د. إبراهيم العناني: الحل الأمني ضد مؤيدي الشرعية باسم محاربة "الإرهاب" يضرب الاقتصاد والاستثمار والسياحة ويجعل المصالحة أمرا صعبا د. يسري حماد: الانقلاب يستهدف القضاء على المظاهرات السلمية النشطة بدلجا وكرداسة بممارسات تجرمها كل المواثيق الدولية. د. مجدي قرقر: استهداف نظام الانقلاب القرى والمدن الرافضة له يكشف ضعف الانقلاب وحكومته. أكد سياسيون وخبراء أن استهداف القرى والمدن الرافضة للانقلاب وشن حملات اعتقال واسعة في صفوف مؤيدي الشرعية أمر شديد الخطورة، يكرس الحل الأمني لأزمة معلوم جذورها وحلها كذلك، وتتمثل في الاعتداء على الشرعية الدستورية، محذرين من أن قمع رافضي الانقلاب بحجة "محاربة الإرهاب" والترويج لذلك عبر الإعلام يرتب تداعيات خطيرة على مصر، حيث تضرب الاقتصاد والاستثمار والسياحة، وتعطي صورة ذهنية سلبية بأن مصر غير آمنة، وتعقد المشهد ولا توفر بيئة صالحة للمصالحة الوطنية، مؤكدين أن الحلول الأمنية خاطئة وتمثل انتهاكا لحقوق الإنسان والحريات العامة. في إطار تعليقه على عمليات اقتحام قرية دلجا وكرداسة بحجة محاربة "الإرهاب" وتأثيرها على صورة مصر الخارجية واقتصادها، قال د. إبراهيم العناني - أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة عين شمس –: "لا شك أن الأسلوب الأمني في التعامل وكونه مقرونا بشعار عبر وسائل الإعلام أن مصر تخوض معركة ضد "الإرهاب" هو أمر شديد الخطورة حيث يكرس الاعتقاد واليقين لدى شعوب ودول العالم بأن مصر دولة غير مستقرة وغير آمنة مما ينعكس بالسلب على السياحة والاقتصاد والاستثمارات ويضربهم جميعا وفي وقت واحد، مما ينعكس بدوره أيضا على الظروف المعيشية للشعب المصري وتنتقل به نحو الأسوأ". وأكد "العناني" في حديثه ل"الحرية والعدالة" أن هذه المسألة لا يمكن معالجتها بهذا الشكل، فالأسلوب الأساسي والموضوعي للحل ليس الحل الأمني، ولكن مواجهة السبب الرئيسي للأزمة، والجميع يعلم الأسباب والحلول، وهي تتطلب ضرورة الحوار ونظر الأمور مع كل الأطراف دون إقصاء، وإتاحة الفرصة للمشاركة واتخاذ كل الإجراءات لإعادة بناء الثقة وتهيئة الأجواء للتهدئة وبدء الحوار الواسع عن طريق وقف الاعتقالات ووقف الحل الأمني والإفراج عن المعتقلين كتمهيد لمصالحة وطنية، محذرا من أن استمرار عملية الاعتقالات والإجراءات الأمنية تزيد المشهد تعقيدا وتجعل المصالحة الوطنية أمرا مستحيلا في ظل استمرار مثل هذه الأوضاع وتفاقمها. وحول القبض على مؤيدي الشرعية ورافضي الانقلاب بقرية دلجا وكرداسة ووصفهم بالإرهابيين نبه "أستاذ القانون الدولي" إلى أن اعتقالهم أسلوب خاطئ ويعد معالجة أمنية متطرفة للمشكلات، وإذا أردنا التوصل لحل يجب تجنب هذه الأساليب الخاطئة، مشيرا إلى أن جميع الأطراف تعلم جذور المشكلة وكيفية حلها، فجذور الأزمة هو عدم احترام الشرعية وعدم احترام الدستور وعدم احترام الإرادة الشعبية، مما يقتضي من الجميع إزالة هذه الأسباب التي أدت لما نعيشه اليوم من أزمة وطنية. من جانبه أكد د. يسري حماد - نائب رئيس حزب الوطن - أن وقائع اقتحام قرية "دلجا" بالمنيا ثم "كرداسة" الهدف منه القضاء على المناطق الناشطة التي تخرج فيها مظاهرات وفعاليات سلمية مناهضة ورافضة للانقلاب بصفة يومية ومستمرة، حتى تمنع سلطة الانقلاب بل تقضي على المظاهرات السلمية في هذه الأماكن. وقال حماد في حديث ل"الحرية والعدالة": "من الواضح أن الأمن يتعامل معها بعنف وبنفس الأسلوب الأمني فيها