عودة الشرعية الدستورية ليست قرارا لأحد، ولا رأيا يُنتظر من أحد، ولا منة، هي حكم الشعب في الصناديق بل والميادين، والحكم الشعبي عنوان الحقيقة، والحقيقة أقوي من الرصاص، والحقيقة هي الأساس في مواجهة اللاشرعية والأوهام والإرهاب العسكري الدموي! والشرعية الدستورية تعني عودة الرئيس المنتخب، ومجلس الشورى المنتخب المحصنة بحكم قضائي نهائي غير قابل للطعن، والدستور الحائز على أعلى نسبة دعم شعبي في العالم، ورحيل الانقلابيين الإرهابيين الفاشلين، ومحاكمة القتلة المجرمين. والمبادرات السياسية التي تتحدث بعيدا عن الشرعية الدستورية، حرث في الماء، وضجيج بلا طحن، ومسكنات لسرطان "الانقلاب" الذي يجب استئصاله قبل أن يدمر الوطن، فضلا عن أنها لا تؤسس لدولة محورية قوية ومهيبة، ولا تعطي للشعب الحق في الحياة الدستورية الطبيعية، التي تقوم على حقه في تحديد مصير وطن وفق نظام ديمقراطي سليم، وتجعل الوطن في مهب ريح أي لئيم كذاب أشر. ومن هنا، يمكننا الجزم بأن عودة الشرعية الدستورية، هي مكسب للجميع، بعد أن اتضح للكافة عودة الدولة البوليسية الإجرامية وانتقام بقايا نظام مبارك من ثورة 25 يناير والشعب الذي دعمها، والعنف الدموي المفرط، وإفساد العقيدة القتالية للجيش المصري العظيم واستنزافه، وتجميد المسار الديمقراطي، وإعلاء الحلول الأمنية الإجرامية ضد كل أبناء الشعب حتى من المنافقين للانقلاب والمؤيدين له. إن عودة الشرعية الدستورية تمنح الجيش قبلة الحياة، بعد أن تلاعب به البعض، للتخديم على مصالح سياسية انقلابية مخالفة للدستور والقانون ولوائح القوات المسلحة، وتصحح المسار الخاطئ الذي انحرف بالعقيدة القتالية له، وتوقف أية محاولة لتكرار الخيانة في الجيش في أي مستوى، وتطهره من تلوث بعض أبنائه في إراقة دماء المصريين بعد محاسبة ناجزة لمن تورط في الدماء، وتهب له الفرصة لاستكمال قوته على الحدود والثغور انطلاقا من الثكنات. إن عودة الشرعية هي بوابة إحياء الحياة السياسية السليمة في مصر، التي تعتمد على احترام الإرادة الشعبية التي لا تحسمها الميادين طالما كانت الصناديق نزيهة وشفافة، والقائمة على تداول السلطة، عبر جهد سياسي على الأرض بين الناس، ومعارضة قوية لحكومة قوية، ومناخ ديمقراطي يسمح بالمنازلة السياسية بينهما. كما أنها فرصة للمؤيدين للانقلاب، للتراجع خطوة للوراء، وإجراء مراجعات فكرية جذرية بين أبناء الفكر اليساري والليبرالي والقومي، تحول دون تكرار اللجوء للعنف والدبابات لتجميد الديمقراطية، وانتزاع السلطة من الخصوم السياسيين، بدون المسار الديمقراطي الشعبي، والتواطؤ مع بقايا المخلوع، فضلا عن دراسة دورهم في توفير غطاء سياسي وإعلامي لإراقة دماء المصريين، وإبداء الموقف الإنساني والسياسي المرتقب بالاعتذار والمشاركة في حماية ثورة 25 يناير. وهي كذلك فرصة لرافضي الانقلاب وداعمي الشرعية، لتصحيح الأخطاء السياسية التي تمت، والتزام الخط الثوري في مؤسسات الدولة العميقة الزاخرة ببقايا مبارك، وإقرار شراكة حقيقة مع شركاء ثورة 25 يناير، ومد يد الدعم لهم لفترة انتقالية تزيح عنهم مخاوف الخسارة المتتالية أمام الصناديق، مع حسم ملفات تطهير مؤسسات الأمن والعدالة، والارتقاء بالاقتصاد، بأفكار نابعة من الجميع، خاصة المعارضة، لإسعاد الشعب الحر. إن عودة الشرعية ترد الجميل للشعب، الذي من حقه على الجميع ساسة وتنفيذيين، سواء عسكر أو مدنيين، أن يجد مساحة من الوقت للتجاوب مع المشاريع السياسية على قاعدة ثورة 25 يناير، استعدادا لأي استحقاق ديمقراطي يخدم الثورة أو مناكفات بقايا مبارك والانقلاب، حتى يحقق للوطن آماله بعد آلاف الشهداء، وأن يجد مساحة للعمل والإنتاج وكسب الحلال بعد فترة من الخسائر الاقتصادية المروعة علي يد الانقلابيين، فضلا عن أن تجد أمهات الشهداء بادرة للقصاص من القتلة الذين استخدموا نفس البندقية من 25 يناير حتى الآن ضد شركاء الثورة. كما أن في عودتها درسا قاسيا لقادة الانقلاب الدموي المتحالفين مع مافيا المصالح والفساد والتبعية الصهيوأمريكية، الذين ظنوا أن قتل المصريين وقمعهم وترويعهم وسحق إرادتهم، وتقسيمهم بإيقاع "إحنا شعب وهما شعب"، هي سبيل حصولهم على مناصب زائلة وإعادة نظام مبارك القمعي الفاسد، وتأمين أنفسهم من ملاحقة لا تسقط بالتقادم ولا حتى بعد عشرات السنين، كما هي فرصة ذهبية حقيقية لهم لتسليم أنفسهم ليد العدالة الدنيوية، حتى يتطهروا من الدماء قبل محكمة العدل الإلهية يوم لا ينفع سيسي ولا منصور. إن إسقاط الانقلاب وحكم العسكر دون عودة الشرعية الدستورية كاملة، كإنقاذ مواطن من حريق برميه من الدور العشرين، وإن عودة الشرعية الدستورية دون شراكة سياسية حقيقة ومحاسبة القتلة والتزام ثوري، كحرق المواطن بعد سقوطه من الدور العشرين، والوطن – المواطن - لا يستحق مزيدا من الحرق ولا مزيدا من السقوط! ثوروا تسعدوا.. وأبشروا بتحرر الأوطان ___________________ منسق حركة "صحفيون من أجل الإصلاح"