استعانت سلطة الانقلاب العسكرى، ب"ترزية اتهامات"، لتفصيل أكاذيب تناسب المرحلة الانقلابية الحمقاء، على غرار ترزية القوانين، التى كانت سببا مباشرا فى الإطاحة بالمخلوع، ولكن بمراجعة تلك الاتهامات تتأكد أنها ستكون وبالا على الانقلابيين، ليس لأنها تؤكد الإفلاس فحسب، ولكن لأنها تشكل جرائم فى حد ذاتها!. وما بين الاتهامات - التى هى نسخة بالكربون تقريبا من الاتهامات التى وجهت لثوار 25 يناير - لفت نظرى كلمة "المساس" وتكرارها: "بث دعايات كاذبة بالداخل والخارج من شأنها المساس بالسلم والأمن العام، وبث دعايات فى الخارج من شأنها المساس بالأمن القومى للبلاد" وهل هذا اتهام غير ذلك؟!! ضف إليه اتهاما جديدا ومثيرا للسخرية والاستنكار، وهو "الجهر بالصياح على نحو يثير الفتنة"!. وهنا نشير إلى نقطة محورية، وهى أن ثورة 25 يناير هى القانون، وأن الانقلاب العسكرى جريمة فى حد ذاته يعاقب عليها هذا القانون، وأنه ليس صحيحا ما يقال عن أن الثورات هى قمة اللاقانون، لأن الثورات السلمية الشعبية الحقيقة - لا السينمائية - تخرج لإعلاء سيادة القانون وتحقيق منظومة العدالة ضمن أهداف أخرى كثيرة، وهو ما حدث فى ثورة 25 يناير المجيدة الملهمة، وموجتها الثورية الحالية لاستعادتها وإقرار الشرعية والكرامة ودحر الانقلاب. وبناء عليه، فإن اتهامات الانقلابيين فى حد ذاتها تشكل جرائم ضد القانون؛ لأنها تحاسب الثوار على مقاومتهم السلمية لهم، لرفض جرائمهم ومجازرهم ومحاربتهم للقواعد المستقرة قانونا ودستورا فى العالم بأسره، وانتهاكاتهم لحقوق الإنسان والشرعية واستقرار الدولة. وإن كان مبارك وعصابته متورطين فى جرائم قتل المئات فى ثورة 25 يناير، فإن قادة الانقلاب بقايا عصابة مبارك، مسئولون عن جرائم إبادة جماعية، لما يقرب من 6000 شهيد، وإصابة 20 ألف ثائر، واعتقال ما يزيد عن 10 آلاف ثائر اعتقالا سياسيا، وإهدار المال العام، وإلغاء النظام القضائى، وتغيير العقيدة القتالية للقوات المسلحة، وخيانة الرئيس المنتخب واحتجازه، وتعطيل الدستور الشرعى، وحل مجلس نيابى محصن قضائيا من المحكمة الدستورية، وغيرها من آلاف الاتهامات، وهو الأمر المزعج لهم والمنتج لتلك الاتهامات "الفشنك". إن دحر الانقلاب العسكرى الدموى، وليس "المساس" به، بكل السبل الثورية السلمية، هو واجب قانونى ووطنى، وشرف قومى وعروبى وإسلامى ما بعده شرف؛ لأنه انقلاب قام ضمن ما قام ليسقط مصر الثورة والإسلام والعروبة والحريات، ليعود بمصر إلى المخلوع وقمعه والتبعية الصهيوأمريكية. إن استمرار الانقلاب يعنى استمرار الجرائم ضد القانون والقضاء والعدالة والإنسان، وهو يظهر يوميا فى قرارات فاشية فاشلة، واقتحامات إرهابية جائرة، وتخبط إدارى واسع، وغلاء فاحش فى الأسعار، وعدوان بشع على استقلال السلطة القضائية بحيث صارت منعدمة الوجود، وإذلال يومى للمواطن بسبب الحظر وقطع الكهرباء والمياه وغير ذلك الكثير. لا شرعية للانقلاب وقراراته ومنظومته الفاشية التى تغيب العدالة وتلاحق الأحرار ظلما وعدواناً، فالسيادة الآن للشعب الثائر فى ميادين الشرعية والكرامة، والكلمة كانت ولازالت لمطالب الشهداء الذين ارتقوا للسماء، ينتظرون ساعة الحسم وإنزال سيف العدالة الحقيقة على الانقلابيين الإرهابيين. لقد قام الانقلاب على باطل، وما أقيم على باطل فهو باطل، وهو والعدم سواء، ولن ينفع الانقلابيون "ترزية اتهامات" للثوار، من عينة " المساس بالباذنجان"!، و"العطس على نحو يثير الغثيان"، ففى أول محطة بعد نجاح ثورة الشرعية والكرامة بإذن الله سينطقون بالحق ويبرئون الثوار من تهمة المساس بالباذنجان حيث سيقولون: "لا مساس.. لا مساس"!. _____________ منسق حركة "صحفيون من أجل الإصلاح"، والكاتب المتخصص فى الشأن القضائى