- "نجع العاقولة" أحدث الضحايا .. و"مركز الصف" أبرز المستهدفين - الحلول الأمنية والقمعية منهج المخلوع مبارك وطريقة تلميذه قائد الانقلاب - اللواء عادل سليمان: استهداف القرى "جريمة كبرى" وتزيد الاحتقان ضد الجيش والشرطة - العميد محمود قطري: الانتهاكات وإهدار حقوق الإنسان "إنذار خطر" يولد ثورة جديدة - رشاد لاشين: سلمية من يتعرضون للقمع تفضح أكاذيب الانقلاب وتكسبهم مؤيدين جدد لا تزال وتيرة الحملات التي تشنها ميليشيات الانقلاب ضد قرى مصر الرافضة للانقلاب العسكري تتصاعد, وتتزايد معها حدة الممارسات القمعية والانتهاكات التي تمارسها قوات الأمن ضد الأهالي، فلم تعد تقتصر على المداهمات المستمرة للمنازل والاعتقالات العشوائية للعشرات منهم, وإنما تجاوزت ذلك إلى حد استباحة أموال هؤلاء البسطاء والاستيلاء علي مدخرات بعضهم من أموال ومصوغات ذهبية – وكأنها مغانم حرب. لم تعد هذه الممارسات التي تتجاوز أبسط حقوق الإنسان قاصرة على قرى دلجا وكرداسة وناهيا بل انضم مؤخراً إلى قائمة القرى التي استهدفتها قوات الانقلاب "نجع العاقولة" المجاور لقرية دلجا من الناحية القبلية حيث شهد قبل يومين حملة اعتقالات وتمشيط موسعة ضد أبناء النجع من المؤيدين للشرعية, وتعرضت العديد من المنازل التي داهمتها مليشيات الانقلاب لعمليات سلب ونهب. دائرة القمع والانتهاكات تدور وتتسع لتشمل قرى ومناطق جديدة, وهو ما تؤكده التصريحات الأمنية التي خرجت عن أحد المسئولين بوزارة داخلية الانقلاب مؤخراً والتي يؤكد فيها عزم الوزارة اقتحام مركز "الصف" بمحافظة الجيزة تحت زعم أنه أحد البؤر الإرهابية -وهى التهمة التي أصبحت تمثل عنوانا عريضا لتبرير استمرار الحرب ضد كل قرية تتخذ موقفا مناهضاً للانقلاب. واستنكر عدد من الخبراء العسكريين والأمنيين استمرار ممارسات مليشيات الانقلاب ضد قرى مصر, معتبرين أن ما يحدث هو حرب ممنهجة ضد الشعب, تزيد من حالة الاحتقان ضد الجيش والشرطة بما ينذر بإيجاد موجة جديدة من العنف يصعب احتوائها . في البداية اعتبر اللواء عادل سليمان الخبير العسكري أن استمرار المداهمات الأمنية التي تنتهك حريات الأفراد بهذه الصورة التي تمارس ضد بعض القرى تحت مسمى أنها "بؤر إرهابية" هي جريمة كبرى, مشيراً إلى أن هذه الجريمة تزداد جسامتها عندما تكون موجة لأفراد تربو علي على أعراف وتقاليد تعتبر التعدي على حرمات البيوت, إحدى الكبائر كما هو الحال في الريف المصري, وعلى الأخص ريف الصعيد, وكذلك الأمر بالنسبة لقرى وقبائل سيناء والتي تعانى هي الأخرى من نفس الممارسات. ويرى سليمان أن الاستمرار في سياسية المداهمات العشوائية وعدم وجود خطة أمنية واضحة بمقتضاها يتم تحديد أماكن العناصر المطلوبة أمنياً وملاحقتهم دون إيقاع أذى بالمواطنين من شأنه أن يولد حالة كبيرة من الاحتقان ضد الجيش والشرطة وهو أمر وصفه بأنه غاية الخطورة. وأضاف سليمان أنه أصبح لا يخفى على أحد ما يحدث داخل هذه المناطق والقرى والذي تلعب فيه السياسية دور كبير, فبالنسبة لما يحد ث من ممارسات أمنية داخل هذه القرى والتي تُستهدف فيها بعض الأفراد الرافضين للوضع السياسي الراهن واعتقالهم هو أمر سياسي, كما