خلال عقود لم يشهد الصحفيون المصريون، وفق ما تقول تقارير حقوقية متواترة، قمعًا وملاحقات ممنهجة وتجريمًا للصحافة وكراهية من السلطات الحاكمة، مثلما يفعل جنرال إسرائيل السفيه السيسي، الذي وصفته تقارير عديدة بأنه عدو صريح للصحافة في مصر، في ظل أجواء قمع غير مسبوقة تتصدّرها دموع ساخنة على خد صاحبة الجلالة. 18 انتهاكًا بحق الصحفيين والإعلاميين المصريين أثناء تأدية مهام عملهم، رصدها التقرير الإحصائي خلال شهر مايو 2019، لمؤسسة "المرصد المصري للصحافة والإعلام"، منها 13 انتهاكًا عن طريق التوثيق المباشر، و5 انتهاكات عن طريق التوثيق غير المباشر. ويتعرّض الصحفيون والإعلاميون عقب انقلاب 30 يونيو 2013 إلى أنماط عدة من الانتهاكات التي تبدأ بالمنع من التغطية، وإيقاف البرامج، ومنع المقالات، مرورًا بالفصل التعسفي، وصولًا إلى التهديدات بالحبس، وتنتهي في بعض الأحيان بالتعذيب أو القتل. المنع من التصوير وجاءت هذه الانتهاكات بنسبة 33.3% للذكور، بينما كانت نسبة 66.7% من الانتهاكات جماعية، وتنوعت تخصصات الصحفيين الإعلاميين الذين وقعت بحقهم الانتهاكات خلال هذا الشهر؛ فكانت هناك 4 حالات انتهاك بحق المُصوّرين الصحفيين، وحالة واحدة لكل من المراسلين، وكاتب مستقل، و6 حالات غير محددة التخصص؛ نظرًا لأنها كانت انتهاكات جماعية. وجاءت هذه الانتهاكات كالتالي: 8 حالات ضد العاملين بالصحف الخاصة، و4 ضد العاملين في الصحف الحزبية، وحالة واحدة ضد قناة خاصة، وحالة واحدة أيضًا ضد صحفي حر، وأخيرًا كانت هناك 4 حالات جماعية لم يمكن تحديد الجهات الفاعلة فيها. وجاءت حالات المنع من التصوير، والتعامل غير اللائق، ومنع طباعة جريدة كأكثر الانتهاكات الواقعة بحق الصحفيين والإعلاميين، مسجلة 3 حالات لكل منها، وبنسبة 16.7% لكل منها، إضافة إلى حالتي منع من التغطية، وأخيرًا كانت حالات الاعتداء بالضرب، تحطيم أجهزة العمل، التهديد بالفعل والقول، تحطيم متعلقات شخصية، سرقة إثبات الهوية، والفصل التعسفي، بواقع حالة واحدة لكل منها. حتى الرياضة! وكانت المؤسسات الرياضية في المرتبة الأولى للفئات الأكثر انتهاكًا لممثلي وسائل الإعلام بواقع 5 حالات، وجاء في المرتبة الثانية كلٌّ من وزارة الداخلية ونقابة المهن السينمائية وجهات رقابية بواقع ثلاث حالات، وفي المرتبة الثالثة المؤسسات الصحفية بواقع حالتي انتهاك، والفئات الأخرى بواقع حالة انتهاك لكل من جهات حكومية ومدنية. ووقعت غالبية الانتهاكات داخل النطاق الجغرافي لمحافظة القاهرة بواقع 77.8% من إجمالي الانتهاكات، ثم الجيزة بواقع 16.7% من إجمالي الانتهاكات، وأخيرًا وقعت نسبة 5.5% من الانتهاكات في محافظة البحر الأحمر، وبواقع حالة واحدة. ووفق "المرصد العربي لحرية الإعلام"، ومقره لندن، فقد أصبحت مهنة الصحافة في مصر جريمة في نظر عصابة الانقلاب منذ الثالث من يوليو 2013، ورغم أن الدستور المصري المعمول به حاليًا وفر العديد من الضمانات لحريتها واستقلالها وحماية أبنائها، ومنع غلق الصحف أو حبس الصحفيين، إلا أن هذه النصوص الدستورية لا وجود لها على أرض الواقع الذي يزداد سوءا يومًا بعد يوم، ويدفع الكثير من الصحفيين للتفكير مليًّا في ترك المهنة إيثارًا للسلامة وحماية لأنفسهم.