الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
إعلان أوائل الثانوية الأزهرية دون احتفال |اعتماد النتيجة بنسبة نجاح 65.1٪ علمى و45.5٪ أدبى
برلماني: دعوات الإخوان للتظاهر خبيثة وتخدم أجندات إرهابية"
أسعار الذهب اليوم 26 يوليو في ختام التعاملات
ميناء دمياط.. 39 عامًا من التطوير
الإمارات تعلن استئنانف عمليات إسقاط المساعدات جوًا في غزة
بسبب حملة يقودها ترامب.. وكالة ناسا ستفقد 20% من قوتها العاملة
8 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف خيمة نازحين جنوب قطاع غزة
مقتل مدني جراء هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية في كورسك الروسية
القوات الإسرائيلية تستعد لاعتراض السفينة "حنظلة" المتجهة لكسر الحصار عن غزة
بعثة منتخب الدراجات تطير إلى الجزائر للمشاركة في البطولة الإفريقية للمدارس
البحث عن مسنة أسفل عقار أسيوط المنهار.. الأمن يواصل جهوده
وفاء عامر ترد على تضامن نقابة المهن التمثيلية معها
سميرة عبد العزيز: الفن حياتي والمخرجون طوّروا أدواتي
"التزمت بالمنهج العلمي".. سعاد صالح توضح حقيقة فتواها بشأن الحشيش
جامعة المنصورة تطلق القافلة الشاملة «جسور الخير 22» إلى شمال سيناء| صور
الحكم بحبس أنوسة كوتة 3 أشهر في واقعة هجوم النمر على عامل سيرك طنطا
محافظ المنيا يضع حجر الأساس لمبادرة "بيوت الخير" لتأهيل 500 منزل
البحوث الإسلامية ردًا على سعاد صالح: الحشيش من المواد المخدرة المذهبة للعقل والمحرمة
هل تجنب أذى الأقارب يعني قطيعة الأرحام؟.. أزهري يوضح
بريطانيا: يجب على إسرائيل السماح بإدخال المساعدات لغزة
احذر- الأكل حتى الشبع يهدد صحتك
إعلام إسرائيلي عن مصادر: الوسطاء يضغطون على حماس لتخفيف مواقفها
بعد كسر خط مياه.. توفير 8 سيارات مياه بالمناطق المتضررة بكفر الدوار
ترامب: سأطلب من كمبوديا وتايلاند وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب
ضبط سائق ميكروباص يسير عكس الاتجاه بصحراوي الإسكندرية
ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟.. أمين الفتوى يجيب
مواعيد القطارات على خط القاهرة - الإسكندرية والعكس
يا دنيا يا غرامي.. المجلس الأعلى للثقافة
الكشف على 394 مواطنًا وإجراء 10 عمليات جراحية في اليوم الأول لقافلة شمال سيناء
عقوبة الإيقاف في الدوري الأمريكي تثير غضب ميسي
وزير الشباب: تتويج محمد زكريا وأمينة عرفي بلقبي بطولة العالم للاسكواش يؤكد التفوق المصري العالمي
تعرف على موعد الصمت الدعائي لانتخابات مجلس الشيوخ 2025
الأهلي يعلن إعارة يوسف عبد الحفيظ إلى فاركو
محمد شريف: شارة قيادة الأهلي تاريخ ومسؤولية
كلمتهم واحدة.. أبراج «عنيدة» لا تتراجع عن رأيها أبدًا
دور العرض السينمائية تقرر رفع فيلم سيكو سيكو من شاشاتها.. تعرف على السبب
غدا آخر موعد للتقديم.. توافر 200 فرصة عمل في الأردن (تفاصيل)
وزير قطاع الأعمال يتابع مشروع إعادة تشغيل مصنع بلوكات الأنود بالعين السخنة
بيراميدز يقترب من حسم صفقة البرازيلي إيفرتون دا سيلفا مقابل 3 ملايين يورو (خاص)
إخلاء سبيل زوجة والد الأطفال الستة المتوفيين بدلجا بالمنيا
انتقال أسامة فيصل إلى الأهلي.. أحمد ياسر يكشف
أحمد حسن كوكا يقترب من الاتفاق السعودي في صفقة انتقال حر
وزير الأوقاف يحيل مخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة
