قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية: إنه مع حالة الحراك الشعبي في بعض البلدان العربية مثل الجزائر والسودان وليبيا، يراقب الديكتاتوريون المتوترون من نوافذهم تزايد حشود الجماهير، متسائلة: “هل يتكرر الربيع العربي؟”. وأضافت الصحيفة الأمريكية في تقريرها، اليوم الأربعاء، أنه في الوقت الذي تلاشت الآمال المستوحاة من انتفاضات الربيع العربي عام 2011 منذ فترة طويلة، إلا أنه وفي أنحاء شمال أفريقيا بدأت الأصداء تجتاح المنطقة مرة أخرى وتهز الحكومات المستبدة وتطرح أسئلة جديدة عن المستقبل. وذكرت الصحيفة أن محاولة اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا بترسيخ حكم استبدادي جديد يعيد إلى الذاكرة النتائج التعيسة للانتفاضات في مصر والبحرين وسوريا واليمن. إلا أن الدرس استفاد منه شباب الجزائر والسودان، وهو أن الاحتجاجات السلمية بأعداد كبيرة يمكن أن تطرد حتى الدكتاتور الأكثر رسوخا، والآن يقول المتظاهرون في السودان والجزائر: إن القادة العسكريين في كلا البلدين يتبنون بالفعل تكتيكات نظرائهم في مصر. واستشهدت الصحيفة الأمريكية بما قاله إسلام لطفي، أحد قادة الانتفاضة المصرية عام 2011، بأن “التاريخ يعيد نفسه” وإن ما يحدث الآن “كأنه رؤية سابقة”. واعتبرت الصحيفة أن الأهم من ذلك كله هو أن اندلاع الاضطرابات الجديدة في أنحاء شمال أفريقيا تذكير بأن معنى تاريخ الربيع العربي لا يزال محل خلاف مرير. وأشارت إلى أن الحكومات الاستبدادية في جميع أنحاء المنطقة سعت إلى إقناع الشعوب بأن الثورات الشعبية لن تؤدي إلا إلى الهرج والمرج، إلا أن شباب الجزائر والسودان تعلموا درسا مختلفا وهو أن الاحتجاجات السلمية بأعداد كبيرة يمكن أن تطرد حتى الدكتاتور الأكثر رسوخا. وأشارت الصحيفة إلى أن تجدد الاضطرابات في أنحاء شمال أفريقيا أكد فكرة أن المشاكل الأساسية التي تفجرت في الانتفاضات السابقة استمرت في التفاقم، بما في ذلك ارتفاع أعداد الشباب الساخطين والاقتصادات المغلقة والفساد العاجزة عن استيعاب الباحثين عن عمل والحكومات الاستبدادية التي لا تستجيب لشعوبها. ونبهت على أن استقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لعبد الفتاح السيسي في البيت الأبيض أمس يقول بعض المثقفين إن الاضطرابات الجديدة بمثابة تحذير من مخاطر هذا الاحتضان الوثيق لمثل هؤلاء الحلفاء المستبدين. وألمحت الصحيفة إلى ما قاله فيليب جوردون، منسق سابق لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبيت الأبيض في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، أن الاضطرابات في بلدان مثل الجزائر والسودان أكدت أن الدكتاتوريين مثل السيسي لا يمكن الاعتماد عليهم لتحقيق الاستقرار الدائم. وقال غوردون “إذا كان النظام عاجزا عن أن يكون أكثر استجابة لمواطنيه فسوف ينتفضون مجددا في النهاية”، وأضاف “القمع وحده لا يمكن أن ينقذك إلى الأبد، وعليك أن تعامل شعبك بشكل أفضل”. ومضت الصحيفة بأن الناشطين في السودان والجزائر، والحزبيين على جانبي الصراع في ليبيا، يقولون إنهم يقاتلون لتفادي مصير الدول العربية التي انتفضت في 2011، وأشارت إلى أن كل تلك البلدان باستثناء تونس إما أنها سقطت في فوضى أو عادت إلى السلطوية.