أن ما يحدث في قرى سيناء أمر أيضاً له أبعاد سياسية خطيرة, مؤكداً أنه في جميع الأحوال فإن التجارب على مدار التاريخ تؤكد أن الحلول الأمنية القمعية لا تحقق أي نتائج إيجابية في معالجة أي قضايا سياسية داخلية بل من شأنها أن تزيد من حدة التوترات والاحتقان والتي تعوق تحقيق أي استقرار أمنى ومجتمعي. إنذار خطر عمليات التفتيش والمداهمات الأمنية من الأمور التي لا يجب أن تتم إلا بضوابط ومعايير قانونية واجتماعية معينة والتي يعد الإخلال بها خروجاً على أدبيات الأمن العام. ويشير محمود قطري عميد الشرطة السابق والخبير الأمني أن أهم هذه الضوابط هو أن تتم هذه العمليات وفق خطة أمنية محددة لا يتم خلال تنفيذها تعرض حياة المواطنين الآمنين للخطر أو ترويعهم, وعلى ذلك فإن حصار البسطاء وحرمانهم من ممارسة حياتهم الطبيعة وترويعهم , دون ارتكابهم لأي جرم أو ذنب هو أمر يخالف كافة مبادئ حقوق الإنسان والتي تمثل أحد أهم المواد الرئيسية في مناهج كليات الشرطة. واعتبر الخبير الأمني ما يحدث من تجاوزات حاليا ضد المواطنين في بعض القرى هو تأكيد على استمرار الثقافة الأمنية القمعية التي ترسخت لدى قوات الأمن، محذرا من أن استمرار هذه الممارسات يمثل إنذار خطر, لما يسببه من احتقان عام ضد قوات الأمن, وهو ما من شأنه أن يولد ثورة جديدة, كما كان هو الحال بالنسبة لثورة يناير والتي كان الاحتقان من الممارسات القمعية للداخلية في عهد حبيب العادلي هي الشرارة التي أشعلتها. وطالب قطري بضرورة التوقف عن أي ممارسات قمعية غير مبررة تمارس ضد المواطنين البسطاء داخل القرى المصرية سواء تمثلت هذه الممارسات في الاعتقالات العشوائية أو المداهمات التي تنتهك حرمات البيوت ويتم التعدي فيها على ممتلكات المواطنين والاستيلاء عليها، مؤكداً أن هذا الأمر يمثل انتكاسة كبيرة عن أهداف ثورة يناير. زرع الكراهية وحول التداعيات النفسية لهذه الممارسات القمعية على أبناء القرى يؤكد الدكتور رشاد لاشين الاستشاري النفسي والتربوي بجامعة الأزهر أنه بالرغم من وحشية الممارسات التي تقوم بها قوات أمن الانقلاب ضد قرى مصر الباسلة, والتي انتهكت فيها كل الحرمات واستبيحت فيها حتى أموال هؤلاء البسطاء ومدخراتهم بسبب مواقفهم السياسية المناهضة الانقلاب, إلا أن إصرار أبناء هذه القرى على الاستمرار في مناهضتهم للانقلاب وخروجهم في مسيرات بالرغم مما يتعرضون له من اعتقالات وتهديدات أمنية يؤكد على بسالة وأصالة القرية المصرية على مدار تاريخها. ويرى لاشين أن سلمية هذه القرى وبساطة أبنائها كانت هي الرد الأبلغ على إدعاءات هؤلاء المغرضين بأنها قرى مسلحة وبؤر للإرهاب وغيرها من الأكاذيب التي تم ترويجها ضدهم، معتبراً أن بيان زيف هذه الإدعاءات قد أكسب صفوف معارضي الانقلاب مؤيدين جدد، كما خسر في المقابل الانقلابيون بعض من مؤيديهم. وأضاف لاشين أن أخطر تداعيات ما يمارسه أمن الانقلاب ضد هؤلاء البسطاء داخل القرى والنجوع هو زرع روح الكراهية بين الصغار من الأطفال والشباب لمؤسسات الدولة المنوط حمايتهم وهى الجيش والشرطة، معتبراً أنه أمر يتحمل مسئوليته كل من تسببوا في تشويه صورة هذه المؤسسات لدى أبناء الوطن.