بعد إصابة 34 شخصًا.. تحقيقات لكشف ملابسات حريق مخزن أقمشة وإسفنج بقرية 30 يونيو بشمال سيناء
جامعة الأزهر تقرر إيقاف سعاد صالح لحين انتهاء التحقيق معها بعد فتوى الحشيش
"القومي للطفولة" يشيد بقرار محافظ الجيزة بحظر اسكوتر الأطفال
مصر تدعم أوغندا لإنقاذ بحيراتها من قبضة ورد النيل.. ومنحة ب 3 ملايين دولار
سعر الحديد اليوم السبت 26-7-2025.. الطن ب 40 ألف جنيه
إصابة سيدة في انهيار منزل قديم بقرية قرقارص في أسيوط
الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه
تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 154 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها
الجيش الإسرائيلي: رصد إطلاق صاروخ من جنوب قطاع غزة
وزير الإسكان يتابع مشروع إنشاء القوس الغربي لمحور اللواء عمر سليمان بالإسكندرية
رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)
وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي
95 جنيهًا لكيلو البلطي.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم
حازم الجندي: فيديوهات الإخوان المفبركة محاولة بائسة للنيل من استقرار مصر
دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
إِهْلَاكُ اللهِ لِلظَّالِمِين .. لِمَاذَا .. وَمَتَى .. وكَيْف؟
عبد الرحمن البر
نشر في
بوابة الحرية والعدالة
يوم 07 - 03 - 2019
– كثْرةُ الهَالِكِينَ علَى مَدارِ التَّارِيخ:
الحمدُ للهِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحْبِهِ ومَنْ والاه، واهتَدَى بهداه.
وبعدُ؛ فإذا استقرأْنَا التاريخَ فسوفَ نجدُ قرىً ظالمةً كثيرةً أهلكها اللهُ، ولم يبْقَ منها إلا آثارٌ شاخِصةٌ شاهدةٌ على الظالمين الذين سكَنُوها، قال تعالى ?وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا?، وقال تعالى ?كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ? أي نَادَوْا حِينَ لا يَنْفَعُهُمْ فرارٌ ولا ملجأٌ من ذلك العذابِ الذي عايَنُوه.
– اللهُ لا يُهْلِكُ القُرَى ظُلْمًا بلْ بسببِ أنفسِهِم وبعدَ أنْ يُقِيمَ عليهم الحُجَّة:
قال تعالى ?وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ?فلِلْإِهْلاكِ شرطان: أنْ يبعثَ الرسولَ يتلو آياتِه، فيُكَذَّبَ ويُكْفَرَ به وبما جاء به، وأنْ يظلمَ أهلُ القرى ويعتَدُوا، ومن ثَمَّ لا تكونُ لهم حجَّةٌ بين يدي الله ?وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى?. فإذا رأيتَ تَسَارُعَ الظالمين في الظلمِ واغترارَهم بالمهْلَة فأَبْشِرْ بِقُرْبِ هلاكِهم، فقد قامتْ عليهم الحُجَّة.
– الظُّلْمُ أهمُّ أسبَابِ الهَلاك:
حين تطالِعُ آياتِ القرآنِ ترى أسبابًا متعددةً لإهلاكِ اللهِ لأُمَّةٍ من
الأمم
، لكنَّ أكثرَ الأسبابِ ورودًا في القرآنِ هو الظلمُ، بكلِّ صورِه وأنواعِه، وقد جعله اللهُ سببًا لقطْعِ دابِرِ مرتكبيه، فقال ?فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا?.
ولا يتركهم الحق سبحانه حتى يُقِرُّوا على أنفسهم بالظلم، وفي الحديث: «مَا هَلَكَ قَوْمٌ حَتَّى يُعْذِرُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ»، قيلَ لابنِ مسْعُودٍ: كيْفَ يكونُ ذلك؟ فقرأَ هذهِ الآية: ?فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ?.
