د. أحمد مهران: إبلاغ الإدارات المدرسية للشرطة عن الطلاب يخالف قانون الطفل. د. سمير عبد الفتاح: استدعاء الشرطة للمدارس يخلق صورة ذهنية سلبية لدى الأطفال عنهم. أحمد خلف: ممارسات الشرطة بالمدارس غير مسبوقة وغير متزنة ورعونة متزايدة من الانقلاب. أكد خبراء أن قيام شرطة الانقلاب بالقبض على أطفال صغار ببعض المدارس لمجرد رفعهم إشارة رابعة أو حمل لافتة، واستدعاء الإدارة المدرسية للشرطة للقبض عليهم، يكشف عما وصفوه بممارسات غير مسبوقة وغير متزنة، فهي فعل غير قانوني ومخالف لحقوق وحريات الأطفال، مؤكدين ل"الحرية والعدالة" أنه لا يجوز استدعاء الشرطة للمدارس في جميع الأحوال والظروف، لا من الناحية النفسية ولا القانونية ولا الإنسانية البحتة، محذرين من أنها تخلق صورة ذهنية سلبية عن الشرطة عند الأطفال، كما أنها ممارسات تكشف من الناحية السياسية وجود أزمة متفاقمة لدى سلطة الانقلاب. فقد أكد د. أحمد مهران - أستاذ القانون العام - أنه لا يحق للإدارات المدرسية ولا للشرطة بأي وجه من الوجوه أن تتعامل مع الأطفال في سن "الحدث" - وهو التوصيف القانوني للطفل تحت سن 18 - على أنه مدان أو مجرم، إلا بناء على حكم قضائي، وحتى بحالة ثبوت جريمة ما بحكم قضائي فإنه يظل الطفل يتعامل معاملة خاصة ولا يدخل السجون العادية، وإنما بدور الرعاية بعد صدور الحكم، فما بالنا بممارسة القمع بدون تهمة أو سند قانوني. وكشف "مهران" ل"الحرية والعدالة" أن مسألة إبلاغ الشرطة عن الأطفال بالمدارس أمر غير قانوني على الإطلاق، ولا يجوز دخولها للقبض عليهم إلا بأمر من النيابة، والنيابة لا تصدره إلا بشروط معينة، وإشارة رابعة أو رفع لافتة ليست بالجرم طبقا لقانون العقوبات حتى يصدر بشأنها قرار ضبط وإحضار من النيابة. ووصف "مهران" التعامل مع الأطفال بهذا الشكل بأنه تعسف وتعنت مع الطلاب، وإبلاغ الشرطة عنهم بسبب رفع إشارة رابعة أمر غير قانوني وغير إنساني ولا يتفق مع القواعد القانونية، وذلك وفقا لقانون الطفل رقم 12 لسنة 96، والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008، فهذا القانون يجرم هذا الفعل، ويلزم الدولة برعاية الطفل وتمتعه بالحقوق والحريات، وليس تقييده واعتقاله، معتبرا هذه الحالة عبثا قانونيا. وأشار "مهران" إلى أن المفترض بالمدارس رعاية وتربية الأطفال وتشجيعهم على ممارسة حقوقهم الدستورية والقانونية، ورفع إشارة أو لافتة هو جزء من حق وحرية التعبير عن الرأي، وهذا حق دستوري نزرعه فيهم ولا يمكن منعهم منه وإلا يعد منعا من ممارسة حقوق دستورية بغرض سياسي لزرع الخوف والرهبة، لضمان عدم وجود أجيال تطالب بحقوقها. وتقييد حرية الرأي والتعبير عند الأطفال هو تربية نشء جديد على الرضوخ وقبول الواقع، وألا يكون له رأي، وإلا سيلقى مصيرا أليما. من جانبه حذر د. سمير عبد الفتاح - أستاذ علم النفس بكلية الآداب بجامعة المنيا - من خطورة استدعاء الشرطة للمدرسة أيا كانت الأسباب؛ لأن الأطفال بالسن الصغير تتكون لديهم صورة ذهنية سلبية