في الوقت الذي يقوم فيه جنرال إسرائيل السفيه السيسي بهدم عشرات المساجد في مصر، تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتحويل متحف “آيا صوفيا” إلى مسجد، معتبرًا ذلك “مطلبًا يتطلع إليه الشعب التركي والعالم الإسلامي منذ سنوات”. وقال، في مقابلة تلفزيونية الليلة الماضية: “مسألة تحويل اسم آيا صوفيا إلى متحف خطأ كبير، وقد آن الأوان لاتخاذ خطوة لتغيير هذا الوضع، وبناء عليه لن يتم ذكر آيا صوفيا كمتحف حيث سيخرج من وضعه هذا، وسنذكره كمسجد”، وأضاف “وسيأتي السياح من كل مكان ليزوروا مسجد “آيا صوفيا” وليس متحف آيا صوفيا، كما يزورون مسجدي السلطان أحمد والسليمانية بإسطنبول”. وحول ردود الفعل الغربية لمثل تلك الخطوة، قال الرئيس “البعض يخرج علينا ليطلب منا ألا نفعل ذلك، وهم لا يتحدثون ببنت شفة حيال ما يحدث من اعتداءات على المسجد الأقصى، حيث يدخله الجنود بأحذيتهم ويلقون بالمصاحف على الأرض، فنحن مسلمون ومثل هذه الأمور تضايقنا، لذلك على الصامتين حيال ذلك ألا يخرجوا ليعلمونا ما نفعل أو لا نفعل”. هدم في مصر وما بين مصدق ومكذب، تتوالى أخبار هدم مساجد في محافظة الإسكندرية المصرية، وبعد استبعاد وتشكيك جاءت الصور ومقاطع الفيديو لتقطع الشك باليقين، مؤكدةً أن ما كان يحذّر منه البعض أصبح حقيقة واقعة، وخلال أقلّ من خمسة أشهر فقط، طال الهدم ثمانية مساجد في محافظة الإسكندرية وحدها، كان آخرها مسجد "الإخلاص" قبل يومين، لينضم إلى مساجد "عزبة سلام"، و"فجر الإسلام"، و"التوحيد"، و"عثمان بن عفان"، و"نور الإسلام"، و"الحمد"، و"العوايد الكبير". رسميًا، تعددت التبريرات المقدمة من سلطات الانقلاب لقرارات الهدم بين الشروع في إنشاء محور مروري جديد يحمل اسم "شريان الأمل" وما يستلزمه ذلك من ردم "ترعة المحمودية" وهدم ما حولها، بما في ذلك هذه المساجد من جانب، وإعلان وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية الشيخ محمد خشبة عن أن "هدم المساجد العشوائية في منطقة غيط العنب يهدف لإنشاء مساجد جديدة" من جانب آخر. المثير أن وكيل وزارة الأوقاف في حكومة الانقلاب نفسه سبق أن ذكر- في حديث صحفي في ديسمبر الماضي- أن هدم المسجد جاء بناء على "تعليمات عليا"؛ لأن مكانها سيدخل في مشروع المحور الجديد، ربما لا يستدعي الأمر توقفاً طويلاً، خصوصا في ظل وجود تبرير من عصابة الانقلاب، لكن تكرار الإغلاق والهدم في محافظات أخرى وتصريحات متكررة تحذّر من دور المساجد تطرح علامات استفهام عديدة. وحتى يونيو 2014، بلغ عدد المساجد والزوايا التي صدرت قرارات بإغلاقها في الإسكندرية وحدها 909 مساجد بدعوى مخالفتها للشروط والضوابط المنصوص عليها في القانون، وفي يوليو 2016 وافق وزير الأوقاف في حكومة الانقلاب محمد مختار جمعة على هدم 64 مسجدا على مُستوى الجمهورية؛ لوقوعها ضمن نطاق توسعات مزلقانات هيئة السكك الحديد، بينها 12 مسجدًا في مركزي طلخا وشربين بمحافظة الدقهلية. السيسي يحارب المآذن وبعيدًا عن أعين الإعلام، وفي مايو 2015 تعرضت خمسة مساجد للهدم في محافظة شمال سيناء بإشراف مباشر من الجيش، هي مساجد "الوالدين"، و"الفتاح"، و"النصر"، و"قباء"، و"قمبز"، وسبق أن هدمت قوات الجيش مساجد أخرى في سيناء عبر قصفها بالطائرات المروحية، خصوصًا في مدينتي رفح والشيخ زويد- بدعوى محاربة الإرهاب. ولم تكن جامعة القاهرة بعراقتها بعيدة عن عمليات هدم المساجد، ففي تصريحات لصحيفة الوفد مطلع نوفمبر 2015 قال رئيس الجامعة- آنذاك- جابر نصار: إنه "تم تحطيم جميع منصات إطلاق صواريخ التطرف والعنف والإرهاب داخل الجامعة، من خلال افتتاح مسجد لأداء الشعائر داخل الجامعة، وإلغاء جميع المصليات التي كانت تستخدم في نشر الفكر المتطرف داخل الجامعة". وقبيل رمضان الماضي، طالب وزير الأوقاف في حكومة الانقلاب فروع وزارته في عددٍ من المحافظات بمنع الصلاة في قرابة 25 ألف مسجد وزاوية، وخاطبت وزارة الأوقاف المحافظين بحظر بناء المساجد والزوايا أسفل العمارات السكنية أو بينها دون إذن مسبق من الوزير؛ "كي لا توظف لأغراض لا تتفق مع الخطاب الديني". ولم يكن السفيه السيسي بعيدًا عن "استهداف المساجد وربطها بالإرهاب"، ففي حفل تخرج طلاب الكلية الجوية في يوليو 2016 وبحضور جنرال إسرائيل شخصيًا نفّذت طائرات حربية مصرية مناورة تحاكي عملية ل"محاربة الإرهاب"، تضمنت قصف مجسم مسجد بحجة أنه يحمي إرهابيين. واستخدمت في المناورة مروحيات عدة من أنواع مختلفة، إضافة إلى مجموعات قتالية من وحدات المظلات، وقبل شهر من "مذبحة المسجدين" في مدينة كرايست تشيرتش النيوزيلندية، دعا السفيه السيسي- في خطابه أمام مؤتمر ميونيخ للأمن- الأوروبيين إلى مراقبة المساجد في الغرب، وحثّهم على "الانتباه لما ينشر في دور العبادة". حضور وتصريح دفعا البعض لربطهما بما أصاب مسجدي "رابعة العدوية" و"الفتح" في القاهرة بُعيد الانقلاب العسكري الذي قاده السفيه السيسي عام 2013.