وهذا ما ينتظِرُ الظالمين في كلِّ حِين ?وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ? أي: مثلَ ذلك الجزاءِ بالإِهلاكِ العامِ نجزِي القومَ المجرِمين في كلِّ زمانٍ ومكانٍ. وليس الظالمون اليومَ بأكرمَ من سلَفِهِم من الظالمين.
– يقينُ المُؤْمِنينَ بإِهْلاكِ اللهِ للظَّالِمين:
مضى قضاءُ الله بوعدِه لأهل الحقِّ بإهلاكِ مَنْ ظَلَمَهم وبتوْريثِهم مساكنَ الظالمين، حتى لا يهتَمُّوا بتهديدِ الظالمين ولا يكترِثُوا بوعيدِهم ?وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ. وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ?.
ولذلك فاليقينُ الذي لا يفارِقُ قلوبَ المؤمنين أنَّ اللهَ سيُهْلِكُ الظالمين، وإنْ لم يعلموا متى ولا كيف يفعلُ ذلك، بل وليس لهم أنْ يقترِحُوا على الله موعدًا ولا كيفيةً، فهو العليمُ الحكيمُ، والقرآنُ يحدِّثُنا عما جرى بين موسى وقومِه حين هدَّدهم فرعونُ، فكان أول ما واجَه به بنو إسرائيلَ موسى أنْ ?قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ?. فهذا هو اليقينُ الذي عند موسى، والذي يجبُ أنْ يملأَ قلوبَ كلِّ المؤمنين.
– يُهْلِكُ اللهُ الظَّالِمِينَ مِنْ حيثُ لا يشعُرون:
جرتْ سنةُ الله أنْ يكونَ الأخذُ للظالمين من حيثُ لا يشعرون ولا يحتسِبُون، بل ربما أهلكَهم من حيثُ يظنُّون النجاةَ، كما حدث مع قومِ شُعيب، الذين أرسلَ عليهم عَذَابَ يَوْمِ الظُّلَّةِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ وَهْدَةً (موجة من الحر الشديد) فَأَخَذَتْ بِأَنْفَاسِهِمْ حَتَّى نَضَّجَتْهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ، فَخَرَجُوا يَلْتَمِسُونَ الرَّوْحَ، فَخَرَجُوا مِنْ قَرْيَتِهِمْ، فبَعَثَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ سَحَابَةً حَتَّى إِذَا أَظَلَّتْهُمْ وَاجْتَمَعُوا تَحْتَ ظِلِّهَا، أَسْقَطَهَا عَلَيْهِمْ، فَأَحْرَقَهُمْ».
وقومُ عادٍ لما رأوا الريحَ والسحابَ ظنُّوها خيرًا لهم، و?قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ. تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ? وفي الحديث: «مَا فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَادٍ مِنَ الرِّيحِ الَّتِي أُهْلِكُوا بِهَا إِلاَّ مِثْلَ مَوْضِعِ الْخَاتَمِ، فَمَرَّتْ بِأَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَحَمَلَتْهُمْ وَمَوَاشِيهِمْ، فَجَعَلَتْهُمْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَهْلُ الْحَاضِرَةِ مِنْ عَادٍ الرِّيحَ وَمَا فِيهَا قَالُوا ?هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا?، فَانْقَلَبَ أَهْلُ الْبَادِيَةِ وَمَوَاشِيهِمْ عَلَى أَهْلِ الْحَاضِرَةِ».
وكان صلى الله عليه وسلم يتخوَّف إذا هاجت الريحُ؛ خشيةَ أن تكونَ مثل الريح التي أهلكتْ عادًا، ويقول كما في الصحيح «يَا عَائِشَةُ مَا يُؤْمِنِّى أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا».
أما بنو النَّضِير، فقد أهلكهم اللهُ، بعد أنْ حسبوا كلَّ شيءٍ وأخذوا بجميع الأسبابِ المادية، حتى اعتقدوا أنه لا أحدَ يستطيعُ أنْ يُخرجَهم من حصونِهم لمتانتها وقوتها، فأخرجَهم من غير أنْ يُكلِّفَ المسلمين اصطدامًا مسلَّحًا ولاقتالًا ضاريا ?هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِى الْمُؤْمِنِين فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأبْصَار?.