لرجل الشرطة في هذه المراحل الأولية للتعليم، وقال: إنه لا يجب استدعاؤهم أبدا لمثل هذه الأفعال، مؤكدا أن العملية التربوية ذاتها كفيلة بالتعامل مع الطلاب من داخل المدرسة وليس خارجها، فيجب بالمدرسة تأسيس علاقات طيبة مع الأطفال وتوفير مناخ إيجابي للتربية والتقويم، مشددا على أن استدعاء الشرطة للمدارس مرفوض مهما كانت الأسباب. ونبه "عبد الفتاح" إلى أن الطفل لديه استجابة عالية جدا للكلمة الطيبة والحوار الهادئ والنقاش والتفاهم، مطالبا بضرورة اهتمام إدارة المدارس بغرس القيم الإيجابية البناءة. وفي إطار تحليله لقضية احتجاز بعض طلاب المدارس من صغار السن من منظور سياسي أوضح أحمد خلف - باحث بمركز الحضارة للدراسات السياسية - أنه لابد أن ندرك بداية عددا من الحقائق المهمة، على رأسها أن الانقلاب ضعيف، ويزداد ضعفه يوما بعد يوم، ويفقد مع الوقت كثيرا من الدعم والغطاء الشعبي الذي كان يحظى به في بداية وقوعه، بسبب أن سلطاته ترتكب جرائم غير مبررة ولا داعي لها، ولا نتيجة تترتب عليها، كما أن ارتفاع واتساع نطاق هذه الجرائم من اعتقالات وقتل وإصابات وتلفيق تهم يؤدي إلى أن تطال هذه التصرفات عددا من مؤيدي الانقلاب أو من في محيطهم الأسري والاجتماعي، ومثال ذلك اقتحام كرداسة ودلجا وغيرها، مما جعل القمع يطال دوائر علاقات الجميع بدوائر العمل والأسرة والشارع، سواء من مؤيدي أو معارضي الانقلاب أو من ليس له حتى موقف محدد. واعتبر "خلف" في حديثه ل"الحرية والعدالة" أن هذا الانخفاض في مساحة تأييد الانقلاب وتقلصها بشكل كبير مؤخرا أوجد ضعفا متزايدا لديه، وهذا الشعور بالضعف هو الذي يؤدي لتصرفات غير متزنة وغير مسبوقة تبدت في طريقة تعامله مع الأطفال، فالانقلاب يخشى أن تكون تظاهرات الأطفال والمراهقين وشباب الجامعات هي المسمار الأخير في نعشه، ولذلك يتصرف برعونة، ويطارد أطفالا صغارا بعضهم قُتل عدد من أهليهم ظلما أو اعتقل، وبالتالي نحن أمام أطفال أصحاب قضية في مقابل انقلاب ليس له قضية أو فكر أو رؤية. وتابع: وبالتالي هو انقلاب ضعيف فكريا وشعبيا، وضعيف أيضا بمجال الأفق والخيال السياسي، فسياساته وتحركاته وأفكاره ضيقة الأفق ومحدودة الخيال، ولذلك هم يعتقدون أنهم حين يذهبون للمدارس بجنودهم بأنهم سيسيطرون على الطلاب؛ لكن يفاجئون بأن كثيرا منهم مصرين على آرائهم وعلى مواقفهم؛ لأن ما تفعله سلطة الانقلاب لا يخفي مدى خطئه وجرمه في حق الشعب وحق هؤلاء الأطفال. ونبه "خلف" إلى أن هذه الممارسات تجاه الأطفال غريبة وغير مسبوقة، حيث لأول مرة يتم احتجاز أطفال صغار، ولكن للأسف سبقها سياسات قمعية تجاه فتيات قُصَّر، بما يكشف أنه لا جديد في ذهنية الانقلاب ولا تحركات نوعية ولا محاولة لاجتذاب قطاعات من الناس، خاصة وأن أحوالهم المعيشية في تدهور مستمر، ويعانون انقطاع الكهرباء، وأزمة وقود، وتسريح عمال، بما يقنع قطاعات أخرى بالتراجع عن دعمه؛ لأنه لم يعد عليها بفائدة، بما يؤكد ضعف مواقف الانقلاب ورعونة الأداء لأنه يعيش في أزمة حقيقية.