جميعا في محاولة لإرهاب المواطنين السلميين العزل بكافة الطرق الأمنية، ويبدو أنه لم يعد شيء لدى الانقلاب إلا الاعتقالات والحلول الأمنية، وليس لديه أي حل سياسي للأزمة حيث تكميم الأفواه والقبض والاعتقال العشوائي لجميع قوى المعارضة لفرض الانقلاب على الشعب بالقوة والعنف، والانقلاب يتهم المواطنين بالعنف والإرهاب في حين أنه هو من يمارس ضدهم العنف". ووصف "حماد" ممارسات قوات الأمن بالإجرامية، وأنها طريقة من طرق الإجرام المجرمة في كافة القوانين والمواثيق الدولية التي تحرم الدخول على مواطن أعزل ثم يعقبه قبض واعتقالات وتشكيلات أشبه بالمعارك الحربية، معتبرا وصول الأمر لتعامل الأمن بهذا الحجم من القسوة والعنف مع الشعب موقفا مخزيا، مستنكرا صمت وتخاذل من تحدثوا عن حريات الرأي والتعبير وحقوق الإنسان الذين أصبحوا مثل "أهل القبور" - على حد وصفه - لا يتحدثون عن الحق في التظاهرات السلمية، بل أصبحت حكرا وحقا فقط لفئة بعينها مرحبا بها، أما قيام مظاهرات معارضة فتقابل بالقمع في ازدواجية صارخة للمعايير. وحول الاتهامات المنسوبة لأهالي دلجا وكرداسة، أوضح "حماد" أنه لا توجد اتهامات حقيقية، والمقبوض عليهم مثلهم مثل آلاف المعتقلين بالسجون، حيث يتم إعداد قائمة سابقة التجهيز فيها بين 17 إلى 20 تهمة بقائمة موحدة لكل مقبوض عليه بنفس الصيغة، ويعد نهج تلفيق التهم معلوما للجميع منذ سنوات طويلة بعهد المخلوع مبارك. ونبه نائب رئيس حزب الوطن إلى أن إعلام الانقلاب يمهد الطريق أمام حملات القمع الأمني، وأصبح للإعلام دور كبير جدا في التمهيد لحشد المواطنين للسكوت على الممارسات القمعية، ويشن الإعلام حملات إعلامية تمهد لحملات أمنية بناء على اتهامات غير حقيقية، مدللا بتهمة الفتنة الطائفية وحرق كنائس بقرية دلجا، بالرغم من خروج قساوسة قالوا إن مجموعات إجرامية هي من حرقتها، أيضا قال الإعلام بوجود سلاح كثيف في دلجا ثم وجدوا خمس قطع سلاح بعد مداهمات لكافة المنازل فيها!! محذرا من أن الإعلام جزء من الحملة الانقلابية، وهو من أسس وشارك بالانقلاب، ويقوم الآن بالدور نفسه لتثبيت أقدام الانقلاب والقضاء على التظاهر السلمي وحرية التعبير والرأي. بدوره أكد د. مجدي قرقر - الأمين العام لحزب العمل الجديد - أن ما يحدث في كرداسة اليوم هو امتداد لما حدث في دلجا منذ أيام، فنظام الانقلاب بعد أن كان يستهدف أشخاصا بدأ يستهدف المدن والقرى الرافضة للانقلاب بحجة مكافحة الإرهاب. وشدد "قرقر" في حديثه ل"الحرية والعدالة" على أن المقبوض عليهم يجب أن تتم عملية القبض عليهم بناء على تحقيقات حقيقية وليست تلفيقات أمنية، لافتا إلى أنه يتم الآن إرهاب المدن والقرى بالطائرات والمدرعات والقوات الكثيفة، وكأن قوات الأمن يحررون قرية محتلة من قبل العدو الصهيوني، وهذا يعكس بشكل كبير الموقف الضعيف للانقلاب وحكومة الانقلاب، وإلا لما لجأت لممارسة هذا العنت الأمني الكبير. وقال "قرقر" أنه يرى الآن صورا لبعض الموقوفين في كرداسة وأيديهم مربوطة للخلف ويجلسون القرفصاء أمام جنود الجيش، ووصفها بالصورة المهينة لجيش وشعب مصر في ذات الوقت، لأننا شعب واحد، بينما ما يحدث عنت أمني شديد، مشيرا إلى أن الموقف برأيه لم يكن يستدعي تدخل الجيش، وقال أنة لابد أن تكون هناك تحقيقات منصفة بمعرفة النيابة فقط وفي حالة التدخل للقبض على المدانيين -أي من تمت إدانتهم بناء على تحقيقات النيابة -يتم القبض على المدانيين بمعرفة الشرطة دون تدخل الجيش.