وهذا كلُّه وغيرُه كثيرٌ مما يُطمئِنُ المؤمنين إلى رعايةِ الله لهم وقدرتِه أنْ ينصرَهم بما شاءَ وكيف شاءَ في كلِّ زمانٍ ومكان، ما التزموا بتعاليم دينه ?وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ?، بالكيفيَّة التي يشاءُ، وفي الوقتِ الذي يُريد.
– أَشَدُّ أوقاتِ المِحْنَةِ هي الَّتي تسبِقُ النصرَ للمؤْمِنينَ والإهلاكَ للظَّالِمين:
أشدُّ فُصولِ المحنةِ خطرًا وأثقلُها وطأةً على نفوسِ المؤمنينَ هي التي تسبِقُ النهايةَ، وإنْ شئتَ فانظر فيما جرَى لقومِ لوطٍ، فقد ضاق قلبُه حين أتاه الملائكةُ ?وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ?.
ولم يكن يعلمُ ولا كان قومُه يشعُرُون أن هذا الفصلَ العصيبَ الأشدَّ هو الفصلُ قبلَ الأخيرِ في قصةِ الصراعِ بين الصلاحِ والفسادِ، وإذا بالضيوفِ يُبَشِّرونه بنهايةِ القومِ مع الصباح ? إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ. فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ. مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ?.
وانظرْ إلى دعاءِ النبي صلى الله عليه وسلم يومَ بدرٍ لتعلمَ ضخامةَ الشِّدَّةِ التي كان فيها المسلمون، وهو يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: «اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ»، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ?إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ?. فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ.
ثم بعدَ هذه الشِّدَّةِ أنزل نصره، وجعل الخِذْلانَ على المجرمين، وانكسرتْ قريشٌ انكسارًا عظيمًا، وجعله الله يومَ الفُرقان.
– قد تكونُ النهايةُ في غايةِ القُرْبِ، وظواهِرُ الأمورِ على عكسِها تماما:
قد يكون المؤمنون في حالةِ تَخَوُّفٍ شديدٍ من الاستئصالِ، ولا يَدْرُون أنَّ النصرَ أقربُ ما يكون منهم، ففي قصة هلاكِ فرعون وملئِه قال تعالى ?فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ. قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ?، ومع أنَّ موسى عليه السلام يُوقِنُ بذلك إلَّا أنه لم يعرفْ كيف يتمُّ ذلك، حتى أمره الله أنْ يضربَ البحرَ بعصاه، ولما نَجَوْا وخطَر ببالِه أن يضربَه بعصاه مرةً أخرى لينطبقَ حتى لا يلحقَهم فرعونُ وجنودُه قال له ربُّه: ?وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ?.
– بعد الشِّدَّةِ العظيمةِ والزلزلةِ يكونُ نصرٌ عظيمٌ:
النصرُ الذي يأتي به اللهُ بعد زلزلةٍ وشِدَّةٍ للمؤمنين يكون نصرًا عظيمًا قليلَ الكُلْفةِ عظيمَ الأثر، وانظُر إلى النصرِ بعد الزلزلةِ في غزوةِ الأحزابِ، كيف كان نصرًا بدونِ إراقةِ قطرةِ دمٍ مسلمةٍ، وكيف كانت نتيجتُه عظيمةً بالتخلُّصِ من اليهودِ، وبإعلانِ انتهاءِ خطرِ غَزْوِ
المدينةِ
من قِبَلِ أيٍّ كان، وقال النبي صلى الله عليه وسلم « الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلَا يَغْزُونَا»، وقال الله تعالى ?وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا. وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا. وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا?.
وانظُر إلى النصرِ الذي منَّ اللهُ به على بني إسرائيل بعد ما لاقَوْا من بلاءِ فرعون، كيف كان نصرًا عظيمًا للغاية، حتى ورِثُوا بلادَ الشام، ومن بعدها مصرَ، في الوقتِ الذي دمَّر اللهُ فيه ما كان يصنعُ فرعونُ وقومُه ?وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُون?.
