والاعتداء على مال عام وخاص وإتلاف منشآت وحيازة سلاح وغيرها، ولن نجد فيديو واحد أو دليل على أن هذا الشخص هو من فعل ذلك، فهي تهم جاهزة ومفصلة و"اسطمبة" وحاضرة ضد كل رافضي الانقلاب من المتظاهرين السلميين. وأكد "مهران" أن محاولة دخول التحرير ليست جريمة ولا يوجد شيء بالقانون أو الدستور يمنع من دخوله أو يحرمه، ولا يوجد أصلا شيء اسمه "محاولة اقتحام الميدان" لأن ميدان التحرير ليس حصنا منيعا، والأصل أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ولا نص بقانون أو دستور يحرم دخوله أو يجرم من يحاول دخوله، مشيرا إلى أنها مجرد جرائم عبثية بلا سند وتمثل نمطا رجعيا ومتخلفا. وشدد "مهران" على أن من قتلوا بمليونية أمس الأحد هم من المتظاهرين السلميين الأبرياء، وهم شهداء لم يحملوا سلاحا ولم يقتلوا ولم يخربوا، ولا يوجد دليل يثبت العكس إطلاقا، قتلوا بدون سبب إلا لأن الانقلابيين متشبثون بالسلطة ولو على حساب الأبرياء الذين يدفعون ضريبة من دمائهم دفاعا عن الحرية بسلمية كاملة. وفي إطار تعليقه على فعاليات مليونية الأمس وما وقع فيها من شهداء ومعتقلين بالمئات، يرى د. يسري حماد - نائب رئيس حزب الوطن - أنه من الواضح أن الزخم الشعبي لرفض الانقلاب يتزايد يوما بعد يوم، وأنه لا يبالغ إذا قال إن عدة ملايين نزلت بعدة محافظات، وأنه كان هناك استعدادات مسبقة لدى قوات الأمن لإجهاضها، فرأينا بطشا شديدا وبلطجة وقتلا وترويعا للمواطنين، ومع ذلك رأينا الصمود والثبات ممن خرجوا وصمموا على التعبير بسلمية تامة وسط إطلاق الرصاص الحي على المسيرات وسقوط شهداء. ووصف "حماد" في حديثه ل"الحرية والعدالة" اتهام المتظاهرين المقبوض عليهم أمس الأحد بتهمة محاولة اقتحام الميدان بالمثيرة للسخرية، فكيف توصف مسيرة سلمية بتهم مثل هذه مما يؤكد عودة الديكتاتورية وتكميم الحريات وضياع مكتسبات ثورة 25 يناير، وعودة لتلفيق التهم لأي شخص بالشارع، متسائلا: كيف يُتهم من سقط منهم 50 شهيدا بخلاف المصابين والمعتقلين بأنهم حازوا أسلحة وغير سلميين، بينما لم يُجرح أحد من البلطجية وقوات الأمن التي اعتدت عليهم، ويعد ذلك استمرارا لإلصاق التهم الجزافية. ومع ذلك كله أكد "حماد" أن الحراك الشعبي الرافض للانقلاب في تزايد، وهناك صمود كبير لديهم، خاصة بين أوساط الشباب وحتى الأطفال، ومعنوياتهم مرتفعة وبروح عالية جدا، ولم تؤثر فيهم مثل هذه السياسات القمعية، برغم مرور قرابة مائة يوم على الانقلاب.