– متى يحصُلُ الهَلاكُ للظّالِمِين:
مع أنَّ المؤمنَ يتمنَّى أنْ يُعَجِّلَ اللهُ العذابَ للظالمين، فإنَّ الآياتِ والأحاديثَ تبيِّنُ لنا أنَّ لِعَذابِ الله ميعادًا لا يعلمُه إلَّا هو، ولا يُعْجِلُه عن ذلك عَجَلَةُ المؤمنين ولا إحساسُهم بشِدَّةِ الوَطْأةِ، فإنَّ حِكْمتَه اقتضتْ أنْ يُنْزِلَ عذابَه بالظالمين في وقتٍ هو يعلمُه ?وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ. مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ? أي: لهلاكِها أجلٌ مُوَقَّتٌ قد كتبْناه لهم، لا نُعذِّبُهم ولا نُهلِكُهم حتى يبلغوه، فلا يَنْزِلُ بهم قبل موعده ولا يتأخر عنه ?وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا. وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا? أي: وقتاً معيّنًا لا مَحِيدَ لهم عنه، فليس ما يراه الناسُ من التأخيرِ إهمالًا لهم ولا عفوًا عنهم ?وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ? ومعناه: أنَّ اللهَ تعالى يُنْظِرُهم ويُمْهِلهُم ثمَّ يأخذُهم أَخْذَ عزيزٍ مُقْتَدِر، وفي الصحيحين: «إِنَّ اللهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْه». ثم قرأ ?وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ?.
صحيحٌ أنَّ كثرةَ المظالم تُوحِي باقترابِ أَخْذِ اللهِ للظالمين، لكن قد يمدُّ الله للظالمِ في الأسبابِ حتى يستكثرَ من الظلمِ ?وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ. وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ?، وقد تكرَّر استكبارُ فرعونَ وادعاؤُه الألوهيةَ، واقترفَ من الجرائمِ والعظائمِ الكثيرَ قبلَ أنْ يُغرقَه الله تعالى. فثِقُوا باقترابِ نصرِ الله وأنتم تروْن تتابُع الانقلابيِّين في الظلم.
– كيْفَ يأخُذُ اللهُ الظَّالِمِين:
مما اختصَّ اللهُ تعالى نفسَه به: تحديدُ الكيفيَّةِ التي يُعاقِبُ بها الظالمين، فقد أخذ عادًا بعذابٍ، وثمودَ بعذابٍ، وفرعونَ بعذابٍ، وهكذا ?فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ. وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ?، وقال تعالى ?فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ?. فلا تشغلْ نفسَك بالكيفيةِ التي سيأخذُ بها الظالمين، لكن كنْ على تمامِ الثقةِ بأنه سيأخذُهم.
– الدعوةُ للنَّظَرِ في مصائرِ الهالِكينَ للاعتِبار:
حتى لا يكونَ لأحدٍ حجَّةٌ بين يدي الله تعالى فإنَّ الله دعا الخلقَ أن ينظروا فيما جرى للظالمين مِنْ قبلِهم، ويتأمَّلُوا سننَ الله فيهم ?أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ? أي: جعلناهم قادرِين من حيثُ القُوى والأسبابُ والآلاتُ على أنواع التصرفاتِ في الأرضِ ما لم نجعلْه لكم من القوةِ والسَّعةِ في المالِ والاستظهارِ بالعَدد والأسبابِ، فمن العجَبِ أن تمشُوا في مساكنِهم، وتَرَوْا ما حلَّ بهم، ولا تعتبِروا بما حصل لهم ?وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ?.
وحتى لا يتصوَّرَ أحدٌ أنَّ الهلاكَ كان للسابقين فحسبُ؛ فإنَّ القرآنَ العظيم يؤكد أن سننَ الله ماضيةٌ في كلِّ مَنْ فَعَلَ فِعْلَهم ?أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ. ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآَخِرِينَ. كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ? أي: تلك سنةُ الله في معاملةِ المجرمين، فلا محيصَ للظالمين عنها، فلْيَطمئنَّ المؤمنون بالًا ولْيَثِقُوا بأنَّ ظالميهم ليسوا استثناءً من قانون الله، وسيهلكُهم في الميعادِ الذي حدَّده سبحانه.
– إِهْلاكُ مَنْ كانَ أَشَدَّ منَ الظَّالِمِينَ الحَالِيِّين:
في كلِّ جيلٍ يتصوَّرُ الظالمُون الجدُدُ أنهم استثناءٌ من قانونِ اللهِ تعالى في إهلاكِ الظالمينَ، فجاءت الآياتُ توضِّحُ أنَّ اللهَ قد أهلك السابقين، ممَّنْ كانوا أكثرَ وجاهةً، أو أشدَّ قوةً، أو أعظمَ بأسًا، أو أشدَّ بطشًا، فقال تعالى ?وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا?، فلم يحْمِ هؤلاء من نزولِ عذابِ الله فيهم عُلُوُّ طبقتِهم الاجتماعيةِ التي يدُلُّ عليها حُسْنُ أَثاثِهم، وحُسْنُ مَظْهرِهم وشارَتِهم وهيئَتِهم، ولم تُغْنِ عنهم مكانتُهم الاجتماعيةُ شيئًا عندَ الله.
وهدَّد اللهُ تعالى كفارَ
مكةَ
بأنَّ
الأممَ
الماضيةَ كانت أشدَّ منهم بطشًا وقوةً، وأكثرَ منهم عددًا وأموالًا وأولادًا، فلمْ يحْمِهم ذلك من عذابِ الله ?فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ?.
كما أهلكَ القرى التي هي أقوَى من أهلِ
مكة
، ولَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجلَّ عَلَيه ?وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ?.
وقد بحثَ السابقون وفتَّشُوا في البلادِ علَّهم يجدونَ مهربًا من الهلاكِ فلم يجدوا ?وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ?، وهل يمكنُ الفِرارُ من الله إلَّا إليه؟ لو كانوا يعلمون.
وإذا كان الظلمةُ الجددُ يتصوَّرون أنهم قد امتلكُوا كلَّ أسبابِ القوةِ، فقد ضرب اللهُ لهم مثلًا بمن قبلهم ?وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى?، فقد دعاهم نوحٌ ألفَ سنةٍ إلا خمسين عامًا كلما نشأَ قرنٌ كان أظلمَ من سابِقِه، حتى كان الرجلُ يأخذُ بيد ابنِه فيحذِّره منه؛ تتابعًا في الضلالة ? وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا. إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا?، ولكنَّ طولَ مُدَّةِ المحنة لا يعني الإهمالَ ولا إفلاتَ الظالمِ على الإطلاق ?وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ?. فلا تَبْتَئِسْ بما تَرى من مظاهرِ قُوَّة الظالمين، فإنهم لنْ يُعجِزوا الله شيئا.
– وفي الختام:
فإنَّ اللهَ لا يعْجَلُ بعجلةِ أحدِنا، بل يُوصِي نبيَّه والمؤمنين بالصبرِ وعدمِ الاستعجالِ، واليقينِ بهلاكِ الفاسقين ?فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ?، وذلك ما يجبُ أن يكونَ عليه الثوارُ الأحرارُ الذين يخوضون معركةَ الحريةِ والكرامةِ مع الانقلابيينَ الدمويينَ المفسِدين، بالصبرِ الجميلِ، والسلميَّةِ المبدِعةِ، والوحدةِ الجامعةِ، والثقةِ الكاملةِ في نصرِ اللهِ للحقِّ الذي يحملونَه، والأملِ الواسعِ في النصرِ العزيزِ المرتقبِ ?وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ. بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ?.
المقالات لا تعبر عن رأي بوابة الحرية والعدالة وإنما تعبر فقط عن آراء كاتبيها
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
ويستعجلونك بالعذاب
الظلم وسقوط الدول وإنهيار الأمم وخراب الديّار
عقوبة موالاة الظالمين في القرآن الكريم
تفسير سورة الحاقة
قد خلت من قبلكم سنن
أبلغ عن إشهار غير لائق